طريق نجاح الدعوى القضائية

أول أساس لمعرفة حقك هو ماذا يقول الشرع أو النظام، وليس ماذا تريد أنت أو فلان؟ الحقيقة أن كثيرا من القضايا التي يتنازع فيها الناس يمكن إنهاؤها في بدايتها لو بحث كل طرف في حقه وحق الآخرين بشكل محايد وموضوعي، ولكن المشكلة دائما تتكرر أن كل طرف يتمسك بما يريد هو وليس بما يقول القانون، وبهذا كثيرا ما يضاعف الطرف الخاسر من خسارته بمجرد عناده وجهله.
ولكن ما الحل الأمثل كي لا يقع هؤلاء في وضع قانوني ضعيف؟
لا يمكن لبناء بُني في الأساس بشكل معيب وضعيف ثم عندما ينهار جزء منه يتم إلقاء اللوم على من يحاول معالجته، فقد يستطيع المعالج أن يقوم بإصلاحه، ولكنه قد يكون مضطرا أحيانا لإعادة البناء كليا ونقض البناء الحالي، وهكذا القضايا القانونية، فالإعداد لها يبدأ من حين التعاقد بين طرفي النزاع وهيكلة العقود التي يوقع عليها الأطراف، فهي تشكل القاعدة الأساسية لتحديد حقوق الأطراف وضمانها والحفاظ عليها، فعندما تكون تلك القاعدة التعاقدية ضعيفة؛ فإن المساحة التي قد يختلف عليها الأطراف ستكون واسعة بالتأكيد، ولكن لن يقتصر الأمر على ذلك؛ فعند الخلاف واللجوء للمحكمة أيضا فإن القاضي يحكم دائما بناء على ما أمامه من مستندات وأوراق موقعة بين الأطراف، ولا يمكن أن يحكم بشيء غير متفق عليه ولا يقتضيه النظام بوضوح.
بعد التأكد من وضع العقود بشكل مهني وهيكلة جيدة لها؛ تأكد أنك قد حفظت حقوقك إلى حد كبير، وأن مساحة الخلاف المحتملة مع الأطراف قد تقلصت كثيرا، كما أن نسبة نجاحك في المطالبة بحقوقك عند الخلاف ستكون عالية أيضا، ولكن لن يقف الأمر عند هذا الحد؛ حيث يجب اتباع إجراءات تلك العقود والخطوات التي تنص عليها العقود ذاتها عند وجود نزاع أو مطالبة، كما يجب مراعاة ما تنص عليه الأنظمة ذات العلاقة أيضا.
بعد ذلك؛ يجب أن تدرس القضية من قانوني مختص، وفي بعض الأحيان عندما يكون النزاع فيه جانب محاسبي أو هندسي دقيق مثلا؛ فإنه يجب إشراك مختص لأجل بناء الرأي القانوني بشكل أكثر دقة، ومن ثم يكون لدينا رأي قانوني يمكن الوثوق به قبل الذهاب للمحكمة، ومن خلاله يمكن تحديد الجدوى من الذهاب للمحكمة أو عدمها. فإذا خرجت الدراسة بجدوى رفع قضية أمام المحكمة؛ فإنه يجب أيضا مراعاة الاشتراطات الإجرائية التي تنص عليها الأنظمة ذات العلاقة، كالتأكد من الإبلاغ الصحيح للخصم ومراعاة المدد النظامية وهكذا من الإجراءات.
وأخيرا؛ يجب تقديم لائحة الدعوى بشكل مهني احترافي، وأن يكون كل طلب مدعما بمستنداته النظامية سواء التي تم التعاقد عليها أو النصوص النظامية الخاصة بها وتزويد المحكمة بها.

المزيد من مقالات الرأي