النمو في الاقتصاد المحلي لعام 2018

الناتج المحلي أو الناتج القوميGross Domestic products GDP هو أحد المؤشرات المهمة لصحة الاقتصاد، وهو يمثل حجم ما ينتجه الاقتصاد من سلع وخدمات في العام، أو في بعض الأحيان كل ربع سنة، ولكن الأغلب الاعتماد عليه كمؤشر سنوي، ونمو الناتج المحلي يدل على أن هناك نشاطا أكبر للاقتصاد، وبالتالي زاد حجم الاقتصاد تبعا لذلك، ولعل الأهم في المسألة أن الاقتصاد في المملكة شهد انكماشا ضئيلا العام الماضي، وأصبح في هذا العام يصحح مساره في اتجاه النمو، ولعل التحديات التي كان يواجهها الاقتصاد في هذا العام، والتي من أبرزها الإجراءات الحكومية، ومنها فرض ضريبة القيمة المضافة، إضافة إلى ضريبة السلع الانتقائية، ومن ضمنها أيضا الإجراءات الحكومية فيما يتعلق بالرسوم الخاصة بتجديد إقامات المقيمين في المملكة، إضافة إلى الإجراءات الصارمة فيما يتعلق بتوطين الوظائف في القطاع الخاص، التي كان البعض يرى أنها ستؤثر كثيرا في الاقتصاد. كما أن التحديات الإقليمية والدولية فيما يتعلق بالاقتصاد كانت تعد تحديا يواجه المملكة خلال الأعوام الماضية، وفي هذا العام أيضا، كما أن توقعات نمو الاقتصاد في المملكة كانت لا تتجاوز 1.5 في المائة، ومن ثم ارتفعت إلى مستوى 1.6 في المائة، ثم ارتفعت التوقعات إلى 1.7 في المائة، والآن ارتفع سقف التوقعات لهذا العام ليصل إلى 1.9 في المائة بناء على ما ذكره صندوق النقد الدولي، ولا شك أن في هذا دلالة على متانة الاقتصاد في المملكة؛ إذ إنه بعد الإجراءات المشددة هذا العام، ورحيل كثير من القوى العاملة الأجنبية، التي كانت أحد أسباب زيادة الاستهلاك وزيادة الطلب على السلع والخدمات، إلا أن الواقع يدل على أن القوى العاملة الأجنبية لها أثر أكبر فيما يتعلق بتحويل الأموال للخارج، بدلا من التأثير فعليا في الناتج القومي، وهنا تأتي أهمية النظر إلى الجانب الإيجابي من الإجراءات الحكومية الحالية، خاصة فيما يتعلق بالتوطين، خصوصا أنها حسنت من أداء بعض الشركات من جهة الخدمات والترشيد في المصروفات التشغيلية؛ بسبب الاعتماد على القوى العاملة الأجنبية، الذي كان يمثل هدرا في الفترة الماضية. النمو في توظيف المواطنين محليا له أثر كبير في الاقتصاد والناتج المحلي من جهة أن ما يحصل عليه المواطن من دخل رغم أنه أعلى من القوى العاملة الأجنبية، إلا أن له آثارا إيجابية، منها أن ما يحصل عليه المواطن من راتب فسينفقه في الداخل، وهذا سينعكس على السوق وحجم الاستهلاك الذي هو أحد أهم الأمور، التي تعزز من الإنتاج في السوق. إن إدراك السوق خصوصا القطاع الخاص أن التوجه إلى التوطين خيار استراتيجي حكومي، سينعكس على مسألة ترشيد النفقات التشغيلية، حيث إن انخفاض أجور العاملين كان دافعا لعدم الترشيد، كما أن التوطين له أثر إيجابي كبير، وفيه مرونة تستفيد منها الشركات، فعند الحاجة إلى موظف لدى الشركة تواجه صعوبات في التوظيف؛ بسبب الحاجة إلى مجموعة من الإجراءات إلى أن يصل الموظف إلى الشركة، وقد لا يكون مؤهلا للعمل، وغالبا ما يكون تأهيله ضعيفا، كما أن عامل اللغة واستيعاب الثقافة في المجتمع يؤثران في مسألة إنتاجيته، في حين أن المواطن يمكن توظيفه خلال فترة وجيزة، كما أنه في حال عدم قدرته أو التزامه في العمل، فإن مسألة إنهاء عقده أسهل من القوى العاملة الأجنبية التي غالبا ما تستمر عقودهم مددا طويلة. فإجراءات التوطين فيما يظهر نتائجها على عكس ما يدعي البعض، حيث إن أثرها ليس في الاقتصاد الكلي فقط من جهة تخفيض مستوى البطالة، بل إن أثرها إيجابي أيضا في القطاع الخاص من جهة أن الأموال التي يحصل عليها الموظف ستذهب إلى السوق، وتزيد في حجم القوة الشرائية، كما أنها ستعزز من كفاءة التشغيل في القطاع الخاص والعناية بكفاءة الإدارة والحد من الهدر. والخلاصة أن زيادة التوقعات الخاصة بنمو الاقتصاد مؤشر إيجابي، ودلالة على محدودية أثر الإجراءات الحكومية فيما يتعلق بضريبة القيمة المضافة، وزيادة تكلفة الطاقة والوقود، وزيادة الرسوم على القوى العاملة الأجنبية، وإجراءات التوطين، وهذا يدل على أمور، منها متانة الاقتصاد، وأنه دافع للقطاع الخاص لزيادة كفاءته التشغيلية، وأن التوطين سيكون له أثر في الحد من التحويلات الأجنبية، وزيادة القوة الشرائية في السوق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي