بيت الخبرة

مُنِحت إحدى الجهات صلاحية وضع سلم رواتب وهيكل وظيفي لمنسوبيها. ورغبة في تقليل التكاليف وإلغاء الاعتماد على بيوت الخبرة التي انتشر عوارها في الفترة الأخيرة، قرر رئيس المصلحة أن يكون لجنة برئاسة نائبه لشؤون الموارد البشرية لاقتراح الهيكل الوظيفي وسلم الرواتب. كانت الثقة بقدرات الرجل ومعرفته وشخصيته القيادية الموجه الأكبر للقرار.
اكتشف رئيس المصلحة أنه ارتكب خطأ جسيما بقراره ذلك، فقد اعترض أكثر من 80 في المائة من منسوبي القطاع على المقترح الجديد رغم أنه ضمن زيادة لا تقل عن 10 في المائة لكل فرد من منسوبي القطاع، لكن كان هناك كثير من التجاوزات التي اتضح من خلالها أن اللجنة المشكلة لم تقصر في تحقيق آمالها وطموحاتها الشخصية.
ألغى رئيس المصلحة قرارات اللجنة وعاد للبحث عن بيت خبرة يستطيع أن يعينه في تحقيق الهدف الأساس من إعطاء المصلحة الاستقلالية المطلوبة للإبداع والتفوق والمنافسة على المستوى العالمي.
أزعم أن أكبر مشكلة تواجه الإدارة في العالم كله وليس العالم العربي فقط هي: تداخل المصالح conflict of interest. عندما تكون للموظف مصلحة في القرار القادم أو يطوله خطر أو أثر أيا كان نوعه، فسنواجه مشكلة حقيقية سببها النفس البشرية وطبيعتها التي تميل إلى الاستحواذ والأنانية. صحيح أن هناك أشخاصا يستطيعون أن يوازنوا بين طموحهم والمصلحة العامة، لكن المجازفة في أمر كهذا قد تكون كارثية.
كذلك، عندما نلجأ لبيت الخبرة لا يمكن ترك الحبل على الغارب ونعطيه "الخيط والمخيط" خصوصا إذا كان الخبير من خارج المنظومة ولا يعرف عنها شيئا. هناك قواعد رئيسة يمكن التعرف عليها وتطبيقها بشكل عام، ويبقى التفرد الذي يتعلق بمجال العمل ومستويات المنافسة وطبيعة الأعمال المطلوبة والمستويات القياسية العالمية التي يمكن أن نبني عليها قراراتنا.
يفرض هذا كله علينا أن نكون حريصين في اختيار من نتعامل معه، ونطالبه كذلك بأن يوجد في كل مكان ويتعرف على كل الظروف التي يعمل فيها منسوبو القطاع. يمكن أن ندخل عناصر أخرى ذات علاقة من ضمنها جاذبية المواقع وتوافر الخدمات والمزايا المقدمة وغيرها من أمور تشكل المنظومة الكاملة وتعطيها وزنا يمكن بناء عليه أن نرسم صورة منطقية وعقلانية ومقبولة لكل ما يميز أو يعيب الوضع الوظيفي من نواح عملية وشخصية واجتماعية.
هنا يمكن القول إن التفرد بالقرار غير مناسب والاعتماد على الخارج كذلك، فلنجمع بين الاثنين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي