ماذا تعني منصة وزارة المالية؟

من اللافت للنظر حجم التطور الذي تشهده وزارة المالية، خاصة بعد ظهور مجلس الشؤون الاقتصادية على الساحة الاقتصادية والسياسات المالية في المملكة ودوره الكبير في تسهيل إجراءات العمل واتخاذ القرارات ومناقشة الجهات الحكومية، ومع إعادة هيكلة وارتباط عديد من الصناديق الحكومية والاستثمارية تفرغت وزارة المالية لترتيب بيتها من الداخل، خاصة أن المرحلة الحالية في المملكة تتطلب مثل هذه الخطوة. ولقد شهدنا التطور النوعي في أعمال الوزارة، وظهر ذلك ارتفاع مستوى الشفافية في التقرير عن ميزانية الحكومة، والتقارير ربع السنوية، كما أن إنشاء مكتب إدارة الدين العام وإصدار الصكوك في الأسواق العالمية كل ذلك من الإنجازات التي تحسب للوزارة. ولعل تصريح وزير المالية خلال تدشين منصة "اعتماد" يمثل بذاته خطوة كبيرة، حيث أشار إلى أن التأخير غير المبرر يضيف تكلفة على الموردين أو المقاولين ومن ثم على الدولة، وهو أمر غير مقبول، خصوصا في إطار المنهجية التي تتبناها الوزارة في تكريس مبدأ الشفافية والإفصاح المالي في كل أعمالها.
تدشين منصة "اعتماد" الرقمية التي تنضوي تحتها الخدمات الإلكترونية للوزارة المقدمة للقطاعين العام والخاص تشمل خدمة إدارة المدفوعات، التي يأتي تحتها (المطالبات المالية، وأوامر الصرف، وأوامر الدفع)، وخدمة إدارة الميزانية، التي يأتي تحتها تبليغ الميزانية، وعرضها ومناقلاتها، وإدارة المنافسات والمشتريات، وإدارة العقود والتعميدات، فهي منصة عملاقة ستعمل على زيادة فاعلية الإنفاق الحكومي بما يرفع جودة الخدمات المقدمة من الوزارة. وهذه تعد مبادرة تحول رقمي لوزارة المالية قد طال انتظارها، فالجهات الحكومية حتى القطاع الخاص، ستتمكن اليوم بفضل هذه المبادرة من التواصل مع الوزارة وإنهاء المعاملات دون الحاجة إلى رقم الانتظار وملفات ورقية، وهنا لا فرق بين القطاعين العام والخاص. فكما أشار وزير المالية، فإن منصة "اعتماد" تمثل أحد الجسور للتسريع، خلال مدة لا تتجاوز 60 يوما من تسلم الوزارة لأوامر الدفع مستكملة الإجراءات من الجهة المستفيدة، وهذا بلا شك سيقدم كثيرا من الحيوية للاقتصاد، فالمال هو عصب الحياة الاقتصادية، وأي تأخير في مدة الاقتصاد بالسيولة اللازمة سيؤثر في العمل والإنتاجية، وبالتالي النمو الاقتصادي، فمنصة اعتماد بل كل ما طورته وزارة المالية أخيرا إنما يستهدف تسريع حركة الاقتصاد واتخاذ القرارات والإنجاز وتسهيل الإجراءات.
كل هذه التطورات التي تشهدها وزارة المالية تأتي تحت إشراف مباشر من الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية وهو عراب "رؤية المملكة 2030"، فتطوير دور وأعمال وزارة المالية سيكون حجر الأساس في تمكين اقتصاد المملكة، ليكون ضمن أكبر 15 اقتصادا في العالم بحلول عام 2030، فمنصة اعتماد التي أطلقتها وزارة المالية ستكون مصدرا لا ينضب للمعلومات عن الاقتصاد السعودي وحركة واتجاهات التنمية فيه، وهذه المعلومات ستكون ضرورية لمتخذي القرار في مجلس الوزراء ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية من حيث تخصيص الموارد أو اتخاذ قرارات أكثر أهمية مثل تحجيم الإنفاق لكبح جماح التضخم أو تحفيز الاقتصاد من خلال التوسع في الصرف وكل هذه المعلومات تتصف بالآنية والتوقيت الجيد لتقديم هذه المعلومات بالصورة الصحيحة. فمنصة اعتماد ليست مجرد منصة تسهيل إجراءات، بل هي منصة تطوير اقتصاد وجودة المعلومات فيه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي