الطريق المرسوم إلى منابع ومنافع الطاقة المتجددة

يجري العمل بشكل محموم لبدء مرحلة جديدة في مجال الطاقة المتجددة في المملكة، بعد أن عُقِد العزم على أن تكون لها قدم راسخة في هذا القطاع وعلى مستوى العالم. فالمسألة لم تعد مجرد خطط وبرامج بل تعدت ذلك إلى مرحلة التنفيذ اليوم. فوفقا لما صرح به مدير قطاع الطاقة والمياه في الهيئة العامة للاستثمار، فهناك اليوم نحو 200 مستثمر من 48 دولة حول العالم أبدوا رغبتهم في الاستثمار في أكثر من 20 فرصة استثمارية قيمتها نحو مليار دولار في الصناعات المتعلقة بالطاقة المتجددة، وذلك عقب الإعلان عنها بغية الوصول إلى توليد نحو 4 جيجا واط.
من جانب آخر، أكد رئيس شركة أرامكو السعودية وجود 19 شركة عالمية مستثمرة في وادي الظهران في مجال البحوث والتكنولوجيا والاتصالات والطاقة، متوقعا زيادة عدد الشركات المستثمرة في وادي الظهران خلال الفترة المقبلة؛ نظرا لقرب الموقع من شركات عملاقة كـ"أرامكو السعودية" و"سابك" والشركة السعودية للكهرباء، كما أن العمل جار على إنشاء مدينة الملك سلمان للطاقة في المنطقة الشرقية، حيث تم قطع شوط طويل في التنفيذ، متوقعا أن يتم الانتهاء من تنفيذ مشاريع البنية التحتية للمدينة نهاية العام الحالي، وبعد الانتهاء من تنفيذ البنية التحتية للمدينة ستقوم "أرامكو السعودية" بتوزيع الأراضي والمساحات على الشركات المستثمرة في مدينة الملك سلمان للطاقة سواء المحلية أو العالمية، مشيرا إلى أن العمل الفعلي للمدينة سيكون مطلع 2019.
إذن؛ فالصورة واضحة تماما، والتناسق في العمل يتحدث عن نفسه، فالمشاريع محددة وحجم الاستثمارات المطلوبة مقرر سلفا، والمدينة المعدة لهذه النقلة الاستراتيجية ستكون جاهزة في الموقع والوقت المطلوبين، وستكون المنافسة كبيرة بلا شك بين المستثمرين، وكل هذا سيعود بالخير على الاقتصاد السعودي من عدة جوانب. الجانب الأول سيكون الطاقة المستدامة والنظيفة، وهذا الأمر بالذات سيحقق للمملكة كثيرا، ليس أقلها تخفيف الضغوط على استهلاك النفط، والنقد الموجه للمملكة في هذا الصعيد. الجانب الآخر سيكون في مجال نقل التكنولوجيا، وهذا أهم ما ستقدمه الاستثمارات الأجنبية لنا، فنحن نقف الآن على بوابات المستقبل، وإذا تم توطين تقنية الطاقة المتجددة في المملكة، فإننا سنبني جيلا من التقنيين في هذه الصناعة المتقدمة، ما يمنحنا علو كعب في اقتصاد المعرفة بالذات، وكما كانت المملكة سيدة قرارها في الطاقة الأحفورية، فإنها ستصبح كذلك في الطاقة المتجددة، وهذا له آثار مهمة سياسية واجتماعية لا تخفى.
الجانب الثالث الأكثر أهمية وهو بناء صناعة قوية وصناعة موازية لا تقل أهمية، وهذا بدوره سيعزز من مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد، ويسهم بفعالية أكبر في إيجاد فرص وظيفية، فالمساحة الإجمالية لمدينة الملك سلمان للطاقة تبلغ 50 كيلو مترا مربعا، وستضيف المدينة أكثر من 20 مليار ريـال سنويا للناتج المحلي، وهذا هو المعول عليه في توفير عدد كبير من الوظائف للشباب من الجنسين. رابعا فإن النجاحات المتوقعة من كل هذا ستمكن المملكة من بناء صناعة قوية تمكنها فيما بعد من تصدير هذه الطاقة وهذه المنتجات المرتبطة بها للعالم، وبذلك تحافظ المملكة على مكانتها العالمية في مجال إمدادات الطاقة، وأيضا في زيادة القيمة الإجمالية للميزان التجاري، وهذا له انعكاسات على حجم الاحتياطيات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي