أسرار الـ 40 يوما

أكاد أجزم أن كل البشر منذ أن بدأ الله الخليقة يتمنون أن يكون لهم خليفة في الأرض أولادا وبنات، يحيون ذكرهم، ويكونون امتدادا لسلالتهم، لذا كان حدث الحمل والولادة من أعظم الأحداث التي قد تمر على البشر، ويختلف الاحتفاء بالمولود والطقوس التي تقام في الـ40 يوما التي تتبع الولادة من بلد إلى بلد ومن شعب إلى شعب.
فلماذا الـ40؟ وماذا يجري فيها؟
تحتاج المرأة بعد أشهر الحمل ومصاعب المخاض وخروج روح من روح، أن ترتاح وتستعيد قوتها، والدين الإسلامي حدد المدة بـ40 يوما تبقى فيها المرأة بعيدة عن كل واجباتها الزوجية والدينية، وتحيطها العادات والتقاليد بطقوس غريبة.
ففي اليابان مثلا تجري أغرب الطقوس على مستوى العالم، وتبدأ بقطع الحبل السري، والاحتفاظ به تبركا بالجنين، وعلى الرغم من أن بكاء الطفل يعد أمرا مزعجا ويثير رعب الأهل وخوفهم لدى شعوب العالم إلا في اليابان، إلا أنهم يحاولون بشتى الطرق جعل المولود يبكي، وكلما طالت مدة بكاء المولود وعلا صوته استطاع التخلص من الأرواح الشريرة التي ولدت معه.
أما في الصين فتحاط الأم ومولودها بالاهتمام، ويجهز لها مكان معزول هي وطفلها لمدة 40 يوما لا يسمح لها خلالها بالخروج للشارع أو استخدام المراوح والمهاف؛ لاعتقادهم أن هذه الفترة مدخل للأمراض.
ويسارع الأقارب إلى إهداء الطفل البيض الأحمر، وزيادة عدد البيض لديه تعزز من اعتقادهم أن الطفل سيحيا سعيدا، والأدهى من ذلك محاولة إلباس المواليد ملابس الأغنياء ليصبحوا أغنياء مثلهم.
وفي ماليزيا، يعتبرون إنجاب المولود إنجازا عظيما؛ لذا يحيطون الأم بالرعاية والاهتمام أكثر من المولود، فهي تعامل معاملة الأميرات، ويقوم زوجها بأعباء المنزل عنها - "لدينا تذهب إلى بيت أهلها لتجد من يخدمها والزوج يعيش كامل حريته في تلك الفترة، فقد يأخذ إجازة ويسافر، وفي بعض الحالات يجدها الزوج فرصة سانحة للزواج بأخرى" - ويقوم الأهل والأقارب بتدليك المرأة بالزيت والأحجار الساخنة فترة الـ40، أو على الأقل الأيام العشر الأولى مع ملازمة الأم الفراش بجانب طفلها. أما في باكستان فيحدث العكس تماما، فتنبذ الأم، وتعتبر شخصا غير طاهر أو نجسا، وتحبس في غرفة، وتمنع من مخالطة الناس حتى أقرب الأقربين من الأهل والزوج وحتى مولودها، ويسمح لشخص واحد بالتعامل معها طوال الـ40 يوما، وهو الشخص الذي يقدم لها الطعام والشراب، أما طفلها فتجلب له الهدايا، وتخصص له نزهة يومية كنوع من التعبير عن الفرحة به، ويعيش ملكا إلى أن تخرج أمه من سجنها.

المزيد من الرأي