أهمية الاستثمار بين الرياض وموسكو

أتى منتدى الأعمال السعودي - الروسي ساحة أخرى في الحراك الاستراتيجي الذي تشهده المملكة. كما أنه جاء نتيجة طبيعية للزيارة التاريخية التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز إلى روسيا، تلك الزيارة التي أحدثت بالفعل تحولا مفصليا في العلاقات بين الرياض وموسكو على مختلف الأصعدة. و"المنتدى" الذي نظمه مجلس الغرف السعودية بالتعاون مع صندوق الاستثمار الروسي المباشر، انعقد بعد "منتدى مبادرة الاستثمار" الهائل الذي احتضنته المملكة قبل أيام. وهذا الأخير أفرز سلسلة من المشاريع تختص مباشرة بالحراك الاستراتيجي السعودي ممثلا في "رؤية المملكة 2030" و"برنامج التحول" المصاحب لها، كما أنها تختص بالجانب العالمي أيضا. السعودية في الواقع، صارت مقصدا لكل الجهات الراغبة في الاستثمار والمساهمة الفعالة في استكمال خطوات تنفيذ "الرؤية".
ومن هنا، كان طبيعيا أن تضع السعودية وروسيا خريطة طريق للتعاون عبر الشراكات. فالفرص كبيرة ومتنوعة على الساحة السعودية، والحراك الاستثماري الروسي سجل في السنوات الأخيرة تقدما كبيرا محليا وعالميا. ومن هنا وجد الوقت مناسبا للحصول على حصة في المملكة، توفر عوائد جيدة وتسهم في تنفيذ الخطة الاستراتيجية الوطنية. والحق أن الاستثمارات المتبادلة بين الرياض وموسكو التي بلغت عشرة مليارات دولار في تسعة قطاعات، لا تعكس القدرات التي يتمتع بها البلدان. ولذلك، فإن الحراك الاستراتيجي السعودي وفر الساحات اللازمة لمزيد من النمو في هذا المجال بين الجانبين، خصوصا أن القطاعات المطروحة متنوعة وتختص بكل شيء تقريبا، إلى جانب الطاقة وروابطها. و"الخريطة" السعودية - الروسية، وفرت دخولا روسيا "على سبيل المثال" إلى مشروع مدينة "نيوم" والذكاء الاصطناعي والسكك الحديدية والصناعة بشكل عام.
وتكفي الإشارة هنا، إلى وجود أكثر من 60 مسؤولا روسيا في كل القطاعات، في "منتدى رجال الأعمال" المشار إليه. المملكة توجهت في استراتيجيتها إلى العالم أجمع، ولا سيما البلدان التي وجدت في هذه الاستراتيجية فرصا هائلة الحجم والعوائد، مستندة في الوقت نفسه إلى التشريعات المتطورة والقوانين السلسة التي أقرتها القيادة السعودية، وأسهمت في رفع مستوى الجذب الاستثماري إلى البلاد. ومن هنا، كان المسؤولون الاقتصاديون الروس واضحين بالتأكيد على أنهم يدخلون السوق السعودية استنادا إلى الضمانات والسمعة الائتمانية القوية التي تتمتع بها المملكة، إضافة -طبعا- إلى تنوع الساحات التي يمكن الخوض الاستثماري فيها. وهذه الساحات ليست التقليدية فقط، بل تشمل أيضا ميادين جديدة تحاكي المستقبل، من زخم الابتكارات فيها.
والعلاقات الاقتصادية بين المملكة وروسيا لها جوانب قديمة متجددة، ولا سيما تلك المرتبطة بالطاقة وتطويرها. ناهيك بالطبع عن التعاون بين البلدين الذي ضمن استقرارا مطلوبا للسوق النفطية، على الرغم من محاولات بعض البلدان غير المتعاونة تخريب هذا الاستقرار. والهدف أيضا لا يشمل الاستقرار المشار إليه فقط، بل يتضمن إعادة مستويات السوق إلى أوضاع طبيعية عادلة بالنسبة للمصدرين والمستوردين. ليست هناك آفاق بالفعل للعلاقات المتطورة اقتصاديا بين الرياض وموسكو. وهذا ما يعزز الحراك الثنائي سواء على الساحتين السعودية أو الروسية، مع ضرورة الإشارة إلى أن السعودية لها حراكها الاستثماري أيضا في روسيا، ضمن إطار التوسع الاستثماري العالمي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي