Author

تعديل لائحة نظام المحاماة وانعكاسه القانوني والاستثماري

|
تحدثنا في مقالات سابقة عن دور الإدارة القانونية، وأنها من الركائز الأساسية لعمل الشخصيات المعنوية الخاصة كالشركات والمؤسسات في القطاع الخاص، وأن أعمال هذه الجهات وإجراءاتها تتطلب وجود إدارة أو وحدة قانونية تضم كوادر قانونية مؤهلة، ولديها الخبرة لتسيير أعمالها بكل مهنية، وتطبيق الأنظمة واللوائح ذات العلاقة بكل شفافية ونزاهة بما يحقق أهداف الجهة، ويكفل قيامها بتنفيذ المهام المنوطة بها بأكبر قدر من الكفاءة والفاعلية بما في ذلك الترافع أمام الجهات القضائية. وقد جاء قرار وزير العدل بتاريخ 9/9/1438هـ القاضي بإضافة فقرة للائحة التنفيذية لنظام المحاماة تتضمن شمول حكم الممثل النظامي للشخصية المعنوية الخاصة ــ بعد الترخيص لهم من وزارة العدل ــ موظفي الإدارات القانونية لدى الشخصية المعنوية الخاصة التابعين لها وفقا لنظام العمل، الحاصلين على شهادة جامعية في الأنظمة أو الشريعة، ليضيف خطوة مهمة في تمكين الإدارات القانونية لدى الشخصيات الاعتبارية الخاصة، ويفتح مزيدا من الفرص لتوظيف القانونيين في الإدارات القانونية بهذه الشركات والمؤسسات. ويسهم كذلك في تعزيز النزاهة والحوكمة لدى الشخصيات المعنوية الخاصة، من خلال إلزام موظفي الإدارات القانونية في تلك المنظمات الخاصة بالواجبات المهنية المنصوص عليها في نظام المحاماة ولائحته التنفيذية، وشمولهم بقواعد وأحكام وإجراءات الترخيص التي ستضعها الوزارة، وفقا للفقرة الثانية من قرار وزير العدل. وقد يرى بعض المحامين أن لهذا القرار أثره في تقليل فرص التعاقدات لمكاتب المحاماة مع المصارف والشركات والمؤسسات التجارية وغيرها من منظمات القطاع الخاص التي كانت مجبرة على الاستعانة بالمحامين بسبب اشتراط وجود رخصة من وزارة العدل، ولكن يرد على ذلك بأن اشتراط وجود الرخصة أغلق الباب تقريبا على القانونيين الموظفين في الإدارات القانونية بالقطاع الخاص من الترافع عن جهاتهم أمام المحاكم على الرغم من كونهم من أصحاب المهنة ويمتلكون التخصص والخبرة اللازمة لقيامهم بها على الوجه المطلوب. كما أنه ترتب على هذا الاشتراط ظهور تعاقدات في مهنة المحاماة تحمل طابع الاحتكار وأخرى فيها صور من حالات التستر، فضلا عن أن هذا التعديل سمح بإضافة شريحة مهمة من أصحاب المهنة وشملها بالتنظيم والإشراف والمراقبة، مما سيكون له أثره الإيجابي في تطوير المهنة من خلال إدخال أصحابها وإخراج المتطفلين عليها. بقي أن نقول: شكرا جزيلا لمجلس الوزراء الموقر على هذا التوجيه الحكيم، الذي أثمر قيام وزارة العدل بإضافة فقرة جديدة إلى اللائحة التنفيذية لنظام المحاماة، تصب في تشجيع الاستثمار وتعزيز دور القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية، وتسهم في تحقيق "رؤية المملكة لعام 2030"، ونأمل من وزارة العدل أن تقوم قريبا بمراجعة نظام المحاماة ولائحته التنفيذية، وترفع عن تعديل ما يحتاج إلى تطوير في النظام وتعدل ما يحتاج إلى تطوير في اللائحة؛ ومن ذلك إعادة النظر في السماح لمن هم خارج المهنة وليس لديهم التأهيل الكافي بالترافع أمام المحاكم، وتصنيف ممارسي المهنة على غرار ما هو معمول به في الدول المتقدمة في تنظيم هذه المهنة وأن تشارك مع الوزارة الهيئة السعودية للمحامين، التي أسعدتنا بانطلاقتها التأسيسية المميزة، وما صدر منها من قرارات وتنظيمات خلال الفترة الماضية، بما يحقق تطوير مهنة المحاماة وحسن ورقي أدائها. كما نأمل من جميع الجهات الحكومية أن تستحضر في أذهانها مضامين توجيه مجلس الوزراء لوزارة العدل بأن تراجع أنظمتها ولوائحها وتعمل على تطويرها بما يحقق الأهداف التنموية والاقتصادية للمملكة، في إطار متسق مع "رؤية المملكة لعام 2030" وبرنامج التحول الوطني لعام 2020.
إنشرها