دور الإدارات القانونية في الحد من اللجوء إلى التقاضي

تؤدي الإدارة القانونية دورا مهما في نجاح أي منظمة، في تحقيق أهدافها والقيام بمهمتها، سواء أكانت حكومية أم خاصة، وذلك من خلال ما تقدمه من خدمات قانونية للإدارة العليا في المنظمة ومختلف إداراتها تسهم في تسيير أعمالها، وتضمن تطبيق الأنظمة واللوائح ذات العلاقة بكل شفافية وحيادية، وتحد من اللجوء إلى التقاضي والمنازعات.
ولابد لتحقيق ذلك أن يكون هناك تمكين للإدارة القانونية من قيامها بمهامها، ومن ذلك تزويدها بكوادر قانونية مؤهلة علميا وعمليا، ومنحها الاستقلالية والاعتماد عليها والاستفادة منها في جميع الأعمال التي لها جانب نظامي، وفي جميع المراحل أينما وجدت الحاجة.
وتعد الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني من الجهات الحكومية التي أدركت أهمية العمل القانوني واهتمت بالبناء القانوني منذ تأسيسها عام 1421هـ، فأنشأت إدارة قانونية متكاملة، ومنحتها الاستقلالية الكاملة، وربطتها برئيس الهيئة مباشرة، ووفرت لها ما تحتاج إليه من كفاءات وكوادر قانونية وموارد مالية، ومكنتها من القيام بمهامها وتفعيل دورها في مجال أعمال الهيئة بكل حيادية وشفافية.
وحرصت الهيئة منذ توليها مهمة الإشراف على مرافق الإيواء السياحي والمهن والأنشطة السياحية على تطبيق الأنظمة بشفافية عالية ومساواة بين الجميع دون استثناء، فطورت منظومة قانونية متكاملة من الأنظمة واللوائح وأدلة الإجراءات وآليات العمل، ومن بينها آلية إجراءات التظلم التي يقدمها صاحب التظلم بعد إبلاغه بقرار المخالفة، التي تتيح له أن يتقدم بتظلم أمام رئيس الهيئة خلال خمسة عشر يوما من تاريخ إبلاغه بقرار العقوبة وهو أول إجراءات التظلم التي يقدمها صاحب المخالفة، وهو إجراء يلزم الهيئة بالنظر في التظلم في حال تلقيه خلال المدة النظامية المشار إليها، حيث تقوم الإدارة القانونية في الهيئة بدراسة التظلم والتحقق مما ورد فيه والتواصل مع المتظلم في الحالات التي تتطلب ذلك، ومن ثم الرفع لرئيس الهيئة بالتوصية النظامية، وبعد أن يصدر التوجيه من رئيس الهيئة على المذكرة القانونية يبلغ صاحب التظلم بما انتهى إليه تظلمه.
ويمكن القول إن اهتمام الهيئة بالعمل القانوني خصوصا جانبه الوقائي حقق فوائد كبيرة، من أهمها ضمان صدور قراراتها خالية من الملاحظات النظامية التي قد تعرضها للإلغاء وإبرام عقودها سليمة وصحيحة الأركان، إضافة إلى البت فيما قد يرد من تظلمات بحيادية وشفافية خلال فترة وجيزة تكفل حل المسائل بين جهة الضبط والمنشآت قبل اللجوء إلى الدعاوى القضائية عند ديوان المظالم، وهذا بدوره يسهم في تعزيز الثقة بين الهيئة والمستثمرين وتوفير المناخ الإيجابي والمحفز للاستثمار، فضلا عن مساهمته الإيجابية في التخفيف عن كاهل القضاء.
والمتتبع لتقارير الهيئة السنوية عن التظلمات يتبين له إنصاف الهيئة عديدا من المستثمرين مباشرة إثر التظلمات التي تقدموا بها دون لجوئهم إلى التقاضي، حيث قامت الهيئة بإلغاء القرارات التي تبين أنها لم تستند إلى جانب نظامي يؤكد صحة قرار العقوبة ومن ثم ساعدت على توفير الوقت أمام المستثمر في عدم لجوئه إلى القضاء لرفع الدعاوى ضد الهيئة، وذلك نتيجة لتطبيق الهيئة منظومة نظامية ‏متقدمة ومتكاملة في النظر في التظلمات تحقق ترشيدا كبيرا في قرارات العقوبات التي تصدرها.
بقي أن نقول: إن نجاح الإدارة القانونية في قيامها بدورها في أي جهة مرتبط بدرجة كبيرة بقناعة المسؤول الأول في هذه الجهة بأهمية العمل القانوني، وحرصه على تحقيق الشفافية والنزاهة والعدالة، ولعل ذلك هو السبب الأساس الذي مكن الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني من تحقيق نجاح كبير في مسارها النظامي حيث ترتب على تطبيق آلية نظر التظلمات عدم صدور أي حكم قضائي ضد الهيئة خلال الخمسة عشر عاما الماضية، وما سبق ذكره يجعل تجربة الهيئة في هذا المجال جديرة بالدراسة والاستفادة منها والعمل على تعميم تطبيقها في جميع الجهات الحكومية في المملكة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي