التمويل ليس حلا

لم يكن التمويل السكني عائقا يوما، ولم تتأخر المصارف عن تقديم التمويلات، وما زالت العروض موجودة، ولكن الناس محجمون لأن التمويل أصبح مرهقا لميزانية الأسرة، فغير معقول أن يستقطع أكثر من 40 في المائة من الراتب لأكثر من 25 عاما. القضية هنا هي الغلاء الفاحش والأسعار المبالغ فيها التي جعلت من التمويل كابوسا يصعب اللجوء إليه.
الغاية من تملك المسكن هي السكون والراحة والطمأنينة، وهي أمور لا يمكن أن تتحقق في ظل وجود أقساط مرهقة للميزانية ومنغصة للحياة وتستمر لسنوات طويلة تمنع رب المنزل من توفير أبسط مقومات الحياة لأسرته.
علينا أن نعالج أولا قضية ارتفاع الأسعار المبالغ فيها، وعندما تعود إلى السعر المعقول سيكون من السهل دفع الناس للتملك والتمويل لأن السعر سيكون في متناول اليد والقرض سيكون سهلا وميسرا وغير مرهق.
كل البرامج التمويلية وكل الحلول التي تطرحها وزارة الإسكان لا يمكن أن تنجح في ظل تلك الأسعار العالية، فالمواطن أصبح لديه "الفكر" الذي يمنعه من المضي في تمويل منغص للحياة، والواقع يقول إنه رفض كل الحلول التمويلية، ولم يجذبه إليها وضع مقدم للتمويل بنسبة 30 في المائة، ولم يتقدم خطوة واحدة ونحن نخفض المقدم إلى 15 في المائة.
لا يمكن أن يكون الأساس هو وضع حلول للمصارف ومؤسسات التمويل وتجار العقار من خلال عروض وبرامج تمويلية تنعش رؤوس الأموال وتحركها وتحقق لها العوائد، في وقت يكون المواطن آخر اهتماماتنا.
لنسأل أنفسنا أولا: هل من المعقول أن يقسط شخص ما نحو نصف راتبه لمدة 25 عاما أو أكثر، وإن أقدم على ذلك على الرغم من أنها خطوة تعد "ضربا من الجنون". كيف سيكون وضعه المعيشي وهو يدفع جل راتبه في قسط طويل الأمد؟ وماذا عن وضعه النفسي أيضا وهو يجد نفسه غير قادر - في ظل هذا التمويل "الكابوس" – على توفير أبسط مقومات الحياة لأسرته؟
علينا أن نبادر إلى إيجاد حلول لخفض أسعار المساكن حتى تصل إلى متناول اليد، وأن يكون المواطن في مقدمة اهتماماتنا، ألا تقتصر الحلول على إنعاش القطاع وتحريك منتجات عقاريين هم سبب الأزمة التي نعيشها الآن من خلال رفعهم للأسعار حتى أصبحت تدور في فلك "الخيال".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي