جهود «المواصفات والمقاييس» تحتاج إلى دعم مجتمعي

قد يتفق المراقبون على الجهود الكبيرة التي تبذلها الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة. هناك عمل حقيقي وملموس في جوانب عدة. التقييس عملية صعبة وتحتاج إلى خبرات كبيرة وأيضا تحتاج إلى معامل وأجهزة متقدمة. هناك عمل جيد بذلته الهيئة في كثير من المجالات لعل أبرزها المواصفات القياسية للأجهزة المنزلية وما بذلته الهيئة من جهود في الحد من المكيفات التي تستهلك الكثير من الطاقة بلا عائد حقيقي، أيضا بطاقات المواصفات على الأجهزة وعلى السلع المعمرة التي تقدم للمستهلك دعما حقيقيا عند اتخاذ قرارات الشراء، ثم ما يتم أخيرا من المتابعة الجادة والدعم الحقيقي للمستهلك مع المصادقة الإلكترونية لبطاقة المواصفات القياسية عن طريق الأجهزة المحمولة، وكما صرح محافظ الهيئة بأن مجموع المواصفات القياسية الدولية التي تتبناها المملكة من منظمات التقييس العالمية، يزيد على 80 في المائة من مجموع المواصفات القياسية السعودية وكل هذا الجهد يذكر فيشكر للهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس، وإذا كان من وصف لجندي مجهول في الاقتصاد السعودي فستفوز به الهيئة.
أخيرا تعمل الهيئة مع الأعضاء في هيئة التقييس لدول مجلس التعاون الخليجي، على إصدار كود بناء خليجي موحّد، يكون كود البناء السعودي مرجعا أساسا له، لما للكود من أهمية لدول المنطقة، وهذا دليل آخر على ما تملكه هذه الهيئة من أدوات لتطوير الأسواق وتأسيس أنظمة للمعلومات قادرة على حماية المستهلك في دول الخليج العربية، حيث تم حتى الآن إصدار نحو 21 ألف مواصفة قياسية ولائحة فنية خليجية، وهذا مما يلفت النظر إلى حجم الأعمال والجهود المبذولة في هذا الاتجاه. لكن من الجدير بالذكر أن عمل جهات التقييس ينتهي حتما عند وضع المواصفات القياسية، وهناك جهات أخرى عديدة عليها استكمال الجهود نحو التأكد من تطبيق المواصفات في الأسواق فعلا. فرغم كل هذا الجهد الضخم فإن زيارة إلى الأسواق تشير إلى حجم السلع الرديئة والمقلدة وغير المطابقة للمواصفات والمقاييس، ولا تلام هيئات التقييس في هذا الأمر فلابد لنا من تطوير مؤسسات مجتمع مدني تحمي المستهلك وتراقب هذه المواصفات لو تبلغ عنها بل لديها يد طولى في إغلاق المنشآت التي تروج لسلع غير مطابقة للقياسات الفنية المعتمدة.
تبذل الجهات الحكومية المعنية جهودا ملموسة في المراقبة لكن الموضوع أكبر بكثير من مجرد جهات رقابية ليس لديها إمكانات واسعة لمراقبة جميع الأسواق والسلع، ولهذا يجب أن تصدر خطط تتواكب مع حجم العمل في المواصفات والتقييس، خطط تتناسب مع 21 ألف مواصفة اعتمدتها الهيئات المختصة في دول الخليج، خطط يقوم فيها كل بدوره بشكل واضح ابتداء من المستورد ثم الجمارك ثم المجتمع المدني الذي يراقب عند الشراء ثم الجهات الحكومية والمجالس ذات العلاقة. إذا لم يتم تطوير هذا الرقابة المجتمعية المتكاملة فإن جهود التقييس جميعها تصبح بلا معنى حقيقي يؤثر في المجتمع ويفسر تفاوت الأسعار بشكل صحيح ومعتمد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي