حجم التمويل العقاري .. هل سيحدد اتجاه أسعار العقار؟

صدر تقرير مؤسسة النقد الخاص بالقروض الاستهلاكية التي كما جاء في التقرير الذي نشرته صحيفة "الاقتصادية" في عددها رقم 7956 يوم الجمعة الثامن من شوال 1436هـ وجاء في التقرير: "سجلت القروض الاستهلاكية الممنوحة للأفراد وقروض بطاقات الائتمان من المصارف أعلى مستوى قياسي لها لتصل إلى 322.8 مليار ريال بنهاية عام 2014 مقارنة بنحو 296.4 مليار ريال في العام 2013، وذلك بسبب استمرار التراجع في معدلات هامش العائد على القروض وزيادة الطلب نتيجة استمرار زيادة توظيف السعوديين في كل من القطاعين الحكومي والخاص في الفترة الأخيرة.. وسجلت القروض العقارية الممنوحة للأفراد ارتفاعا بنسبة 34 في المائة وبلغت 94.2 مليار".
هذا التقرير يتحدث عن زيادة كبيرة في التمويل العقاري في ظل الارتفاعات الكبيرة لأسعار الوحدات العقارية خلال السنوات القليلة الماضية. توقعات بعض الكتاب في الاقتصاد والمهتمين بالشأن العقاري هي أن هذه الأسعار ستشهد تصحيحا خلال الفترة المقبلة، وأن واقع أسعار العقار سيميل إلى الانخفاض خلال الفترة المقبلة انخفاضا قد يكون حادا خصوصا بعد إقرار نظام الرسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني في المدن، وهذا يعني أن الاحتفاظ بالأراضي سيكون فيه تكلفة، والتقرير يشير هنا إلى ارتفاع كبير في الطلب على التمويل العقاري رغم بدء تطبيق نظام الرهن العقاري الذي يتضمن شرطا يُلزم المصارف بعدم التمويل بأكثر من 70 في المائة من قيمة العقارات، الذي بدأ تطبيقه بنهاية العام الماضي، والذي يظهر أنه لم يؤثر كثيرا في أرقام حجم التمويل في العام الماضي، بل كما جاء في التقرير أن حجم التمويل زاد بنسبة 34 في المائة عن عام 2013، التقرير نفسه أشار إلى زيادة مقاربة في عام 2013 عطفا على الأرقام في عام 2012، وإذا ما تمت مقارنة حجم التمويل الخاص بالتمويل العقاري خلال السنوات العشر الماضية سنجد نموا هائلا، ما يعكس حجم الطلب الكبير على السكن في المملكة.
هذه الأرقام قد تعطي مؤشرا على حالة الضغط الكبير على أسعار الوحدات السكنية، ما دفع الكثير من ملاك الأراضي إلى الاحتفاظ بها، بل دفع البعض إلى شراء الأراضي بأسعار عالية أملا في مزيد من الارتفاع مستقبلا، وهذا ما قد يفسر إصرار البعض على الاحتفاظ بالأراضي التي اشتروها بأسعار مرتفعة ولم تحقق لهم عوائد بالأسعار الحالية.
ولكن هل هذا يعني أن الأسعار ستستمر في الارتفاع؟
الكثير يعول على الرسوم على الأراضي البيضاء بأنها ستكون سببا في الانخفاض في أسعار الأراضي، ولكن هذا قد لا يؤثر بالضرورة في أسعار الوحدات السكنية الجاهزة باعتبار أنه لن تُفرض عليها رسوم مقابل الاحتفاظ بها، بل إن الإقبال على شراء الأراضي والبدء في البناء قد يرفعان من أسعار الوحدات السكنية بسبب الارتفاع في تكلفة البناء، ولكن يظهر أن احتمالات ميل العقار للانخفاض أكبر لعوامل منها:
وجود احتمال لارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية على مراحل ما قد يؤدي إلى رفع الفائدة على الريال وارتفاع تكلفة التمويل سواء العقاري أو غيره، وسيؤدي إلى ضعف الإقبال على التمويل لارتفاع التكلفة.
ميل السياسة الحكومية إلى طرح أدوات للدين لتغطية نفقات الميزانية المقبلة بسبب انخفاض عوائد النفط، وهذا ما قد يؤدي إلى فرص جديدة للمصارف والمستثمرين للاستثمار فيها عوضا عن التمويل العقاري، بل ستكون فرصة لبعض المستثمرين في القطاع العقاري لتحويل استثماراتهم بعد وجود احتمال لانخفاض هوامش أرباحهم.
الرسوم على الأراضي ستجعل الاستثمار في الأراضي البيضاء مكلفا، وتزيد هذه التكلفة عندما نضيف إليها تفويت الفرص الاستثمارية الأخرى.
إن نظام الرهن العقاري الحالي فرض على المصارف ألا تمول شراء العقار بأكثر من 70 في المائة مقارنة بما كان معمولا به في السابق، وهذا قد يخفض كثيرا حجم الطلب على التمويل، علما بأن بعض المصارف حاليا يقدم تمويلا يجمع بين التمويل الشخصي والعقاري لكامل قيمة العقار، وبالتالي قد تكون الإحصاءات المقبلة عن مؤسسة النقد غير دقيقة في حجم التمويل العقاري، بسبب وجود التباس فيما يتعلق بالتمويل الشخصي الذي يكون بهدف تملك العقار.
فالخلاصة أن أرقام التمويل العقاري للعام الماضي تشير إلى ارتفاعات في حجم التمويل وكانت سببا في الضغط باتجاه ارتفاع الأسعار، ولكن توجد عوامل قد تقود الأسعار إلى التصحيح، منها الرسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني، واحتمالات رفع سعر الفائدة الأمريكية الذي سيؤدي إلى ارتفاع تكلفة التمويل، إضافة إلى احتمال طرح أدوات دين حكومية قريبا قد يؤدي إلى تحول كثير من السيولة إليها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي