هل نحتاج لتدرس الفلسفة في مدارسنا ؟

تحدث أحد الكتاب في لقاء تلفزيوني معه عن أهمية الفلسفة و أنها كانت السبب في نهضة الأوروبيين و تخلف العرب و المسلمين يرجع إلى أهمال تدريس الفلسفة.

إذا أردنا أن نناقش هل فعلا قادت الفلسفة الغرب للنهوض، لا بد من تحرير معنى (الفلسفة).
في أصلها الإغريقي كانت تعني الحكمة و المعرفة و كان اسم الفيلسوف يُطلق على محب المعرفة و الحكمة و المشتغل بها. فكان اسم الفلسفة يطلق على الطب، الهندسة، الإلهيات، الموسيقى، علم النبات و الحيوان.

مع تقدم المعرفة، أخذ كل جانب من جوانب المعرفة يستقل عن مسمى الفلسفة و يكون مجالاً خاصاً به. حدث هذا في الطب، فكان ليس كل طبيب فيلسوف بالضرورة، حتى لم يبق من القضايا التي تشغل الفسلفة سوى القضايا المتعلقة بالدين و المجتمع، الهوية، معرفة الصواب و الخطأ و الأخلاقيات.

مدلول لفظة(فيلسوف) في العصر الإغريقي يختلف عن مدلولها في العصر الحديث، و أقرب ما يطلق لفظة الفيلسوف على وقتنا الحالي هو العالم الموسوعي.

كانت سوق الفلسفة رائجة في العصور الوسطى في زوربا و لم يمنع هذا المجتمعات الغربية من إنتشار التعنت و التعصب فيها، بل ما تزال بعض الكليات و المعاهد الدينية في الغرب تدرس الفلسفة إلى وقتنا الحالي و ليس خريجوها من المعتدلين مقارنة بغيرهم ممن لم يدرس الفلسفة.

نهوض الغرب يرجع في نظرى للتخصص. عندنا غزا الغرب الشعوب الأخرى، كان يصحب معه العلماء المختصين في مجالات مختلفة ليدرسوا الشعوب الأخرى. نابليون مثلاً صحب معه علماء اللغة و التاريخ و النبات عندنا غزا مصر ، هذا ما فعله الكابتن كوك في استراليا.

يعجب الواحد كيف يبذل عالم فرنسي أو بريطانيا عشرين أو ثلاثين سنة من عمره ليدرس قطعة أثرية موجودة في العراق أو الهند.

أنه التخصص الذي مكن للغرب من النهوض، أما الاهتمام بالفلسفة لم أجد له أثراً في استراليا، ذهبت لعشرات المكتبات التجارية، كان ركن الفلسفة هو الركن الأقل كتباً، و شاهدت عشرات القنوات التلفازية، كانت اللقاءات مع الفلاسفة قليلة جداً و نادرة مقارنة بغيرهم. أما في مجال التعليم العام، فلا يوجد مواد لدراسة الفلسفة تضاهي العلوم أو الإنجليزية. ، قد سألت صديقاً استراليا لماذا لا يدرس الطلاب الفلسفة في الجامعة كتخصص؟ أجابي: دراسة الفلسفة تحتاج إلى عمق في التفكير و تضج في الشخصية و هذه لا تتوفر في شاب عمره عشرون سنة.
إذا بحثنا في نهضة اليابان و الصين و كويا و الهند و البرازيل، لن نجدها لأنهم بعثوا طلابهم لدراسة الفلسفة عند الغرب. نهضة هذه الأمم لأنها اهتمت بالصناعة و التدريب و العلم و أدارة مواردها بشكل صحيح.

على المستوى الشخصي، أقرأ في كتب الفلسفة العامة و الشهيرة، لكن لا أعتبرها طريقنا نحو النهضة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي