التميز سلاح الجيل الحالي للحصول على عمل

لم تعد معطيات الفترة الحالية شبيهة بالماضي القريب أو البعيد، وبالتالي لم تعد عوامل النجاح أو أسباب الفشل كتلك التي صاغت الفترة الماضية. ففي واقع الأمر كل شيء خضع للتغيير وبشكل جذري لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية. لقد أصبحنا نعيش في فترة حرجة من تاريخ البشرية اتسمت بسرعة التغيير والتحديث والتجديد والتطوير حتى أصبح الاستقرار شذوذا والحركة هي القاعدة. الأمر الذي غير قواعد اللعبة وقواعد المنافسة بين الأفراد بعضهم بعضا وبين المؤسسات الإنتاجية، وأصبح العالم يعيش في ميدان أشبه ما يكون بميدان الماراتون، الكل يصل إلى خط النهاية لكن الفائز من يصل قبل الآخرين. وساهمت التطورات التكنولوجية والإدارية والاقتصادية الكبيرة في زيادة الإنتاج من المواد الاستهلاكية وفي زيادة العرض من القوى البشرية المدربة حتى أصبح العرض في كلا البعدين (المواد الاستهلاكية بالنسبة للمستهلك والقوى البشرية بالنسبة للأعمال) يفوق الطلب عليها. وهي ظاهرة محلية وإقليمية ودولية. توحي المعطيات الاقتصادية والأحداث العالمية أن الأجيال الناشئة ستواجه تحديات أكبر وأكثر من تلك التي واجهت الجيل الحالي أو الذي سبقه، وكلما تقدم بنا الزمن ازدادت حدة المنافسة ومحدودية الفرص وأصبح فيصل الطلب يقوم على أساس الجودة والتميز.
وبالتالي، فإن عنصر النجاح بالنسبة للجيل الصاعد قد تحدد في وقتنا الحاضر في تحقيق التميز، وأصبح التميز، والتميز وحده الفيصل في الحصول على عمل مناسب وتحقيق حياة كريمة وفي التقدم على الآخرين.
وعندما نتحدث عن التميز بالنسبة للأفراد فإننا نعني التميز بمفهومه الشامل من حيث التأهيل والمهارات والقدرات.. إلخ. يقول لومباردي ''ستتحدد قيمة حياتك بالتزامك بالتميز أكثر من أي عنصر آخر''، وأثبتت الأحداث التاريخية ووقائع الحاضر أن أكثر الناس نجاحا هم أولئك المتميزون في قدراتهم ومهاراتهم وأعمالهم. والناس تجاه الأحداث على مجموعتين الأولى هي تلك التي تراقب ما يجري حولها من أحداث وتتأثر بها إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا، وربما تقطف من الثمر أدناه، وأما الثانية فهي التي تسهم في صياغة الأحداث ورسم المستقبل وفق رؤيتها. وهؤلاء هم الرواد الذين حققوا ويحققون إنجازات هائلة في القطاعات العلمية والاقتصادية كافة.
في وقتنا الحاضر لم يعد هناك مجال للدعة والسكون، فمن لا يتقدم يتقادم، ومن لم يقرأ معطيات المستقبل ويتهيأ لها فلن يكون جزءا منه حتى إن عاش فيه، لأن المستقبل سيكون للمتميزين فقط. الملاحظ أن عجلة التنمية تسير بوتيرة متسارعة جدا، فإما أن نتفاعل معها ونؤثر فيها ونقطف ثمارها وإلا ستتخطانا لغيرنا، فالحياة في الفترة الحالية كالدراجة الهوائية التي تسقط عندما تقف. يلاحظ الجميع أن الفترة الحالية تحفل بتقاطعات وتجاذبات عدة تشبعت بها وصبغتها بألوان متفاوتة، حيث يتجاذب الشباب أفكارا وتوجهات عدة تخطت مصادرها المصادر التقليدية المتمثلة في المعلم والأب والأم.. إلخ، إلى وسائل أخرى حديثة كوسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الحديث وبرامج الشبكة العنكبوتية الأخرى، التي أضحت تتنافس في السيطرة على أفكار الشباب والأجيال الصاعدة وتشكيلها بشكل أو بآخر. ومع إيماني بأنها أصبحت جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، إلا أنها لن تحقق للشباب التميز المطلوب للتعايش مع متطلبات الفترة الحالية والمستقبلية. والأهم بالنسبة للشباب هو العمل وبشكل جاد على تمكين النفس وتعزيز قدراتها ومهاراتها العملية والعلمية والعمل على أن يحقق الشاب لنفسه ميزة تنافسية على الآخرين بشكل يساعده على الحصول على موقع قدم في القرية الكونية الضيقة.
وباختصار، فإنك كشاب مطالب بأن تحدد موقعك على خريطة الحياة بأبعادها الحديثة وبمقاييسها العصرية، التي تتضمن في قمة هرمها مواقع للرواد المنتجين، وفي أدنى هرمها ميادين للأتباع المستهلكين.
حاول أن تضع نفسك في مواقع الريادة والتأثير إذا ما أردت أن تحقق لنفسك حياة كريمة ولوطنك الخير والنماء. لعل التزامك بالتميز كقيمة وكمنهج يساعدك - بإذن الله - على تحقيق ذلك فالمستقبل سيقتصر على المتميزين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي