قراءة في حديث وزير الإسكان لشركاء التنمية

كان في حديث معالي وزير الإسكان الدكتور شويش الضويحي في لقاء شركاء التنمية في جريدة ''عكاظ''، أكثر من رسالة حول مستقبل الإسكان والرؤية الثاقبة الصادقة الأبوية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لدور الإسكان في تحقيق الاستقرار والطمأنينة لأبنائه وبناته أبناء وبنات المملكة العربية السعودية، كما أحسن أخي الدكتور هاشم عبده هاشم في تبني ودعم هذه الرسالة التنموية الإعلامية الواعية والراقية للأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة عندما أطلق ومن منصة جريدة ''عكاظ'' الدعوة نحو تحقيق شراكة تنموية حقيقية بين مختلف القطاعات وصاحبة الجلالة السلطة الرابعة الإعلام.
لقد كان لمبادرة جريدة ''عكاظ'' بدعوة الأمير خالد الفيصل ثم وزير الإسكان دور إيجابي في إيضاح الكثير من الأمور التي يجب الوقوف عليها ومعها من أجل مستقبل مشرق لهذا الوطن الغالي.
عودة لما ذكر وزير الإسكان وأشار إليه الدكتور هاشم في عموده اليومي في الجريدة من أن هناك فئة من المجتمع ممن أنعم الله عليهم بالوفرة المالية أو القدرة الشخصية أو الأسرية التي ساعدتهم على توفير السكن الملائم لهم ومع ذلك يصرون ويحرصون على أخذ قرض من صندوق التنمية العقارية أو ممن تقدموا بطلب مسكن ضمن مشروعات وزارة الإسكان الإسكانية وهو ما يعتبر معطلا لحق إنسان سعودي مستحق لهذا السكن، وأذكر أنني عندما كنت أتعاون مع صندوق التنمية العقارية قبل فترة طويلة من الزمن وقفت على مثل هذه التصرفات لأشخاص أنعم الله عليهم بالسكن ومع ذلك أصروا على الحصول على قرض من صندوق التنمية العقاري مع ضعف موارده في تلك الفترة، وأذكر أنني تحدثت إلى بعضهم حول أن هناك من هو محتاج فعلاً إلى القرض وأن إصرار مثل هؤلاء غير المحتاجين إلى القرض على أخذه يضعف فرصة من يستحق ويؤخرها لسنوات وأن مثل هذا التصرف ليس من الدين أو الوطنية في شيء على أساس أن المسلم مطالب بإيثار الآخرين على نفسه تصديقاً وعملاً بقول الله - سبحانه وتعالى ''ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة''.
لقد كان رد أكثر من تحدثت معهم ممن أنعم الله عليهم وليسوا في حاجة إلى أخذ قرض من صندوق التنمية العقارية، أن هذا القرض حق مكتسب لكل مواطن سعودي وهو جزء من نصيبهم في ثروة الوطن، والإيثار هنا ليس محله وأن الدولة قوية وغنية ولا يضرها أن يأخذ المواطن قرضا بغض النظر عن وضعه المادي وقدرته على توفير السكن بعيداً عن القرض ومضايقة من يستحقه.
إن الهدف الأساسي من وجود مثل صندوق التنمية العقارية أو وجود مشروعات للإسكان هو دعم وتوفير السكن لمن لا يستطيع ذلك ابتداء، وهو ما يوجب علينا جميعاً التعاون مع الوزارة لتحقيق هذه الرسالة الإنسانية الإسلامية السعودية الراقية التي تحرص على راحة وطمأنينة واستقرار أبناء الوطن بغض النظر عن الجنس واللون أو الموقع، وتعزيز مبدأ وثقافة الإيثار، وهو المبدأ الإسلامي الخالد الذي أمر به الله - سبحانه وتعالى - ليبرز فينا القيم العظيمة لهذا الدين العظيم الصالح لكل زمان ومكان.
إن الدعوة التي أطلقها وزير الإسكان، حتى لو لم تكن بصوت رفيع، والتي تؤكد أهمية إعطاء الفرصة في القرض وفي الوقت المناسب لمن يستحقه، تتطلب منا جميعاً العمل على دعمها ورفع الصوت بها وتحريكها في قلوب وعقول كل من يحاول ألا يستمع لها لعل الله أن يساعدنا جميعاً على ترك أثر في ذلك القلب المؤمن حتى يؤمن بحق أخيه المؤمن في الحصول على السكن الملائم بكل يسر وسهولة، وفي الوقت المناسب، بدل الانتظار لأعوام عديدة نتيجة مضايقة من لا يستحق السكن أو القرض من يستحقه.
إنها رسالة تأكيد من وزير صادق لرؤية معايشة عايشها من واقع العمل الميداني اليومي ودعا لمساعدته على إيضاح هذا الأمر لمن له قلب وألقى السمع وهو بصير. دعوة وطنية صادقة لإيجاد المحبة والألفة والإيثار بين أبناء هذا الوطن الغالي، وهو مقياس صدق وحق لمن منحه الله الأخلاق الإسلامية النبيلة في زمن الماديات والفردية، ولعلها دعوة تتحقق ضمن سلسلة من الدعوات الصادقة بالعودة بالمجتمع إلى زمن الصفاء والإيثار وتعزيز القيم الإسلامية العربية السليمة التي بعث المصطفى - عليه الصلاة والسلام - ليتممها تأكيداً لقوله: ''إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق''، وعلى رأس هذه المكارم الإيثار لمن يستحقه من الفقراء والمساكين والأقل قدرة.
وإن كانت الدعوة لمن لا يستحق القرض أو السكن لمن يستحقه فإن أمانة الكلمة توجب أن أذكر بالشكر والتقدير فئة أخرى من المواطنين ممن انسحبوا عن أخذ القرض أو السكن بعد أن أعلنت أسماؤهم لأنهم أصبحوا في حالة مادية بعد توفيق الله أفضل مما كانوا فيه عند التقدم للقرض واعتذروا حتى بعد إعلان أسمائهم وأنهم ضمن من صدرت لهم قروض وآثروا أن يتركوها لمن يستحقها. بارك الله في الجهود التي تعمل من أجل وطن سعودي الانتماء، عربي اللسان، إسلامي المعتقد وعالمي الطموح، والله من وراء القصد.

وقفة تأمل
''عليك بالقصد فيما أنت فاعله
إن التخلق يأتي دونه الخلق
وموقف مثل حد السيف قمت به
أحمي الذمار وترميني به الحدق
فما زلقت ولا أبديت فاحشة
إذا الرجال على أمثالها زلقـوا''

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي