مراعاة حقوق الآخرين في الطريق

تعمدت مرة أن أقف في موقف سيارة بجوار الرصيف، لكنني استبقيت مسافة كبيرة بيني وبين الرصيف، كنت أقصد منها ألا أترك مجالا لأحد أن يقف خلف سيارتي وقوفا مخالفا، أو ما جرى عليه تعارفا "صف ثان". كان وقوفي ملحوظا بارزا يشعر أي مار بالطريق بصعوبة الوقوف خلف سيارتي بسبب أن حركة السير في الشارع ستتأثر أو ربما تتعطل. طبعا وقفت هكذا بسبب معاناتي من الذين يقفون خلف السيارات الواقفة بطريقة نظامية كي يكونوا قريبين من المحال التي يريدونها دون أن يكلفوا أنفسهم إيقاف سياراتهم في أماكن أبعد لكنها نظامية والترجل على أقدامهم إلى هذه المحال.
إنها أصبحت ظاهرة يلاحظها كل واحد منا في الشوارع العامة، وهي تعود في الأساس إلى ثقافة مجتمع والشعور بالآخر. فعندما يقف أحدنا في صف ثان سادا على آخر إمكانية خروجه فهو إنما يصادر عليه حقه في استخدام سيارته، بل يعلي الأنا في نفسه فوق الآخرين فلا يرى أن في الطريق لهم حقوقا، وينسى أن حريته تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين، ناسيا حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، ولا أعتقد من يغلق على الآخرين يحب أن يغلق أحد عليه مطلقاً.
أعود إلى موقف سيارتي البارز، فلقد قضيت حاجتي من المحال المقابلة وخرجت، لكنني فوجئت بشخص يقف خلف سيارتي. لن أكون مبالغا لو قلت لكم إن سيارته الآن أصبحت في الصف الثالث إن جاز لي التسمية. كانت السيارات تسير بصعوبة في الشارع وانتظرت مدة عشر دقائق إلى أن جاء صاحب السيارة وحاول أن يتخفى إلى أن يصل إلى سيارته، إلا أنني انتظرته عند سيارته، وطبعا تكون الإجابة "أنا آسف .. كنت مستعجلا"، كأن الذي يسد على الآخرين هو المستعجل الوحيد في المدينة وعلى الآخرين مراعاة عجلته .. فمتى نعرف أن للآخرين حقوقا أيضا مثل ما لنا من حقوق؟!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي