أبعدوا أسماء التفضيل عن مشروعاتنا

يقول حكيم: إذا أردت أن تذم إنسانا فبالغ في مدحه، فالناس تمج المبالغة في المدح، وذكر محاسن ليست في الإنسان، مما يدفعها إلى ذكر نقائصه، وما ينطبق على الإنسان ينطبق على شؤون الحياة كافة، فالمبالغة مذمومة في كل شيء، ومن المؤسف أن هناك من يعتقد أن المبالغة في الحديث عن محاسن أمر من الأمور تعني الولاء، في حين أنها تنعكس سلباً على ما يراد الثناء عليه.
كبار المسؤولين في بلادنا يحرصون كل الحرص على أن يُعطى كلُ أمرٍ ما يستحقه، دون مبالغة أو انتقاص، وهم حين يفتتحون مشروعاً من المشروعات على سبيل المثال، يتحدثون عنه بلغة واقعية، تضع الحقائق أمام المواطنين دون مبالغة، بل ويطلبون من المواطنين أن يُقيموا هذا المشروع، فهو أنشئ من أجلهم، وهم الذين يجب أن يعبروا عن رؤيتهم له.
لغتنا العربية لغة جميلة، ويمكن من خلالها استخدام التعابير التي تحكي عن الواقع، ولكن استخدامنا لكثير من الألفاظ في غير محلها، أو المبالغة في الوصف، يسيء إلى كثير من المنجزات، فأسماء التفضيل والتي منها "أكبر وأجمل وأعلى وأضخم وأحسن" تستخدم من قبل البعض في وصف مشروعات لم تنشأ من أجل أن تُسجل ضمن موسوعة جينيس للأرقام القياسية، أو لدخول سباقات مزاين المشروعات، بل أنشئت من أجل المواطن، وحسب احتياجات سكان المدينة، ولهذا نجد أن مبالغة بعض المسؤولين في وصف المشروعات التي تتولى وزاراتهم تنفيذها، تعود بأثر عكسي على المشروع مهما كان متميزا، وهذا نشهده في تعليقات القراء على تصريحات بعض المسؤولين ممن اعتادوا استخدام أسماء التفضيل وصيغ المبالغة.
إن المواطن هو المقيم الحقيقي لأي مشروع ويجب أن يُترك له هذا الدور، وهو صادق في تقييمه، ولا يمكن أن ينطلق من عاطفة أو هوى، كما أنه يسعد بأي مشروع ينفذ في مدينته، ولديه استعداد أن يتحمل المشاق التي تترتب على تنفيذ المشروع، طالما أن المحصلة النهائية ستصب في صالحه وصالح مدينته.
إذاً نحن في حاجة إلى أن نلغي أسماء التفضيل من قاموسنا حين الحديث عن مشروعاتنا، فثقتنا بأنفسنا يجب أن تسبق ما نطرحه من آراء هي إلى الحماسة أقرب منها إلى الواقع، خاصة حينما نصف مشروعاً بأنه أكبر أو أعظم مشروع في العالم، فالعالم واسع جداً وفي الوقت الذي نفاخر فيه بمشروعنا تكون بعض الدول قد أنجزت ما هو أكبر منه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي