وهل الكونُ يحزَنُ؟

‏* أهلا بكم في مقتطفات الجمعة رقم 402.
***
* الأمير "نواف بن فيصل بن فهد" في وفاة والدته الأميرة "منيرة" يرحمها الله:
يمّه: وداع، وخِيرَةْ الله خِيرَه، وفي ذمـة اللي كــلـنا بارضـه ضـيــوف
أقول وش آقول: راحت "منيرة" يعني فقدتْ النبض والسمع والشـوف
***
* حافز الجمعة: تسأل "نوف البغلي" من الكويت: "لماذا تردّد أن "مَي زيادة" أفضل أديبات العرب؟"- أسلوبُها يا نوف وفكرها وعمق معارفها، وهي التي قالت: "ليست الصعوبة في المجاهدة لنيل غاية عزيزة، وإنما الصعوبة الموجعة.. عدم وجود الغاية!"
***
* ما زالت رائحةُ الثورة قوية النفاذِ في مصر، وما زالت ظاهرة غموض وإبهام وضياع إشارات الطرق لبناء أمّةٍ جديدةٍ والتي تأتي أعقاب الثورات سائدة.. فهناك من يعتقد أن ثورةً مضادةً تُطبخ تحت الأرض، ومن يعتقد أن الثورةَ المضادة طلـّتْ برؤوسها، وبعضٌ يراها محض وهْمٍ وتهاويم.. وعفاريت لا يراها إلا من يخاف منها. لم يجلس مفكرو مصر حتى الآن مع بعضهم ويتناقشوا من مؤشرات الواقع والتاريخ؛ هل فعلا هناك حركاتٌ ارتداديةٌ؟ هل تنتج آلية الثورات قوىً مناهضة، ما يسمى بالثورة المضادة؟ إنهم يتناثرون بالقول، ولم يجلسوا بهدوءٍ ليطرحوا كامل الوضع على طاولة التشريح.. ويتلمسوا الحلول. وهذا برأيي أهم ما يجب أن يقوموا به الآن لتفادي مفاجآت وانعطافات عكسية في طريق مُهِّد بالصبر والشجاعة والصبر والدم.
***
* وفي الرابع عشر من يوليو من عام 1789م قامت أشهر ثورة في الأرض، الثورة الفرنسية، التي مهدت، كما ادعى "البير كامو"، لكل ثورات العالم حتى نهاية آخر ثورةٍ على الأرض. ودرسٌ تاريخي نعيد تذكير شباب الثورة في تونس ومصر به. تلك الثورة قام بها العمالُ الجياع والمواطنون الفقراء، ومن فاز بثمراتها هم البرجوازيون والمغامرون من كل نوع، وعلى ركامها قام نظامُ نابليون العسكري (والذي استهلَّ حكمه، كما قلنا بمقال "مصر مش صعبانه عليا"، بعدوان على مصر) وانساحتْ جيوشُهُ بعد ذلك في بقية الممالك الأوروبية. ولكن بعد هزيمته عاد "النظامُ القديم"، نظامُ "ملوك البوربون".. وكانت هناك ثورة أخرى بعد زمن لأن روح الثورة لم تخمد وهي تلك التي سجلها عام 1871 بعد سقوط نابليون الثالث، ثورة أقل شهرة وأكثر تأثيرا وبقاء أعادت روح ثورة "كوموتة باريس" الشعبية التي هزمها رجعيو أوروبا، فهزمتم وأقامت نظاما جمهوريا جديدا.. ما زال قائماً حتى الآن. ويصدق الحال بظروف أخرى على ثورة البلاشفة وارتدادها على نفسها حتى قيل إن الثورات تأكل أبناءها. يجب أن يتنادى المفكرون لقراءة ما حصل في الماضي وما قد يقع في الحاضر أو المستقبل للتصدي للانقلابات الظرفية والموضوعية السريعة.. وكما قال "غاليباردي" موحّد الأمة الإيطالية: "مزاجُ الشعوب أسرع من ضربة البرق!".
***
* والدكتور عفيف، من جيزان، يسأل: "هل تعتبر الكسوفَ والخسوفَ حُزنا كونيا؟". لا أدري كيف فكر الدكتورُ عفيف بذلك، لينبع سؤالٌ آخر: وهل الكونُ يحزَنُ؟ برأيي في "العاطفة الكونية" أن الكسوفَ والخسوف ليس مدعاة منطقية كونية للحزن، والسبب أنه يتكرر كمشهد فلكي، وكل شيء يبقى على حاله. وإن أطلقتُ خيالَ عاطفتي الكونية فإني أرى أكبر حزن كوني درامي هو قبور نجومٍ كانت تمرح ضياءً بقبـّة الكون، تلك الثقوبُ السوداءُ الهائلة بقماش الكون عندما تبدأ الطاقة تنسحب من نجمة عبر الأحقاب فتخفت إضاءاتها الساحقة الانتشار بالصراع المارد المميت بين كتلة النجمة المحتضرة والجاذبية المضطرمة البالعة.. حتى تستسلم النجمة وتغيب في غياهب ظلامٍ سحيقٍ إلى الأبد.. هذا مشهدٌ حزائنيٌ كوني.
***
* مجرد حكاية نقلها لها ابنها، فاختمرت ونمت برأس الإنسانة ذات الحس الاجتماعي العميق "عالية محمود" مشروعا جميلا بعنوان "رفيق الرسول" وتقول برسالتها: "لا أزال أذكر كلام ذلك اليتيم الذي كان يلعب بالكرة مع ابني وهو يقول له: كم يتمنى أن يركب طائرة أو يسافر يوما مثل بقية الأولاد لكنه لا يستطيع لأنه يتيم! وكم أثقلت كاهلي واستوقفت تفكيري طويلاً تلك الأمنية اليتيمة له، ما ذنبه لا يسافر ولا ينفذ لقلبه وعقله الضوء؟ أين نحن منهم؟ دفعني الموقف لبناء فكرة حولها ولتقديم شيء لربي وديني وليفخر بي رسولي - عليه الصلاة والسلام - وهي إعداد "برنامج رفيق الرسول" لتحقيق أحلام أولاد جمعية "إنسان"، وهم في سن المراهقة حيث يحتاجون للكثير من الرعاية والتوجيه والاهتمام. قال علي - رضي الله عنه: "إذا بلغ الفتى الثالثة عشرة فجددوا دينه". وأنضم بكل ما أستطيع مع هذا المشروع المبارك، وأرجو زيارة موقع البرنامج التفاعلي على الفيسبوك www.Rafeq.net
***
* والمُهم: شاعرٌ يقول عن أهل مصر في شهر القيظ يوليو، شهر الثورة المصرية في عام 1952م، والثورة الفرنسية:
أيها السائلون عنا بمصر، كيف نُضْحي بها وكيـف نـبـيتُ
نحن في هذه المدينةِ.. نحيا حين نُمْسي، وفي النهارِ نموتُ
إن صدق هذا على مدن أخرى، فلم أجده بمصر!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي