10 حلـول للأزمـة الإسكانيـة فـي الســـــــعودية.. أبرزها منع احتكار الأراضي

لا شك أن المعضلة الحقيقية التي تواجهها السعودية هي قضية الإسكان، التي اعترفت بها الدولة أخيرا بكافة أجهزتها الحكومية، وهذا الاعتراف يعد أهم وأول خطوة لحلها، ولكن ما أخشاه هو أن ننشغل بتقديم حلول مؤقتة أو تقديم حلول لأسباب المشكلة الثانوية دون أن نقدم حلا لاجتثاث جذور المشكلة الرئيسية، مما سينتج عنه إما تفاقم مشكلة السكن أو الوقوع في مشاكل أخرى. وفيما يلي تعريف المشكلة وأسبابها والنتائج المترتبة عليها ومن ثم تقديم الحلول. وفي تعريف المشكلة, كما جاء في دراسة الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض, والتي نشرت في العدد 62 وهي الدراسة الوحيدة بحسب علمي التي يمكن أن يعتمد عليها إلى الآن، بأن المشكلة هي: "عدم قدرة أكثر من 60 في المائة من المواطنين على تملك سكن لهم ولأسرهم".

أسباب الأزمة الإسكانية
السبب الرئيسي: هو ارتفاع أسعار الأراضي حيث وصل سعر الأرض إلى ما يقارب 60 في المائة من سعر المسكن, رغم أن 77.4 في المائة من أراضي العاصمة الرياض ,على سبيل المثال, والواقعة داخل النطاق العمراني هي أراض بيضاء، وذلك بحسب دراسة الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض عدد 62 لعام 1431 ه، والسبب من وجهة نظري هو احتكار فئة قليلة من التجار مئات الملايين من الأمتار داخل النطاق العمراني وإحجامهم عن بيعها.
الأسباب الثانوية
- ضعف دخل الأسرة.
- إقرار الرهن العقاري.
- دعم صندوق التنمية العقاري.
- نظام البناء الحالي، والتوسع الأفقي في البناء.

النتائج المترتبة على الأزمة
- هدر ما يقارب 30 في المائة من دخل المواطن في الإيجار أو ما نسبته 33 في المائة لدفع أقساط القرض.
- عدم استقرار الأسرة من دون مسكن تملكه ويؤويها، والذي سيؤثر حتى في تربية الأولاد.
- تأثير هذا الهدر في حياة المواطن.

النتائج المترتبة على قلة دخل المواطن
- التأثير في مستوى تعليم الأسرة حيث سيضطر أفرادها إلى ترك التعليم والعمل مبكرا لمساعدة رب الأسرة.
- التأثير في مستوى الرعاية الصحية للفرد وأسرته لعدم تمكنهم من دفع أي مصروفات إضافية.
- انتشار الجريمة والقضايا الأمنية والأخلاقية بسبب تدني الدخل، أو بسبب الفقر.
- تفشي الفساد والرشوة.

الحلول
لحل المشكلة من جذورها يجب أولا القضاء على الأسباب الرئيسية المسببة لها ومن ثم الأسباب الثانوية وليس العكس, وذلك لضمان حل المشكلة جذريا، وتفادي الوقوع في مشاكل أخرى. وجل ما أخشاه أن نقوم بإقراض وزيادة قروض المواطن لشراء منزل ومن ثم يحدث هبوط حاد في أسعار العقارات، كما حدث في الولايات المتحدة واليابان وإسبانيا وغيرها الكثير، ومن ثم يجد المواطن نفسه أمام منزل لا يساوي 50 في المائة من المبلغ الذي دفعه عند الشراء, ومع ذلك أمامه 25 سنة لتسديد القرض. ونزول أسعار العقار ليس مستحيلا " فهي دورة اقتصادية مرت بغيرنا وهي في طريقها إلينا".
وحيث إن السبب الرئيسي لمشكلة الإسكان هو زيادة أسعار الأراضي والذي سببه احتكار فئة قليلة لمئات ملايين الأمتار من الأراضي المطورة أو البيضاء داخل النطاق العمراني وإحجامهم عن بيعها مما تسبب في زيادة أسعار الأراضي بنسبة تصل إلى 200 في المائة خلال السنوات الأربع الأخيرة في بعض المناطق وتزيد وتقل في مناطق أخرى، كما يوضح الرسم البياني المرفق أحد أحياء الرياض، فإنني أقترح ما يلي لحل المشكلة جذريا:
أولا: تطبيق قرار مجلس الوزراء رقم م / 25 بتاريخ 4/5/1425، بخصوص إقرار نظام المنافسة والذي ينص في مادته الأولى على أن الهدف منه هو حماية المنافسة العادلة وتشجيعها ومكافحة الممارسات الاحتكارية، على جميع تجار العقار الذين يملكون مئات الملايين من الأمتار داخل النطاق العمراني والتي إما أنها لم تتطور أو أنها طورت ولم تعرض للبيع.
وهذا الحل من أهم الحلول التي ستساعد على زيادة المعروض من الأراضي ومن ثم انخفاض الأسعار. ولا يخفى على الجميع ماذا حدث لأسعار المكالمات الدولية عندما فتحت المنافسة لشركات الاتصالات وتم تطبيق المرسوم الملكي أعلاه حيث أصبحت تكلفة الدقيقة للاتصال في الولايات المتحدة 2.5 ريال بعد أن كانت 13 ريالا.
كما أن في تطبيق النظام أعلاه والقضاء على الاحتكار تطبيقا للشريعة الإسلامية, حيث إن الدين الحنيف حرم مثل هذه الممارسات، ويقول ابن تيمية في ذلك: " وعندما تحرم الشريعة الإسلامية الاحتكار فإنها لا تترك المحتكرين يستفيدون من احتكارهم بل توجب على ولي الأمر أن يقوم ببيع الأموال المحتكرة جبرا عن محتكريها بثمن المثل, فلو امتنع المحتكر عن بيعها بالمثل باعها ولي الأمر ودفع لصاحبها ثمن المثل".
ثانيا: تطبيق نظام نزع ملكيات العقارات للمنفعة العامة ووضع اليد المؤقت على العقار, والذي جاء في قرار مجلس الوزراء رقم م / 5 بتاريخ 11/3/1424.
ويمكن أن يطبق هذا النظام لنزع ملكيات الأراضي البيضاء الواقعة داخل النطاق العمراني وإقامة مشاريع إسكانية عليها للمصلحة العامة, كما حدث في جبل عمر في مكة المكرمة وفي أماكن أخرى من السعودية.
كما أن تطبيق هذا النظام سيساعد على تطبيق القرار الملكي الكريم ببناء 500 ألف وحدة سكنية، ومن دونه سيصعب إيجاد أراض داخل النطاق العمراني لتنفيذ هذا المشروع المهم والحيوي.
ثالثا: تعديل نظام البناء لزيادة الارتفاعات في الشوارع التجارية التي لا تزيد على دورين حاليا، واعتماد أحياء سكنية بأربعة أو خمسة أدوار في شمال الرياض وشرقه وغربه على غرار مشروع القصر في جنوب الرياض وعلى غرار حي الروضة في جدة.
رابعا: إنشاء هيئة عقارية لتنظيم السوق العقارية على غرار هيئة سوق المال وهيئة الاتصالات.
خامسا: تطبيق المرسوم الملكي رقم 3321 وتاريخ 21/1/1370هـ بإقرار نظام ضريبة الدخل وما جاء في المرسوم الملكي رقم 17/2/28/8634 وتاريـخ 29/6/1370هـ القاضي باستيفاء الزكاة الشرعية وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية بواقع (2.5 في المائة) على الأراضي. وهذا النظام سيخدم الدولة والمواطن في عدة أوجه أولها تطبيق شرع الله، ومن ثم زيادة المعروض من الأراضي والذي سيؤدي إلى انخفاض الأسعار، زيادة دخل مصلحة الزكاة والدخل بمليارات الريالات وتحقيق استراتيجية خادم الحرمين في القضاء على الفقر.
سادسا: زيادة دخل الفرد السعودي، وقد قامت الدولة مشكورة بزيادة الرواتب بنسبة 15 في المائة.
سابعا: زيادة قروض صندوق التنمية وتخفيف الشروط, وهذا ما قام به خادم الحرمين الشريفين مشكورا قبل عدة أيام.
ثامنا: إقرار قانون الرهن العقاري، وبحسب ما سمعنا بأنه سيقر قريبا بإذن الله.
تاسعا: إنشاء مشاريع إسكانية إما بواسطة الدولة أو بواسطة القطاع الخاص ولكن بإشراف الدولة.
والتجربة الصينية هنا مثال جيد حيث تقوم الدولة بتخصيص أرض فيقوم المستثمرون بتطويرها عن طريق المنافسة، وتتم ترسية المشروع على من يقدم أفضل عرض من ناحية المواصفات وعدد الوحدات السكنية وسعر البيع.
عاشرا: الإفصاح عن البيانات الموجودة في كتابة العدل ونشرها في موقع الوزارة على الشبكة العنكبوتية ليتمكن المواطن والباحث والمستثمر من الحصول على جميع المعلومات اللازمة مثل، آخر سعر تنفيذ في كل حي من أحياء الرياض، متوسط الأسعار في كل حي، أسعار الوحدات السكنية التي تم تنفيذها في كل حي، إجمالي عمليات البيع والشراء، إلى غير ذلك من المعلومات التي تخص العقار.

الهدف من حل الأزمة الإسكانية
إن الهدف من حل المشكلة ليس فقط توفير سكن للمواطن ولكن توفير حياة كريمة مستقرة وآمنة, لتمكنه من العمل وخدمة البلد وتربية جيل يخدم البلد مستقبلا, وتوفير حياة كريمة للمواطن يكون بتوفير سكن بسعر مناسب بحيث لا يقتطع من دخله أكثر من 15 إلى 20 في المائة شهريا، وأن لا يكون بتوفير سكن وإيقاعه في مشكلة دفع 33 في المائة من دخله لتسديد الديون. إن في الحلول المقترحة أعلاه حلا جذريا لمشكلة الإسكان وفي اعتقادي أننا اليوم ركزنا على حل الأسباب الفرعية 6 و 7 أعلاه للمشكلة وأغفلنا أساس المشكلة. وجل ما أخشاه أن يفاقم ذلك من المشكلة أو أن يوقعنا في مشاكل أخرى. لذا آمل من المسؤولين دراسة المشكلة وأسبابها من جميع الأوجه ومن ثم حلها جذريا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي