منحوس التأشيرة

أطرف خبر قرأته خلال الأيام الماضية إعلان وزارة العمل وقف الاستقدام عن مواطن لأنه ''ثبت متاجرته بالتأشيرات''. الطرافة تأتي من أن تجارة التأشيرات مستشرية أصلا، وهي سبب وجود عشرات الآلاف من المحال والمنشآت التجارية التي تؤسس أصلا من أجل الحصول على تأشيرة، ومن ثم بيعها وترك العمال يسرحون ويمرحون دون رقيب أو حسيب. لذلك سأسمي الأخ المواطن المذكور ''المنحوس'' لأنه بالفعل منحوس وإلا لما تفرد بهذه الميزة في بلد يصدر شهريا أكثر من 60 ألف تأشيرة للأجانب.
الطرافة كذلك في أن ''الأخ المنحوس'' كان وحيدا في البيان، وهو خالف قاعدة ''حشر مع الناس عيد''، وزادت جرعة ''النحاسة'' فيه ليخصص له بيان ''لوحده'' مما يعني أنه أصبح خطر على الأمن الوطني والمجتمع.
دعك من كل هذا، السؤال الذي يدور في خاطري هو: كيف وقع هذا المنحوس في شراك الوزارة النبيهة، وتورط في هذه التهمة على الرغم من بساطة تجاوز أي عقبات للحصول على التأشيرة أو بيعها في السوق؟
شخصيا سأتخيل سيناريو اكتشاف المنحوس .. ربما اختلف مع الأجنبي الذي باع له التأشيرة، وتماسكا بالتلابيب أمام الوزارة، في هذه الحالة من الضروري تدخل أمن الوزارة في الأمر، وربما أن المنحوس طلب لقاء الوزير ليشكو الأجنبي. وعند المقابلة سيعتبر الوزير أن هذا المنحوس متاجر بالتأشيرات يستحق العقوبة.
وربما – وهذا احتمال ثان - أن الذي اشترى التأشيرة لم يسدد له المبلغ أو تأخر عليه، وأخونا ما صدق خبر وراح يشكوه عند وزارة العمل، وهكذا يمكن أن يسقط في الفخ المخروم الذي لا يسقط فيه أحد بهذا الشكل!
واحتمال ثالث أن يكون من اشترى هذه التأشيرات من العمالة التي تخدم أو تصب شاي في الوزارة ورفع المنحوس على العامل الضريبة الشهرية، وذلك دفع العامل إلى أن ''يفزّع'' زملاءه الموظفين في الوزارة للتنكيل بالمنحوس، وقالوا له ''أبشر .. مابقى إلا كومار يلعب عليه منحوس'' واعتبر متاجرا بالتأشيرات.
أخيرا .. كيف تتخيلون وضع التأشيرة التي كانت تتوق للسفر والعودة داخل جواز عامل يبحث عن لقمة عيش، وتحولت بفعل هذا المنحوس إلى مجرد ورقة ستؤول إلى قصاصة الورق؟ أنا أتخيلها تقول: يامنحوس .. مش أنا ليلى!!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي