Author

ومضات ملتقى المياه والكهرباء وتوليد الطاقة

|
على ما يتضح ويثبت يوما بعد يوم من خلال التقارير التي تخرج من الداخل والخارج، وفقا للدراسات والتصورات المستقبلية التي يمكن أن تواجه منتجي الطاقة ومستهلكيها من صعوبات باتت قريبة من الحدوث حينما يتم التطرق لـعشر سنوات قادمة، فهي في عرف الوقت الذي يمر علينا، تعد قريبة وستمر كلمح البصر في عصر السرعة الذي نعيشه، إضافة إلى ما يجب عمله تجاه تخطي تلك الصعوبات حيث من المنظور الأول في تقييم الخبراء والاستراتيجيين وصناع القرار، أن أي خطوات تصحيحية ومبادرات سريعة باتجاه حلحلة الصعوبات تعد من المستحيلات التي لا تتوافق فيها القدرة على مواكبة الطلب على الطاقة مع الاحتياج الكبير لها في السنوات القادمة نتيجة النمو الكبير الاقتصادي والسكاني، وتقابله من ناحية أخرى الصعوبات التقنية والتكتيكية الإدارية والاقتصادية والتخطيطية والوضع العالمي وتأثيراته أيضا.ثلاثة محاور مهمة جدا في عالمنا المعاصر احتواها المعرض والملتقى السعودي الدولي السادس للمياه والكهرباء وتوليد الطاقة من تاريخ 6 - 8 حزيران (يونيو) 2010 تحت رعاية وزارة المياه والكهرباء والذي أقيم في مركز معارض الظهران الدولية في المنطقة الشرقية. وكانت حاضرة ومضاته أمام ناظري خلال الأيام الثلاثة التي حضرتها. وحاولت بشتى الطرق أن أخرج بفائدة وتصور متين نحو الدعوة التي يجب أن يتبناها كل فرد وأسرة ومجتمع ومنشأة ودولة، في استثمار الوقت قبل فوات الأوان واستغلال الوضع الراهن الذي تمر به الأرض وما تتعرض له من ارتفاع مطرد في حرارة الغلاف الجوي ''الاحتباس الحراري الذي بات يزداد حدة بازدياد الحرارة بمقدار ثلاث درجات مئوية وما يخاف منه في السنوات القادمة أن يصل الارتفاع إلى ست درجات مئوية نتيجة الانبعاثات الغازية والتي تقدرها التقارير حاليا بنسبة 387 جزءا في المليون وستصل متوقعا إلى 550 جزءا في المليون في نهاية القرن إن لم يتم تبني معاهدات والتزامات، في الدعوة إلى عدم تخطي 440 جزءا في المليون خلال العشرين سنة المقبلة، والتي دعت إليه المنظمات ووكالة الطاقة العالمية في مؤتمر كوبنهاجن للمناخ العام المنصرم من خلال التدابير اللازمة في الاعتماد أكثر فأكثر على الطاقة الذرية والمتجددة وفي تثبيت ازدياد الحرارة بدرجتين مئويتين''. الملتقى لم يخلُ من شطحات لتقارير وآراء أكبر من أن تكون واقعية أثارت حفيظة المهتمين، وهي طبيعية وصحية ولا يخلو أي ملتقى ومؤتمر في العالم من الآراء المختلفة وفقا لرؤية متبنيها، لكن النقاشات والمداخلات تعطي رونقا وإشعاعا للمعلومات المهمة الصحيحة أو التي تقارب الحقيقة، وتزيل القشور والأغلفة الرثة وتبرز الخفايا التي تحويها المعلومات غير الدقيقة والضعيفة. هذه الشطحات في تصوري لم تتعد 30 في المائة قابلها 70 في المائة من المعلومات المثرية عن الطاقة والوضع الراهن الذي يحيط بنا ويلمس عن قرب ما يعانيه العالم بأسره، لأننا ضمن منظومة واحدة في هذا العالم الصغير، الذي لا يمكن التحرك في أي اتجاه دون الرجوع إلى الآخرين والاستنارة بما يملكون من تجارب وآراء وعلوم، والذين يشاركوننا دون شك الحياة على هذا الكوكب. ما أبرزه الملتقى فيما يخص المياه، كان مثار دهشة الجميع في الكميات الكبيرة المهدرة التي لا يعيها المواطن السعودي بالتحديد في كونه أحد أعلى مستهلكي المياه في العالم في دولة من أفقر الدول في العالم في مصادر المياه، كون التعرفة والتسعيرة الرمزية المدعومة من الدولة لا تتوافق والسعر الحقيقي ولا تقاربه أيضا، مما يجعله لا يعير انتباها ولا اكتراثا للأمر، في ظل النداءات الكثيرة التي تخرج من الوزارة. الواقع المرير للهدر المائي سيجر الوضع إجبارا مستقبلا لإعادة النظر بجد في التسعيرة للحد من الانتهاكات الاستهلاكية. وقد برز موضوع آخر مهم عن المياه لكنه يخص الصرف الصحي والمشاريع القادمة التي تركز بجد لمعالجته واستغلاله في أغراض أخرى في الري الخاص بالبلديات وفي المشاريع الصناعية وغيرها، وما عرضته الشركات الرائدة في هذا المجال نحو المعالجة والتنقية التي تفوق المياه العذبة بعد المعالجة كما أوردته وشددت عليه بثقة تامة، هو دليل على توجه العالم علميا وتقنيا لإيجاد حلول للمصادر واستغلال ما يمكن استغلاله من نتاج مائي، مضافا إلى ما تملكه تقنيات المعالجة القادمة لاستغلال الحركة الناتجة من الاختلافات المائية في النظام في إنتاج الطاقة أيضا. تجدر الإشارة إلى التقنيات الحاسوبية الرقابية للشبكات المائية بالعدادات العالية الدقة المرتبطة بالحواسيب وبالأقمار الصناعية إن صحت المعلومة في تنظيم الاستهلاك والتنبيه إلى المشكلات والتسريبات وخلافه، كأدوات حديثة يمكن التفكير في الاستثمار فيها لتوجيه المجتمع توعويا وبنائه ثقافيا وبيئيا. أما جانبا الكهرباء وتوليد الطاقة اللذان أخذا في طرحهما خلال الملتقى عدة منعطفات، سواء كانت مضخمة أو واقعية، لكن أهم ما طرح من قبل المعنيين بالكهرباء في رفع التعرفة والتسعيرة على الفئات الحكومية والصناعية والتجار، وكذلك في مصارعة الأهواء المستقبلة من الجمهور الذي رفض مضمونا أخذ الاستراتيجيات ووضع الأرقام المخيفة المتعلقة بالكهرباء للعشرين سنة القادمة كمدى بعيد قد لا يمكن تثبيته ومواكبته، والدعوة إلى وضع استراتيجيات قريبة أولا كثلاث سنوات ومن ثم يتم التحديد المستقبلي على أساسها، إضافة إلى تطبيق الأساليب المعيارية Benchmarking ومفاتيح تحديد الكفاءة KPI’s ليتم التقييم وتحديد الثغرات والفجوات ومن ثم سدها. هذا من جانب الكهرباء، أما الجانب الآخر والذي هو في طور المخاض الذي لا يمكن التنبؤ بجدواه وسلامة محتواه، ولم يتمكن حتى الآن وحتى في العشرين سنة القادمة، كما تشير إليه التقارير، من مقارعة الطاقة الأحفورية وهو الطاقة الذرية والمتجددة، والتي هي الآن لا تتعدى 18 في المائة ويراد لها أن تصل إلى 33 في المائة كما خرج العام المنصرم، وهذه السنة كآخر تقرير خرج في الشهر الماضي في توقع أن تصل الطاقة الشمسية من 20 إلى 25 في المائة.في النهاية؛ لا أعلم ما يدور في خلد كثير من الموجودين خلال مداخلتي في اليوم الأول من المحاضرات التي ركزت فيها على التفريق بين الحفاظ على الطاقة وكفاءة الطاقة، فقد كانت الرؤية غير واضحة عند المستقبلين سوى مجرد عبور جانبه طأطأة رؤوس بالترحيب وكأن الأمر بعيد عن الاهتمام والتفكير، إلا أن محاضرة الدكتور بكر خشيم مستشار الطاقة وعضو مجلس الشورى التي ركزت على جانب كفاءة الطاقة من عدة محاور قد استوعبت كل ما في رؤيتي، لكن مع الأسف كانت في نهاية اليوم الثاني، والذي لم يكن يعج بالمسؤولين وصناع القرار في الطاقة والكهرباء، فكفاءة الطاقة تعد من المحاور الرئيسة التي يتنبأ لها علماء الطاقة بأنها ستوفر نصف كمية الطاقة التي نحتاج إلى أن نقتطعها للحفاظ على المناخ والبيئة، فلسنا نحن لوحدنا ممن لا يكترثون بهذه القضية، فحتى أفضل الدول في العالم لم تستغل أكثر من 60 في المائة من النصائح والإرشادات التي تطلقها وكالة الطاقة العالمية. المجال كبير والتوعية مطلوبة والاستثمار فيها من أهم السبل التي يجب أن تأخذ طريقا سريعا على جميع الأصعدة والمستويات، بما يخص الهدر في الطاقة وإعادة تقييم الاستهلاك وتطوير العمليات والمعدات وتدريب ودعم الكفايات والنزول إلى العمق في مجال التوعية المستمرة.
إنشرها