Author

نحتاج لهيئة عليا للاستدامة بعد مركز كفاءة الطاقة..!

|
من المفترض أن يتضح قريبا برنامج العمل الترتيبي والتوعوي لمركز كفاءة الطاقة وخارطته التنظيمية، والمتوقع فيها البعد المستقبلي والأهمية الكبرى التي يجب أن تتبلور بعد تحويل البرنامج الوطني ''المؤقت'' لإدارة وترشيد الطاقة القائم مسبقا في مدينة الملك عبد العزيز إلى مركز وطني دائم تمت تسميته ''المركز السعودي لكفاءة الطاقة'' والمرتبط مباشرة برئيس المدينة، كما تم الإعلان عنه في بداية تشرين الثاني (نوفمبر) بقرار من مجلس الوزراء وبتوصية من وزارة البترول والثروة المعدنية، في إشارة تنويرية مسبقة عبرت بأهمية الموضوع من الناحية الوطنية التي أدلى بها الأمير عبد العزيز بن سلمان، مساعد وزير البترول والثروة المعدنية لشؤون البترول، على هامش مشاركته في جلسات الندوة الدولية للطاقة، التي أنهت أعمالها في الرياض نهاية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وقد دلت وتضمنت إشارته لتوجه المملكة نحو الهدف السامي من القرار بتهيئة الأرضية المناسبة والترتيبات اللازمة لتحقيق الغاية التي استند إليها البعد التحويلي. وهذا القرار السامي التحويلي يدل دلالة واضحة على أن الترشيد في الطاقة لم يعد يمثل الوضع الراهن المطلوب فهمه وتطبيقه والخوض في تطويره والتركيز عليه وحده في القرن الحالي؛ مما استوجب في توقعي الجازم من قبل الوزارة التوجه إلى الشمولية المعنية بها كفاءة الطاقة؛ وهو أمر ضروري ومرحلي، وقد تطرقت إليه في مقالات سابقة في التفريق بين مفهومي الترشيد والكفاءة في الطاقة والأهمية القصوى نحو فحوى الكفاءة وما يرتبط بها من مدلولات أساسية، التي باتت الشبكة الكهربائية الذكية جزءا من مدلولاتها التنظيمية. وأن ما يدور رحاه في الساحة العالمية في الوقت الراهن من أبحاث وتكتلات وتجمعات واتحادات؛ يستوجب علينا التفكير في مرحلة قادمة وقريبة جدا نحو التوجه من الشمولية في الطاقة بمعنى الكفاءة إلى ما هو أوسع وأعم نحو التكاملية الاحتوائية المتجددة للحياة المستدامة، الذي نحن بصدده في دعوتنا لتأسيس هيئة عليا أو مجلس أعلى للاستدامة، حيث لا يتعارض مع المركز السعودي لكفاءة الطاقة، بل سيكون المظلة القيادية الاحتوائية التوجيهية العليا المنسقة مع العالم في مفهوم الاستدامة المتجددة الشاملة للارتباط الوثيق بين كفاءة الطاقة والبيئة وإدارة المخاطر في عمليات سلسلة الإنتاج للمنتجات السعودية؛ للتأكد من مرورها بالمراحل البيئية النظيفة والمصادقة عليها؛ لأنها ستكون النافذة في التجارة والتصدير والاستهلاك التنافسي يوما ما قريب، في سياسة استحواذية مهيمنة من الدول المتقدمة والنامية القادمة بقوة في الطريق على العالم، كما يتوقع من نوايا وتوجهات أعضاء اتحاد الاستدامة Sustainability Consortium الذي تحدثنا عنه مسبقا. بل أرى من الضروري أيضا في ظل ما نعيشه من تقلبات مؤرقة كثيرة؛ حياتية واجتماعية واقتصادية ومناخية وبيئية مرتبطة بمصادر الطاقة والمياه والاحتباس الحراري، أن ننوه ونشير ونحاول بصدق أن نستفيد من النماذج التكاملية الاستراتيجية العالمية المبرمجة، لِنُخرِج برامجنا الموجهة نحو الطاقة وما يرتبط بها بمنطلقات متكاملة ومستندة على أسس علمية ومعيارية رقابية مقننة، والتي يحاول رواد تلك النماذج الوصول بها إلى مراحل وأهداف وأسقف رقابية عالية من التطبيقات المثالية التي يضعها الخبراء المخططون الاستراتيجيون، في محاولات اعتبارية جادة ومسؤولة ومعلنة يتم الإفصاح عنها من خلال البرامج والتجمعات والنتائج المتحصلة التي يقومون بها ضمن جداول وخطط موضوعة لتلك الغاية؛ كون الهدف الاسمي منها يكمن في تحويل هذه التقلبات غير المستقرة لتلك المواضيع إلى مصادر تحفيزية وإبداعية خلاقة، ذات بعد تشجيعي وانسجامي داخل المجتمع، جراء بلورة النتائج الإيجابية والسلبية لها على حد سواء إلى واقع عملي تطويري وتغييري نهضوي ملموس ومراقب، بعيدا عن المجاملات غير المحسوسة وغير محسوبة في النظام الرقابي، والتي عادة ما يتسلق عليها المتفننون في تعظيم الإنجازات وتقليل الأخطاء بشكل يفوق الحقائق والنتائج. ولعلنا من هنا نخاطب المعنيين من صناع القرار ومنفذيه المباشرين فيما يمكن النظر إليه في موضوع خارطة التنظيم لكفاءة الطاقة أو الاستدامة لو انبثقت، من حيث ألا يغفلوا أمرا مهما له دور أساسي في عملية الوعي والاستجابة للتغيير من النواحي النفسية والترابطية الاجتماعية والأسرية نحو تعزيز الولاء والانتماء للأنظمة، الذي بدوره سيحد من الهدر في الطاقة وما يرتبط بها من ترتيبات في شتى مناحي الحياة، يتلخص بجد وبمصداقية في تنمية الموارد والعقول البشرية السعودية المعطلة؛ سواء العاملة المهمشة والمجمدة منها أو الأخرى غير العاملة في الأصل ''ونعني بها البطالة'' المستهلكة للطاقة دون عمل وإنتاج ملموس في مجتمعنا، تضيف عبئا كبيرا منسيا على الطاقة، في استهلاك متراكم لها مع فئات متواجدة زائدة من عمالة وافدة بالملايين، في دعوة وطنية للمشاركة في الحد والتخلص من وجود تلك العمالة الوافدة غير الضرورية التي يمكن إحلالها بالعنصر الوطني، كجزء مهم ضمن أجزاء أخرى توعوية وتوجيهية وتنظيمية ورقابية مفترضة التنفيذ في هكذا برامج يراد لها الحياة والبقاء، للتثبت من إيجابية الإنجازات لتلك البرامج الوطنية ونموها باستمرار؛ لأن فشل الكثير من البرامج التطويرية منذ بدايتها إلى نهايتها يحدث حينما يتم التركيز على الماديات والعمليات التشغيلية والإنتاجية الربحية والإدارية فقط ويُهمل التطوير والاستثمار في العنصر البشري الذي يتحول فيه العقل من النضج إلى الضمور القهري، في دلالات ملموسة ومتكررة يعيها المتمرسون في تلك القضايا من ورود الأخطاء والتشتت وعدم القدرة على الوصول للأهداف وبقاء البرامج مهتزة عائمة تتجه رويدا رويدا للغرق والنسيان. باحث معالجة المواد بالليزر - وإخصائي تطوير صناعي مستمر
إنشرها