الحوثيون.. الأهداف ـ والمطلوب (2 من 2)

تحدثنا في الحلقة السابقة عن الخلفية التاريخية والحديثة للحوثيين الذين ينتمون للمذهب الزيدي، حيث إن اليمن يعيش أوضاعا مأساوية كبيرة وأن الحراك الجنوبي والقاعدة يزعجان السلطة وأن التعايش الديني والقومي والوطني أمر حتمي وأن الاحتماء بالخارج والاتكاء عليه أمر خارج على نواميس الحياة ولا يمكن الاعتماد عليه لفترة طويلة ـ إننا نقدر جيراننا ونحترم ما قام بيننا وبينهم من أواصر الدين والمحبة والجيرة والمملكة دائماً سباقة إلى دعم اليمن في جميع مناحي التنمية فقد بنت المدارس والمستشفيات وشقت الطرق ودعمت الميزانية وهذا من أوجب واجبات الأخوة في الدين والدم والجيرة، وظلت المملكة وستكون دائماً مع جارتها اليمن الشقيق. إننا نتوقع أن يستطيع اليمن الشقيق وأد هذه الفتنة والتجاور السلمي مع جيرانه والاهتمام بالتنمية والأحوال الداخلية وهي الداعم الأولي لليمن الشقيقة وأن انشقاق هذه العصابة على دولتها واعتدائها على الحدود إنفاذاً لأوامر خارجية ذات أهداف سياسية يمثل خروجاً على ما يقوم بين الدولتين من جوار وحدود وأن التدخل الأجنبي المذهبي الذي يتطلع إلى موطئ قدم في حدود المملكة الجنوبية هو جنون ما بعده جنون وسيرد الله كيد الكائدين وحقد الحاقدين وعدوان المعتدين إلى نحورهم ـ وها هو جيشنا الباسل ومواطنونا البواسل يصدون العدوان ويغلقون أبواب الشر التي كادت تتسلل إلينا ـ وأن علينا إبقاء استعداداتنا في أعلى درجاتها لطول الحدود مع اليمن وعدم قدرتنا كمواطنين على التفريق بين الأخ اليمني المسالم ومن يحاول الاعتداء علينا وإخواننا اليمنيين الذين يبحثون عن لقمة العيش ـ إن اليمن دولة حدودية وجار عزيز وإن انفلات زمام الأمن فيها واختلال موازين القوى وضعف الحكومة المركزية إذا حدث ذلك قد يكون مرتعاً لقلاقل مزعجة لجارتها الأكبر السعودية ـ وعلينا مراقبة الوضع الجديد بحذر شديد ونسأل الله أن يمن على اليمن الشقيق بالأمن والاستقرار والهدوء ليتمكن هذا الشعب المكافح من الانتباه للتنمية والتطور والنماء، حيث هو أحوج ما يكون إلى الاستقرار والهدوء ـ ولا شك أننا يجب أن نأخذ من هذا العدوان العظة والعبرة وتحصين مواقع القرى الحدودية وكذلك ارتفاع مستوى تدريب حرس الحدود وقوة المجاهدين التي تراقب الحدود وينهال عليها بشكل دوري يومي آلاف العابرين للحدود بشكل غير رسمي ''المتسللون'' الذين عانت البلاد في الماضي تهريبهم السلاح والقات وغير ذلك من الممنوعات، وإن إحكام الرقابة الجوية والبرية والبحرية على حدودنا مع اليمن الشقيق ورفع درجة الاستعداد يجب أن تكون إحدى أولويات قواتنا الباسلة.

أهداف الحوثيين
تستعمل بعض الدول الكبرى في المنطقة الحوثيين كطعم وقنطرة تحقق عن طريقها هذه الدولة الوصول إلى إحكام الإحاطة بالمملكة من جميع جوانبها شمالاً وشرقاً وجنوباً والوصول أيضا إلى مياه البحر الأحمر، والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف تمكنت هذه المجموعة أن تواجه الجيش اليمني طيلة السنوات الماضية، خاصة وأن الفكر المذهبي الشيعي منتشر في اليمن كما أشرنا، وأن استعمال هذه المجموعة لمحاصرة أكبر المعاقل المناوئة وصاحبة النفوذ الكبير في العالم الإسلامي المملكة، حيث إن المستفيد الوحيد من هذا هي الدولة الكبرى وقلعة المذهب الشيعي الاثني عشري، وسيعطي تحقيق هذا الهدف بوجودها القوي جنوب المملكة وعلى امتداد حدودها الجنوبية ورقة رابحة سواء في علاقاتها الدولية أو في تخفيف الضغط العالمي عليها، أي أن المستفيد من استقواء هذه المجموعة هي هذه الدولة، حيث سيكون لها نفوذ وجود في هذه المنطقة، ولذا فقد دعمت بالمال والسلاح والتدريب سواء مباشرة أو عن طريق بعض وكلائها في العالم العربي، كما كانت هذه المجموعة الخارجة تراهن على تعاطف الشعب اليمني معها عندما تقوم بمهاجمة السعودية واستدراجها إلى هذه المواجهة، فاليمن يعاني فقرا شديدا يشمل معظم سكانه وظروفه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية سيئة جداً ـ وهذا لم يتم مما خيب أمل الحوثيين في عدم تحقيق إثارة الشعب اليمني لدعمهم ضد المملكة، فلجأوا أخيرا إلي القبائل التي لها تاريخ في معارضة الحكم اليمني لعلها تمد لهم يد العون ولم يحققوا النجاح المطلوب، حيث الوضع اليمني المهيمن قبلياً يحزب اليمن قبائل وعشائر، وهناك توازنات اجتماعية بين هذه القبائل والدولة ـ كما ساعدت الطبيعة الجبلية للحدود على امتداد رقعة النزاع بحكم مساعدة الزمن وتغاضي السلطة عن هذه المجموعة لبناء مواقع وتحصينات وتسليح وتدريب جهات مستفيدة ـ إنني آمل ولا أتصور ذلك، ألا يكون للحكومة اليمنية أية دوافع لاستمرار هذا النزاع سواء داخل اليمن أو على حدودنا للحصول على منافع دولية سواء من الولايات المتحدة أو من أوروبا وجيران اليمن تعاطفاً معها وتعاون في سبيل استقرارها وصمودها.

القاعدة
وها هي القاعدة التي قعدت في اليمن لسنوات استطاعت أن تكون لها ملاجئ آمنة بين القبائل والقرى وأن تظهر للعلن وتعلن استعدادها للاعتداء على السفارات الأجنبية بل إنها جاهرت بادعاء تجهيزها للمواطن النيجيري عمر الفاروق الذي حاول تفجير الطائرة الأمريكية وهي في طريقها من أمستردام إلى ديترويت، وها هو السير الجنرال ديفيد باتريوس يزور اليمن لبحث أساليب تقليص أظافر القاعدة في اليمن، وها هي أمريكا تريد أن تقوم اليمن عنها بالوكالة للتصدي للقاعدة، وآمل ألا يدخل هذا البلد الشقيق في دوامة مشكلات داخلية أخرى مشابهة لما يدور في باكستان وأفغانستان، حيث سيكون ذلك مصدر قلق حقيقي للمملكة. إن القضاء على بؤر القاعدة وقواعدها وضرب أهدافها هو هدف تسعى إليها الكثير من الدول العربية والبعيدة، ولكن يجب الحذر من المساس بالجذور القبلية للقبائل اليمنية واستعدائها، وقد أحسن اليمن الشقيق في عدم رغبته في تدويل أو تعريب مشكلة القاعدة واستعداده للتعامل مع هذه المشكلة كدولة لكنها لا تستغني عن دعم الدول الكبرى والجيران وهذا قرار حكيم غير أنني أستغرب فتح باب الحوار مع القاعدة وهي غير أهل تاريخياً لمثل هذا الحوار، أما الحوثيون فسلحوا أنفسهم بشكل جيد ومنتظم وحصلوا على كثير من الأسلحة بل إن استفزازها وتعديها على الحدود السعودية كشف النيات السيئة التي تبطنها هذه المجموعة الخارجة، حيث اتضح أن لديهم مراكز اتصال وفك الشفرة ومراكز إرسال وأفواج رصد وتحليل وألغام ومدافع هاون وآر بي جي وغيرها من الأسلحة وأسلحه حديثه يبدو أنها توالت في الوصول إليهم براً وبحراً من الداخل والخارج فإن قدرة هذه العصابة الخارجة على استدارج القوات السعودية وكذلك مواصلة قتال القوات اليمنية توضح للعيان أن هذه العصابة قد أخذت من دروس الأحزاب الأخرى قدوة وعظة.

المطلوب من مجلس التعاون الخليجي
وهذا ما يقودني إلى أهمية الحديث عن إنشاء وكالة للتنمية في مجلس التعاون الخليجي تختص برعاية برامج التنمية في اليمن الشقيق وإقامة المشاريع الصناعية المشتركة في الصناعة والزراعة وصيد الأسماك وكذلك تغليف وتعبئة منتجات التصدير وصناعة الأسمنت وتوليد الكهرباء والمدارس والمستشفيات ومراكز تدريب مهني راقية للشباب والشابات واستجلاب العمالة اليمنية المدربة لدول الخليج على أن تقوم هذه الوكالة بجمع الأموال من دول الخليج العربي وصرفها بحكمة على المشاريع التي تجلب الخير والنماء والتوظيف لإخواننا في اليمن ولا شك أن المملكة قدمت في الأعوام السابقة ومازالت الدعم الكثير للإخوة في اليمن الشقيق ببناء المدارس والمستشفيات والطرق وإعانة الدولة بصفة دورية، وهذا واجب يفرضه الدين والجوار ـ ولا شك أن الإخوة في الكويت كانوا سباقين في إنشاء مثل هذه المشاريع ولكن وجود جهاز تنمية في مجلس التعاون الخليجي تسهم فيه جميع الدول في المنطقة تجميعاً للجهود وتجنباً للازدواجية ووجهته جهة مركزية واحده تستطيع أن تشرف وتخطط وتنفذ وترتب وتعرف الأهم من المهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي