التعويض وتعريف المتهم بحقوقه

(إقران العدل بسرعة البت) كان هذا عنوان الحلقة السابقة، حيث استطردنا في سرد سلبيات جهاز القضاء لدينا، وذلك من أجل نشر ثقافة حقوق الإنسان في التقاضي العادل وحتى يزداد الناس معرفة بهذه السلبيات فيحذروها، وأن نظام القضاء الجديد كفيل بعون الله تعالى بتلافي تلك السلبيات، التي استقيتها من التقرير الثاني لجمعية حقوق الإنسان الوطنية الذي صدر في عام 1429هـ، وفي هذه الحلقة التي تليها نكمل ما تبقى من السلبيات ثم نبدأ الحديث عن نظام القضاء الجديد، وإليكم الجزء الأول من السلبيات:
1- عدم قيام بعض القضاة بتعريف المتهم بحقوقه، ومن ذلك حقه في المطالبة بمعاقبة من استخدم العنف ضده أو أجبره على الاعتراف، وكذلك حقه في الاعتراض على الحكم وخاصة بالنسبة للسجناء.
2- المبالغة أحياناً في بعض الأحكام التعزيرية في عقوبة السجن والجلد.
3- تكليف القاضي بممارسة بعض الأعمال الإدارية إضافة لعمله، مما يستنزف الوقت المخصص لنظر القضايا.
4- رفض بعض القضاة النظر في بعض القضايا مع أنها تدخل ضمن اختصاصاتهم، مما يُعد انتهاكاً لحق التقاضي الذي كفله النظام الأساس للحكم والتزمت به المملكة في التزاماتها الدولية.
5- عدم تفعيل الأخذ بوسائل الإثبات الحديثة في بعض القضايا التي يعتمد الفصل فيها على ذلك كما هو الحال بالنسبة للحامض النووي.
6- تحديد موقف قضائي واضح من التعويض عن الخطأ في إجراءات القبض والاحتجاز أو في التوقيف أو السجن أو التعسف أو استغلال النفوذ (على الرغم من أن ديوان المظالم - الذي يمثل القضاء الإداري بالمملكة قد أرسى مبدأ التعويض عن خطأ الإدارة، فإن الأمر لا يزال بحاجة إلى توضيح كافة القواعد والضوابط المحددة للتعويض عن الخطأ الإداري وخاصة فيما يتعلق بالتعويض عن الأخطاء المشار إليها في هذه الفقرة، ولذلك فإن تحديد ماهية الخطأ وصوره الموجبة للتعويض وتحديد نطاق التعويض وأنواع الأضرار التي يعوض عنها مثل طول مدة الاحتجاز - مدى الضرر المادي والمعنوي الواقع على ضحية الاعتقال غير القانوني وعلى ذويه، وفداحة الخطأ الذي أدى إلى الاحتجاز)، والأمر يستدعي نصاً نظامياً لهذه المسائل المهمة وبدون ذلك يظل مصير الدعوى التي يرفعها المتضرر من خطأ الإدارة مجهولاً من حيث قبولها ومن حيث نطاقها، مما قد يؤدي إلى وجود ممارسات إدارية غير معوض عنها، وقد رصدت الجمعية المذكورة صدور بعض الأحكام التي عُوض أصحابها، كما رصدت بعض الأحكام الأخرى التي لم يعوض أصحابها بحجج مختلفة مع أن المادة (217) من نظام الإجراءات الجزائية تنص على أن (لكل من أصابه ضرر نتيجة اتهامه كيداً أو نتيجة إطالة مدة سجنه أو توقيفه أكثر من المدة المقررة له الحق في طلب التعويض). ومن الجدير بالذكر أن جمعية حقوق الإنسان المذكورة رصدت آثاراً إيجابية لبعض التوجهات الجديدة في الجهاز القضائي، ومنها، أخذ بعض قضاة محاكم الدرجة الأولى ببدائل عقوبة السجن، وإن كان بعض هذه الأحكام لم يحظ بالتأييد من هيئة التمييز. صدور مرونة الأحكام -رغم اتسامها بالانتقائية - وما تكشفه من ملاحظات سبق تسجيلها على بعض القضاة ومن أبرزها إصدار الأحكام دون تسبيب المخالفة للأنظمة التي تنص على ذلك. وجود شعور لدى بعض العاملين في السلك القضائي بأهمية التطوير والتحديث لما في ذلك من انعكاس على سير تحقيق العدالة. وفي الحلقة (104) نكمل ما تبقى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي