Author

الشركات.. فكر استراتيجي أم إزعاج إعلاني؟

|
تقول الإحصاءات إن الإنسان العادي يتعرض في كل يوم إلى ما يفوق 500 إعلان عن طريق وسائل مختلفة، مرئية ومسموعة. وتقول الإحصاءات ذاتها إن من بين هذا الكم الهائل من الإعلانات الموجهة لجذب انتباه العامة من الناس لا ينجح منها سوى إعلان واحد فقط يبقى في ذاكرة ذلك الإنسان، وتقول الدراسات إن الشخص العادي يقوم بفلترة المعلومات التي ترميها هذه الإعلانات إليه ويعتمد في عملية اختياره الإعلان الفائز بانتباهه على حسه الواعي أو غير الواعي بهذه الإعلانات. المتأمل في استراتيجيات الشركات في السوق السعودية يجد أن الأغلبية العظمى منها تعتمد على عملية التذكير بماركتها التجارية التي أصبحت أكثر من مزعجة وينقصها الإبداع ولم يعد المستقبل لها من العامة يعيرها أي اهتمام. من الواضح جداً أن كثيرا من الشركات لا تعي مدى صعوبة الجذب والحفاظ على عملاء لهم ولاء للشركة ومنتجاتها وخدماتها، كذلك لا تعي مدى سهولة أن تفقد عملاءها. أيضاً الشركات التي تعتمد على الإزعاج الإعلاني وتفتقد الفكر الاستراتيجي بعيد الأجل الفاهم لطبيعة العملاء والمنافسة في السوق لا تدرك أن ما كان يوماً يعد إبداعاً في خدماتها أو منتجاتها أصبح الآن سلعة يكون السعر هو أساس اختيار العملاء لها وأصبحت المنافسة تعتمد على السعر وليس على الإبداع غير المتجدد. الفوز في سوق يتميز فيه المنافسون بالحدة والذكاء والتحرك السريع لاستغلال الفرص أصبح مهمة صعبة يحددها ويؤثر فيها فكر استراتيجي يعتمد على ثلاثة عوامل رئيسية هي: 1) امتلاك إبداع متميز لاستراتيجية تسويقية مبنية على ديناميكية السوق وطبيعة المنافسة فيه. 2) فهم عال بالعملاء والمستهلكين وتقديم قيمة متجددة في عرض الشركة من خدمات ومنتجات. القيمة المقدمة يجب أن تعتمد على إلهام مستوحى من معرفة تامة بالعملاء وشخصياتهم السلوكية. 3) امتلاك الشركة إمكانات وموارد تمكنها من تطبيق استراتيجيتها من غير أخطاء وبسرعة تناسب أهدافها. الفوز في المنافسة والتفوق على المنافسين يحتاج إلى تطوير فكر استراتيجي مبدع ومتجدد. شركات الإزعاج الإعلاني تعتمد على استراتيجية ''البقاء'' في السوق وليس على استراتيجية الفوز والإبداع في الفكر والتطبيق للاستراتيجيات الهادفة التي تتخطى الحدود. فكر استراتيجية ''البقاء'' عقيم وخاصة للشركات ذات الحجم الكبير، فهذا الفكر يعد انطوائيا يؤدي بالشركة إلى الانكماش على الذات وليس التوسع، في حين أن استراتيجية الفوز تهدف إلى التغلب على المنافسة أو التعامل معها بنجاح يمكن الشركة من التوسع والنمو والتطور. شركات الفوز تكون ماركتها التجارية أغلى وأثمن ما تملك، في حين أن شركات ''البقاء'' لا تكن ماركتها التجارية ذات أهمية كبيرة لها وهذا يرجع في المقام الأول إلى فكرها الاستراتيجي غير الفعال أو فاهم بطبيعة المنافسة الحاضرة والمستقبلية. تطوير الفكر الاستراتيجي لشركة ما يعد من أصعب الأمور فهو يحتاج إلى تغيير في ثقافة الشركة الإدارية، هذا التغيير لا يحدث بسهولة أو بسرعة، غير أن الحاجة أصبحت ملحة لإحداث تغيير وتوجيه لكثير من الشركات التي تفتقد إلى فكر استراتيجي يهدف إلى الفوز والتوسع. المنافسة المستقبلية في أسواقنا سوف تشهد حدة في التنافس وفي ذلك الوقت لن تنفع إعلانات الإزعاج التي لا توصل للمستقبل لها من المستهلكين أي قيمة يمكن ملاحظتها، لهذا فإن إعلاناتها سوف يرمي بها فلترة المعلومات إلى خارج الذاكرة ولن يكون لها تأثير في موقف الشركة التنافسي في السوق.
إنشرها