Author

الشركات وفرص ما بعد الأزمة.. ما هي؟

|
بدأت الشركات العالمية تكييف استراتيجيتها لتتلاءم مع إشارات تعافي الاقتصاد العالمي المتغيرة. عديد من البورصات العالمية بدأ يشهد عودة المستثمرين رغم أن التعافي لا يزال بطيئاً ومؤشرات تعافيه مختلفة, وفي بعض الدول هذه المؤشرات متضاربة وتعتمد على عوامل لا تزال متغيرة تجعل من التنبؤ والتخطيط للمستقبل أمراً صعباً على المديرين التنفيذيين. ولكن الأمر لا يحتمل التأخير، فحقيقة الطبيعة التنافسية قبل الأزمة وفي أثنائها وبعدها واضحة المعالم لكثير من الشركات، وهذه تكمن في حقيقة أن المستثمرين لا يستثمرون في شركة عوائدها متوسطة, وأن المستهلكين لا يرغبون في شراء واستهلاك السلع والخدمات متوسطة الفائدة ومتوسطة الجودة, وأفضل المديرين والموظفين لا يرغبون في العمل في شركة متوسطة الأداء. الفرص ما بعد الأزمة تتعلق بمقدرة المديرين التنفيذيين على توجيه شركاتهم لكي تتعدى الأداء المتوسط, بأن يكون بمقدورها خلق قيمة حقيقية ملموسة تتخطى متوسط المعروض في الأسواق, في أن تقدر على جذب المميزين من الموظفين والمديرين. غلب الحديث بين المديرين التنفيذيين أثناء الأزمة حول الرجوع إلى قلب وأساس القيمة التي ميّزت شركاتهم قبل الأزمة, الرجوع إلى القيمة الأولية التي ميّزت أي شركة يجب أن يأخذ في الحسبان العوامل القريبة حول قلب القيمة المميزة لأي شركة. إعادة ترتيب هذه العوامل والرجوع إلى القيمة التنافسية الأولية للشركة يجب ألا يعتمدا على سياسة خفض التكاليف غير المركزة والتي عادةً ما تضر بمستوى القيمة التي يستقبلها العملاء. الرجوع إلى القيمة الأولية يجب أن يعتمد على الحفاظ على رغبة العملاء الحقيقية وتلبيتها بأداء يولد قيمة تفوق الأداء والقيمة التي يقدمها المنافسون. أثبتت البحوث التي شملت سبع أزمات اقتصادية على مدى 50 عاما أن الشركات التي استغلت الفرص بعد الأزمات نجحت في المقام الأول بفضل محافظتها على أربعة عوامل مكّنتها من إعادة ترتيب العوامل حول قلب القيمة المميزة لها بنجاح ومكّنتها كذلك من المحافظة على أفضليتها التنافسية. هذه العوامل الأربعة تشمل: 1- التركيز على السلع والخدمات المحورية والتركيز على الأسواق الرئيسة لها. 2- خفض التكاليف لأي شيء لا يضيف قيمة لعملائها، ولكن تستثمر بشكل كبير في تحسين تجربة العملاء عند شراء أو استهلاك سلعها أو خدماتها. 3- الاستثمار الكبير جداً في الاتصالات والتسويق في الأسواق الرئيسة والتي يوجد فيها تنافسية عالية. 4- الاستثمار الكبير في الموظفين والمديرين الذين لهم مهارات عالية قابلة للتطوير تتلاءم مع الاستراتيجية التنافسية للشركة. هذه العوامل الأربعة تركز على الاستثمار أكثر من تخفيض التكلفة, لهذا فيجب ألا تكون سياسة التخفيض في التكلفة هي الغالبة على استراتيجية أي شركة أثناء الأزمات. الفرق بين شركة تستثمر بشكل أكبر من تخفيض التكلفة أو العكس يعكس مواقف المديرين التنفيذيين من الأزمات ومدى تقبلهم التحديات. الكثير من المديرين التنفيذيين قد يفقدون تركيزهم أثناء الأزمات أو قد لا يقدرون على التخطيط للمستقبل أو قد لا يقدرون على التأكد من استحواذ شركاتهم على موارد جديدة تمكنهم من تعزيز القيمة الأولية التي تقدمها شركاتهم. الأزمات توفر فرصة كبيرة جداً للشركات ومديريها ليعيدوا تعريف أنفسهم, مهمتهم, أهدافهم, وإدارتهم. الكثير من الشركات لا يعيدون بناء شركاتهم وإعادة هيكلة منظماتهم لتقوية أدائها فحسب، ولكنها تحاول أن تغير قوانين اللعبة التنافسية في أسواقها. لا شك أن التحديات كثيرة، ولكن يجب ألا يخاف المديرون منها، بل مواجهتها بمرونة وإبداع يطرح رضا العملاء نصب أعينهم. الشبكة التنافسية لأي سوق تتغير بشكل كبير أثناء الأزمات, تحليل هذه التغييرات وفهمها سيمكنان المديرين من فهم مكامن القيمة التي يمكن استغلالها وإيصالها للعملاء بمستوى يضمن استمرار ميزتها التنافسية. الأزمات توفر فرصاً عادةً ما تتكرر في كل أزمة، فهل عملت شركاتنا على التعرف عليها والتخطيط لما بعد هذه الأزمة؟
إنشرها