الرهن العقاري.. نعمة أم نقمة؟

كثر الحديث أخيراً في وسائل الإعلام المختلفة عن الرهن العقاري وعن مدى الاستفادة من تطبيقه من خلال تمكين المواطن السعودي من امتلاك بيت الأحلام الذي طالما انتظاره. كما قام معالي وزير المالية بالتصريح في بداية هذا العام بأن إقرار الرهن العقاري وطرحه سيتم خلال هذا العام. كل ذلك يستوجب تسليط بعض الضوء على المزايا والسلبيات لهذا النوع من التمويل والتي تتفاوت حسب اللوائح والأنظمة التي ستنظم تطبيق هذا القرار.
ليسمح لي القارئ بدايةً بتعريف الرهن العقاري اصطلاحا والذي هو عبارة عن تمويل يُمكّن المقترض سواءً أكان فرداً أو مؤسسة من أن يحصل على تمويلٍ ليشتري منزلاً أو أي عقار آخر، وتكون ملكيته لهذا العقار ضماناً للتمويل، أي أنه في حال العجز عن سداد القرض فإن من حق الممول اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتملكه هذا العقار. وبصورة أخرى فإن العقار يبقى مرهوناً حتى يتم سداد التمويل ولذلك يسمى الممول بالمرتهن ويسمى المُقترض بالراهن.
لو نظرنا إلى أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأمريكية والتي كانت أساس الأزمة المالية العالمية فسوف نجد أنها بدأت بتسويق العقارات مع ضمان التمويل لمحدودي الدخل بطريقة عشوائية من دون دراسة القدرة المالية للمقترض والحد الائتماني الذي يمكن للمقترض تغطيته من مداخيل مختلفة. إضافة إلى ذلك كانت عقود التمويل تنص على فرض فوائد مضاعفة عند التعثر عن السداد، ليس هذا فحسـب بل هناك بنود في بعض العقود تعطي الحق للممول برفع الفائدة عند تغيرها من قبل مجلس الاحتياط الفيدرالي الأمريكي. أدى هذا التسويق العشوائي إلى تضخم أسعار العقار لدرجة مبالغ بها لا تعكس القيمة الحقيقية لتلك العقارات مما حفز المقترض على طلب قروض إضافية بضمان القيمة المضافة للمنزل. وبعد ذلك أصبحت الأقساط الشهرية تفوق دخل المقترض بمراحل فامتنع عن الدفع وبدأت أسعار العقار تهوي إلى القاع وانعدام الطلب عليها مما أدى في نهاية الأمر إلى خسارة الممولين مبالغ كبيرة لعدم المقدرة على تحصيل هذه القروض.
لذا من الواجب الاستفادة من أخطاء وخبرات الغير، والعمل على جعل هذا النوع من التمويل نعمة لنا لا نقمة علينا. أذكر لكم هنا بعض الأفكار التي قد تساعد على إنجاح هذا النوع من التمويل:
1. التأكد من أن إجمالي دخل المستفيد سواء الثابت وغير الثابت (إن وجد) يغطي جميع المديونيات التي عليه بما فيها بطاقات الائتمان وأقساط التأمين وغيرها، وذلك بربط الرهونات العقارية مع الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية (سمة) والتي تحفظ جميع السجلات الائتمانية للمواطنين.
2. أن يتم تقييم العقار بقيمة حقيقية غير مبالغ بها وذلك عن طريق تقييمها لدى جهات مختصة معتمدة من قبل أمانة المدينة.
3. ألا تزيد قيمة العقار السنوية على 10 في المائة من القيمة الأصلية في حال إعادة التقييم لغرض الحصول على تمويل إضافي.
4. أن يتم تمويل 70 في المائة من قيمة العقار بحد أقصى وألا يزيد إجمالي الأقساط على المقترض على 50 في المائة من إجمالي دخله.
5. أن تكون نسبة الربح على التمويل في العقد ثابتة، فلا تتغير بتغيير نسبة الفائدة المعلنة من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي، وألا تكون مركبة بل تتناقص بعد سداد كل قسط، حيث إن نسبة الربح يجب أن تكون على المتبقي من مبلغ التمويل.

وأخيراً، إذا أردنا أن نجعل من تملك منزل العمر أمرا ممكناً ومتاحاً للجميع، فيجب توفير السعر المناسب للمنزل، وذلك بالبحث عن الطرق والوسائل المختلفة لتقليل تكلفة البناء، وتوفير التمويل المناسب بنسبة ربح معقولة وغير مركبة. بهذا تكتمل المعادلة وتقل الثغرة بين العرض والطلب ويتوافر المسكن لكل مواطن في هذا الوطن الغالي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي