هل العقار بدأ يمرض؟

يبدو أن المقولة الشهيرة التي يرددها العقاريون باهتمام بالغ منذ عقود "العقار يمرض ولا يموت" بدأت تتحقق الآن، وأن بوادر هذا المرض ظهرت على أرض الواقع، فرحلة الهبوط الحالية للعقارات إلى مستويات سعرية منخفضة تؤكد صحة المقولة.
تمسك العقاريين بمقولتهم عبر الأزمنة، تنم عن رؤية سليمة لنشاطهم المتعافي في السنوات الأخيرة الماضية، فمن حقهم أن يروجوا ويسوقوا لمصدر تجارتهم شأنهم شأن التجار الآخرين في قطاعات مختلفة.
ليس بمستغرب أن يثق غير العقاريين في هذه المقولة التي أسهمت كثيراً في جعل القطاع العقاري ملاذاً آمنا للاستثمارات، وجعلت منه قطاعاً حيوياً دفع عديدا إلى التحول إليه وترك صناعات أخرى، لأنه عرف عن تجار العقار(كلمتهم) التي تتم دون تراجع في مجلس يخلو من التوثيق.
وبعيداً عن صحة العبارة من عدمها، فإن الذي قالها (ألفها) قد قدم خدمة عظيمة للمتعاملين في هذا القطاع لقوة مضمونها، وبالتالي تأثيرها التسويقي عند البيع خصوصاً لغير المتخصصين في الشأن العقاري.. ولكن هل يعترف تجار العقارات الآن بالذات في ظل انخفاض الأسعار والتوقعات المستقبلية المتشائمة للاقتصاد العالمي في 2009 وتأثيراته في القطاعات كافة بمرض نشاطهم، أم أن "العقار يمرض ولا يموت" استخدمت لأهداف تسويقية لدى فئة محسوبة على تجارة العقار في الصعود، و"اختفت" عند النزول.
لا أقصد هنا التشكيك في نزاهة عديد من تجار العقار الحقيقيين، ولا أيضا التقليل من أهمية المقولة .. بل التعرف على وجهة النظر (الجريئة) بشأن أسعار العقارات تحديداً .. وهل أن القطاع العقاري بدأ يمرض الآن؟ وإلى أين وصلت درجة مرضه؟ ثم هل التجار يجرؤون على تقديم نصائح مهمة للراغبين في الشراء الآن، حتى لو اضر ذلك بمصالحهم؟
نحن في هذا الوقت المتأزم اقتصادياً من حولنا، نحتاج إلى (صراحة) تدعم الثقة في التعاملات بين المستهلكين والتجار في مختلف الأنشطة في السعودية، (فمثلاً) الترقب الذي يجتاح السوق العقارية السعودية في الوقت الراهن يتطلب من التجار توضيح ما يجري في هذا القطاع من تعاملات وعمليات تصحيح، لأبعاد (الشائعات) التي تسري الآن بين الناس حول هذا القطاع.
الكل يتذكر التهم التي وجهت إلى تجار الأغذية وجردتهم من وطنيتهم عندما ارتفعت أسعار الأرز في المملكة إلى مستويات عالية، مما دفع التجار إلى توضيح موقفهم الحقيقي في هذه الجريدة ودعوا المستهلكين إلى البحث عن بدائل غذائية، وقد أثبتت تلك الأزمة صدقهم وصراحتهم.
أيضا يجب علينا كمستهلكين أن نفرق بين التجار الحقيقيين لأي نشاط والدخلاء عليه، فعند غياب (الحقيقيين) سيظهر علينا (الدخلاء) برؤيتهم التي ستؤخذ في الحسبان، فإذا كانت سليمة فإن ذلك سيضيف مصداقية للقطاع، وإن كانت غير ذلك فإن (الثقة) ستنعدم في قطاع ظل لعقود تحكمه الكلمة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي