بينما يُتوقع ارتفاع حجم اقتصاد قارة إفريقيا إلى 7 تريليونات دولار بحلول 2035، إذا جرى الاستثمار بكفاءة في الممرات اللوجستية والمناطق الاقتصادية وسلاسل القيمة الإقليمية، فإن التقديرات تشير إلى فجوة سنوية بـ170 مليار دولار في تمويل البنية التحتية للقارة، وفق ما أظهرته مناقشات الدورة 21 للمؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية "اليونيدو".
هذه الدورة، التي اختتمت أعمال يومها الثاني في العاصمة السعودية الرياض اليوم الأربعاء بمشاركة وزراء ومسؤولي الاستثمار وصناديق التمويل الدولية والإفريقية، تشهد تركيزا لافتا على لغة الأرقام التي طبعت جلسات "القمة العالمية للصناعة" المنعقدة ضمن أعمالها.
أبرزت النقاشات تقاطع الأولويات الوطنية مع أهداف التنمية الصناعية المستدامة، وتنامي الحاجة إلى شراكات عابرة للأقاليم لتمويل التصنيع وتعزيز الاستثمارات، فيما برزت السعودية كأكثر الوجهات جذبا للاستثمار الصناعي.
السعودية أكثر الوجهات جاذبية للاستثمار الصناعي
في الجلسة الافتتاحية ليوم الاستثمار والشراكات، أكد وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف أن السعودية تسعى لتكون إحدى أكثر الوجهات الجاذبة للاستثمار الصناعي عالميا، مستندة إلى فرص استثمارية نوعية، وممكنات محفزة، وبيئة تنافسية عالية.
الخريف أشار إلى أن توسع مشاركة الشباب والمرأة يعيد رسم ملامح مستقبل الصناعة السعودية، مشيرا إلى أن "شريحة كبيرة من النساء السعوديات أصبحن يدرن مصانع ويشرفن على مناطق صناعية، ويتقدمن الصفوف الأولى في سلاسل القيمة الصناعية" بدعم برامج بناء القدرات التي تستهدف تعزيز حضور المرأة في الصناعات المتقدمة.
حول المبادرات الشبابية التي تقودها السعودية مثل "صنع في السعودية" و"مصانع المستقبل"، بوصفها أمثلة عملية على القدرة الابتكارية للجيل الجديد، أكد أن هذه البرامج تشكل ركيزة رئيسية في بناء منظومة صناعية متوافقة مع مستهدفات رؤية 2030 في رفع مساهمة الصناعة في الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل.
السعودية ركيزة في إعادة تشكيل سلاسل الإمداد العالمية
في جلسة موازية، ناقشت فرص الاستثمار المتبادل مع الشرق الأوسط، أوضح وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح أن التنافسية الصناعية العالمية تشهد إعادة تشكيل في خريطة سلاسل الإمداد، حيث لم يعد الإنتاج الصناعي محصورا في مراكز محددة، بل يتجه نحو أقاليم مترابطة تستفيد من التنويع الاقتصادي.
الفالح لفت إلى أن السعودية تمضي بثبات نحو تعزيز تنافسيتها الصناعية بفضل موقعها الإستراتيجي ومواردها النوعية والإصلاحات الاقتصادية الطموحة، مبينا أنها باتت إحدى الركائز الأساسية في إعادة تكوين سلاسل الإمداد العالمية.
التنويع الاقتصادي أساس للاستقرار الإقليمي
من جهته، شدد المهندس خليل بن سلمة، نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون الصناعة، على دور التنويع الاقتصادي في تعزيز الاستقرار طويل المدى في الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن دعم الابتكار وفتح آفاق جديدة للاستثمار يسهمان في بناء قاعدة اقتصادية متينة قادرة على مواجهة التحديات ودعم الشراكات الإقليمية والدولية.
لبنان .. انفتاح استثماري رغم التحديات
خلال الجلسات العامة، أكد وزير الصناعة اللبناني جو عيسى الخوري انفتاح بلاده على التعاون مع الشركاء الدوليين، مؤكدا أن القطاع الصناعي اللبناني يمتلك إرثا من الخبرة رغم التحديات الاقتصادية الراهنة.
أبدى الخوري استعداد لبنان للعمل مع "يونيدو" والدول الأعضاء لتطوير البنية التحتية الصناعية وتمكين الكفاءات الشابة بما يسهم في جذب استثمارات نوعية.
مشاريع بـ17 مليار دولار في إفريقيا
شكلت مائدة الاستثمار الإفريقية واحدة من أبرز محطات اليوم الثاني، حيث ناقشت تسريع التصنيع من خلال مشاريع قابلة للتمويل وتحسين الأطر التنظيمية وتبني هياكل تمويلية مبتكرة.
كشفت المناقشات عن استثمارات لمؤسسة إفريقيا للتمويل بلغت قيمتها 17 مليار دولار حتى الآن، وأسهمت في توفير أكثر من 7 ملايين فرصة عمل، إضافة إلى مشروع "ممر لوبيتو" الذي قلص زمن نقل البضائع من عدة أسابيع إلى نحو أسبوع واحد، ما يبرز المكاسب الكبيرة لتطوير البنية التحتية الإقليمية.
برز إسهام البنك الإفريقي للتصدير والاستيراد في إعداد مشاريع يُتوقّع أن تفتح الباب لاستثمارات تكميلية تصل إلى 10.6 مليار دولار، مع التأكيد على أن جودة إعداد المشاريع تشكل مفتاحا رئيسيا لتحويل التعهدات إلى مشروعات ممولة.
في المقابل، حذر المشاركون من ضغوط الوقت، مع توقعات بزيادة سكان إفريقيا بنحو 60 مليون نسمة سنويا، ما يستدعي نماذج تنموية قائمة على التصنيع وتوفير الوظائف بدلا من الاقتصادات الريعية.



