آراء في السوق

Author

أجمل التهاني لمجلس إدارة "طيبة"!

|
[email protected] خلال العام الماضي قامت شركة طيبة بعملية رفع رأس المال من خلال طرح أسهم حقوق الأولوية تمكنت فيها من جمع مبلغ بقيمة 1.6 مليار ريال من مساهميها بهدف الاستثمار في تطوير ثمانية مجمعات سكنية وتجارية، تكوين محفظة للمتاجرة العقارية، شراء وتطوير ثلاثة مجمعات تجارية متكاملة، المساهمة في زيادة رأسمال شركة أراك التابعة لشركة طيبة كما نصت على ذلك نشرة الإصدار والمقرة من قبل هيئة السوق المالية. على الرغم من أن الشركة لم تنجح في الاكتتاب من جمع مبلغ 2.5 مليار ريال نتيجة عدم تغطية الاكتتاب كاملاً، إلا أن مجلس الإدارة أقر بعد نهاية الاكتتاب مباشرة خطة استراتيجية للسنوات الخمس المقبلة تختلف جذرياً عن الخطة المقدمة في نشرة الإصدار، تضمنت على سبيل المثال: المساهمة في شركة المرافق الحديثة، تأسيس شركة صناعية، المساهمة في شركة مدينة السيرة، إضافة إلى رفع رأسمال شركة العقيق التابعة من 300 مليون إلى ثلاثة مليارات ريال، ورفع رأسمال شركة أراك التابعة من 75 مليونا إلى 500 مليون ريال. اللافت أن رأسمال شركة العقيق التابعة أصبح ضعف رأسمال الشركة الأم التي لا يتجاوز رأسمالها 1.5 مليار ريال, وهي ظاهرة غريبة تستحق التأمل والدراسة، كما أن نشرة الإصدار نصت على أن المساهمة في رفع رأسمال شركة أراك التابعة كانت بقيمة 146 مليون ريال, ما يعني أن رفع رأس المال كان يستهدف في الأساس قيمة 300 مليون ريال إلا أن الرفع الفعلي لرأس المال ارتفع إلى 500 مليون ريال. يجب الإشارة إلى أن مركز طيبة التجاري والسكني والمملوك بنسبة 100 في المائة من شركة طيبة كان ضمن أصول الشركة عند احتساب القيمة العادلة لعلاوة الإصدار أثناء عملية رفع رأس المال, إلا أنه بعد أن قامت الشركة ببيع المركز كاملاً إلى شركة العقيق المملوكة لها بنسبة 89 في المائة، أصبح المركز الآن ضمن أصول شركة العقيق عند احتساب القيمة العادلة لعلاوة الإصدار في الاكتتاب التي تنوي القيام به قريباً. نتيجة عملية البيع تبين لنا وجود ازدواجية في احتساب أصول المركز لا نجد لها تفسيراً منطقياً (مرة ضمن أصول شركة طيبة ومرة ضمن أصول شركة العقيق)، إضافة إلى أن شركة طيبة تمكنت بذلك من إعادة تقييم أصول المركز (الأراضي والمباني) بالسعر السوقي حيث إن السياسات المحاسبية للشركة تعتمد في تقييمها الأصول الثابتة على التكلفة (سعر الشراء) التزاما منها بالمعايير المحاسبية المعتمدة في المملكة، ما يمكن الشركة من تحقيق أرباح كبيرة, لكنها على الورق. التساؤل الآن: ما موقف هيئة السوق المالية من ازدواجية احتساب مركز طيبة التجاري والسكني في اكتتابين مستقلين؟ وماذا لو قامت شركة العقيق مستقبلاً بتأسيس شركة مساهمة تابعة لها لتبيعها المركز مرة أخرى ثم تعلن عن طرح الشركة الجديدة للاكتتاب العام وبعلاوة إصدار؟ في هذا الوقت، يجب على مساهمي شركة طيبة ألا يركزوا أنظارهم على الاكتتابات العامة المرتقبة لكل من شركتي العقيق وأراك فقط، بل يجب عليهم أن يركزوا أنظارهم على: * أن مركز طيبة السكني والتجاري كان مملوكاً لشركتهم بنسبة 100 في المائة والآن أصبح مملوكاً بنسبة 89 في المائة. * من يملك نسبة 11 في المائة المتبقية في شركة العقيق؟ ولماذا؟ * هل تم تقييم مركز طيبة بطريقة عادلة ومحايدة؟ قياساً على ذلك، أعلنت شركة طيبة التي تأسست عام 1409هـ أن مركز طيبة السكني والتجاري ببرجيه الشرقي والغربي (الذي يمثل أهم أصول الشركة منذ أكثر من 15 عاماً) تم تقييمه بقيمة إجمالية بلغت 1.9 مليار ريال في حين أن الأرباح الرأسمالية بلغت مليار ريال فقط، ما يعني أن العائد على الاستثمار طوال مدة المشروع بلغ نسبة 111 في المائة في حين أن العائد السنوي لا يتجاوز 8 في المائة فقط, وهو بلا شك عائد منخفض جداً. نستنتج من ذلك نتيجيتين: إما الاستثمار العقاري في المنطقة المجاورة للمسجد النبوي الشريف غير مجد اقتصادياً وإما تقييم أصول المركز كان بأقل من القيمة العادلة. لو تأكد لنا أن التقييم كان فعلاً بأقل من القيمة العادلة، يحق لنا أن نتساءل: لمصلحة من يكون هذا؟ ولماذا؟ وكيف وافقت وزارة التجارة والصناعة على كل ذلك؟ وكيف تأكدت الوزارة من عدالة تقييم الأصول؟ ختاماً، ليس لي إلا أن أتقدم بالتهنئة لمجلس إدارة شركة طيبة القابضة على هذه الخطط والاستراتيجيات التي تم إنجازها خلال فترة زمنية بسيطة وفي واحدة من أطهر بقاع الأرض وأغلاها، مدينة نبينا وحبيبنا محمد, صلى الله عليه وسلم.
إنشرها
الصكوك تكفكف دموع اليتامى

الصكوك تكفكف دموع اليتامى

لن تستطيع إلا أن تقف وقفة إجلال وإكبار إذا تأملت الدور العظيم الذي أداه الوقف في بناء الحضارة الإسلامية...

هل تعيش أسواق النفط فترة استراحة محارب.. أم بلغت مداها؟
هل تعيش أسواق النفط فترة استراحة محارب.. أم بلغت مداها؟

هل تعيش الأسواق فترة استراحة محارب تعاود بعدها تقلباتها السعرية أم أن حفلة التصاعد في سعر البرميل المستمرة...

لماذا تتمتع دول الخليج بعوامل مقاومة ضد الأزمة العالمية أكثر من أي اقتصاد آخر؟
لماذا تتمتع دول الخليج بعوامل مقاومة ضد الأزمة العالمية أكثر من أي اقتصاد آخر؟

لا يمكن عزل أي بلد عن الأزمة العالمية، لأن الارتباط الذي شهدته أسواق المنطقة بنظيراتها العالمية في الفترة...

كبش الفداء المحللون
كبش الفداء المحللون

انتهت أزمة آذار (مارس) ومع بداية شهر نيسان (أبريل)، وعودة اللون الأخضر للمؤشر وعودة الحياة في سوق الأسهم...

Author

الشباب.. هل ينفخون في قربة مشقوقة؟

|
حضور يزيد على ثلاثة آلاف شاب وشابة، لم تكن أمسية شعرية لأحد الشعراء الفحول، ولم تكن مباراة بين الهلال والنصر، ولم تكن تطعيساً في الثمامة، كان عرساً كبيرا وحدثاً مهما ومفصلياَ لشباب الأعمال، فلأول مرة في المملكة يلتقي شباب الأعمال والمستثمرين الناشئين تحت سقف واحد ليبحثوا بجدية عن ذاتهم ويخترقون عوالمهم ويصنعون مستقبلهم وينقدون أنفسهم ويشتكون ممن انتقص منهم أو تجاهلهم وأنكرهم. تظاهرة مميزة وحضور متميز من الجنسين جمعت في ثناياها الألم والأمل.. الواقع والحلم.. التجربة والرؤية.. الفرص والتحديات، حفلت برعاية كريمة من سلمان بن عبد العزيز الذي فتح للشباب صدره وقلبه وأعطاهم من وقته، ليثبت للآخرين أن جيل المستقبل مرتبط بحاضره وأن اهتمام القيادة بالشباب أولوية قصوى وليست مكياجاً يضعه المسؤول لينمق صورته أو قناعاً يخلعه عندما ينتهي الغرض منه. الملتقى الأول لشباب الأعمال.. كان مغامرة محسوبة نظمته لجنة شباب الأعمال في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض، في بداية الأمر كانت التحديات كبيرة لكن ثبت فيما بعد أن العزائم أكبر، فتم الحدث وأقيم الملتقى، كونت اللجنة المنظمة من شباب وشابات الأعمال، وأسندت جميع أعمال الملتقى إلى مؤسسات وشركات يملكها ويديرها الشباب، فتجمع الشباب تحت سقف واحد في قاعة واحدة يناقشون مسائل تهمهم وترتبط بمصيرهم حيث ناقش الشباب على مدار يومين في عشر جلسات مواضيع مهمة تنوعت في كل ما يهم شباب الأعمال حيث ناقش الشباب أساليب تمويل مشاريعهم الناشئة، والعلاقة بين سوق الأسهم والشباب، والرؤية الاستراتيجية للاقتصاد السعودي، والاحتياجات الفعلية لشباب وشابات الأعمال، وكيفية تحويل التحديات إلى فرص، واستعرضوا تجارب ناجحة لشباب الأعمال، وتطرق الملتقى إلى مواضيع الساعة كمنظمة التجارة العالمية والشركات العائلية. لقد كان سقف الحرية مفتوحا في الملتقى حتى خيل للحضور أن القاعة مفتوحة بلا سقف، وأثبت الشباب أنهم على قدر المسؤولية، ونقدوا أنفسهم واشتكوا ممن أحبطهم وثبطهم، واقترحوا ما يتطلعون إليه وطالبوا بالكثير مما يعتقدون أنه من حقوقهم المهدرة والمفقودة. ومن أبرز محطات الملتقى إبرازها لأهمية تجمع الشباب والثقة التي طرحت فيهم فقد كانوا على مستوى المسؤولية من حيث التنظيم والطرح والاستضافة والتوصيات، كما أثبت الملتقى أن المسؤولين سيكون حضورهم مؤكداً عند رعاية شخصية كبيرة بوزن سلمان بن عبد العزيز حيث كانوا يتنازعون الأماكن لاستقبال الأمير وغادروا القاعة بمغادرته، وكان الحضور من الشباب مشرفاً ليس من حيث العدد فقط وإنما من حيث الطرح والفكر والمناقشة، كما أثبتت فتيات الأعمال أنهن على مستوى المسؤولية من حيث الحضور والاهتمام والوعي والمشاركة الإيجابية، المحطة اللافتة كانت غياب المسؤولين ذوي العلاقة بشباب الأعمال عن جلسات الملتقى! كانت توصيات الملتقى بمستوى طموح الشباب وكان أبرزها وأهمها من وجهة نظري توصيتين، التوصية الأولى تركز على مطالبة شباب الأعمال بإنشاء هيئة خاصة تتولى رعاية مصالحهم الاقتصادية وتمثيلهم لدعم مطالبهم وتطوير قدراتهم وصقل مواهبهم والارتقاء بثقافة وأخلاقيات العمل الخاصة بهم، وهذه التوصية فيها الكثير من الحقائق والأسرار، منها شكواهم بأن لا أحد يسمع لهم ويستجيب لمطالبهم، وإقرارهم بالنقص لديهم من حيث القدرة والثقافة البزنسية، واعترافهم بوجود الكثير من الممارسات اللا أخلاقية التجارية لدى شباب الأعمال، وأهم هذه الحقائق إحساس شباب الأعمال بالضياع بين كانا ومانا فيشحذون تكوين جهة مرجعية لهم تقدم لهم الدعم والرعاية والإرشاد تتبنى مصالحهم ومطالبهم أمام الجهات المختلفة. أما التوصية الثانية فتؤكد مطالب الشباب ورغبتهم بالمشاركة الفعالة في صنع القرارات الاقتصادية، وكأني بالشباب يشيرون إلى عدم رضاهم عن آلية اتخاذ القرارات الاقتصادية لما لهذه القرارات من تأثير مباشر وغير مباشر في الشباب المستثمرين والعاملين، وهذه التوصية تتضمن معارضة صريحة من الشباب على صدور الكثير من القرارات والأنظمة التي تحكمهم وتخصهم وتؤثر في مستقبلهم، والتي يتخذ الكثير منها دون أخذ رأيهم أو الاستنارة بعقولهم. همسة... هل يجد الشباب آذانا صاغية وقلوبا حانية وعقولا واعية تحتضنهم وتطمئنهم وتأخذ بيدهم؟ أتمنى أن تكون الإجابة فعلاَ لا قولاَ وقراراَ لا استفسارا، وألا تكون آمال الشباب نفخاً في قربة مشقوقة مثلما عبر عنها أحد الحضور. <p><a href="mailto:[email protected]">[email protected]</a>
إنشرها
Author

&quot; الثقة &quot; الملكية تصنع سوقا

|
<a href="[email protected]">[email protected]</a> أذهلني أحد المحللين الذين استضافتهم قناة العربية بعد القرار الملكي الأخير بقوله إنه " فوجئ بالخبر" ولم يوضح لنا بعد سبب تفاجئه بالقرار الملكي المنصف الذي أعاد الثقة إلى سوق الأسهم وأنصف أكثر من ثلاثة ملايين مستثمر وعشرة ملايين مواطن! سبحان الله، لو تمعن قليلا في صياغة القرار الملكي لأدرك المعاني الكريمة التي تضمنها القرار، ولأحس بمشاعر الملك وقد مزجت في قراره الكريم. الأسواق المالية تعتمد أولا وأخيرا على الثقة، وهناك مثل دارج في السعودية يقول " جودة السوق ولا جودة البضاعة " وما حدث بالأمس كان تحولا كليا في سوق الأسهم، وهو التحول الذي أعاد الثقة لسوق المال السعودية بأمر الملك. كيف يمكننا قول هذا؟ أقول متوكلا على الله؛ الثقة بالأوضاع الاقتصادية دائما ما تستمد من قمة الهرم السياسي، وهذه الثقة لا علاقة لها بالدخل، بل هي ثقة مستمده من القائد ومبنية على نظرته للمستقبل، وتفاعله مع الحاضر، ورؤيته الشاملة للوضع الاقتصادي العام. الثقة هي نقطة التحول الحقيقية التي حدثت في سوق الأسهم السعودية وهي العلامة الفارقة بين تشاؤم الأمس وتفاؤل اليوم، وهي السبب الرئيس الذي دفع المؤشر والأسعار نحو الإغلاق على النسبة القصوى في أول دقيقة من التداول. يتساءل البعض عن سبب نزول السوق بالنسب الدنيا حتى الخميس الماضي، ثم ارتفاعه على النسبة القصوى يوم السبت على الرغم من بقاء المتغيرات الاقتصادية دون تبدل. وهو تساؤل تنقصه الحصافة والفطنة، فالعوامل الاقتصادية ثابتة خلال ارتفاع المؤشر وانهيار السوق، ولكن المتغير الوحيد في سوق الأسهم كان الثقة التي أرغمت الكثير من المستثمرين إلى هجرة السوق ونقل سيولتهم إلى البنوك للمحافظة عليها من الضياع. عادت الثقة فتغير الوضع وانقلبت السوق رأسا على عقب، واستبدلت الألوان الحمراء باللون الأخضر الزاهي. هل وضحت الصورة، أكمل للاستزادة. بنى المستثمرون ثقتهم على أمور كثيرة أولها، ثقتهم بالله، ثم بخادم الحرمين الشريفين الذي لم يأل جهدا من أجل النهوض بسوق الأسهم من كبوتها، حيث اعتبر المستثمرون صدور القرار الملكي الكريم بتعيين الدكتور التويجري رئيسا لهيئة السوق أمرا إيجابيا هدف من خلاله إعادة ترميم سوق الأسهم. الأمر الآخر الذي أعاد الثقة للمستثمرين، هو منصب الدكتور التويجري في مجلس الاقتصاد الأعلى كأمين عام للمجلس ما يجعله أكثر التصاقا برئيس المجلس وأعضائه الكرام الذين يديرون السياسة الاقتصادية العليا للدولة. وهو أمر بالغ الأهمية للمستثمرين والسوق على حد سواء. أما الأمر الثالث، فيرتكز على خبرات الدكتور التويجري العلمية والعملية. فالدكتور التويجري متخصص في الاقتصاد، وقد شغل مراكز حساسة قبل توليه رئاسة الهيئة، بدءا من عضويته في صندوق النقد الدولي وانتهاء بأمانة المجلس الاقتصادي الأعلى، وهي جهات اقتصادية مؤثرة وحساسة تضفي على المنتسبين لها كما هائلا من الخبرات الدولية والمحلية. وأخيرا، أتت كلمة الدكتور التويجري القصيرة التي خص بها "العربية" لتؤكد ثقة المستثمرين بأهداف الرئيس الجديد المبنية على توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، خصوصا فيما يتعلق بقلق معاليه من التراجع الكبير في سوق الأسهم الذي لا يتلاءم مع ما تتمتع به بلادنا من اقتصاد كبير وقوي. بعد هذا الشرح الموجز، هل عرف المندهشون سبب ارتفاع السوق لهذا اليوم؟ أم تراهم ما زالوا غافلين. كل ما نتمناه أن يكف المنظرون عن أطروحاتهم المخالفة للتوجه الرسمي العام، ولرغبات المواطنين الذين فقدوا جل استثماراتهم في الأشهر الماضية، وأن يتركوا لهم الفرصة لتعويض بعض ما خسروه، وهو ما يسعى إلى تحقيقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله من خلال جميع قراراته الداعمة لسوق الأسهم. عودا على بدء، ما زلت أتساءل كيف نجحت الإعلامية المحترفة في قناة العربية الأخت " صبا عودة " في تحليل القرار الملكي الكريم وتقييم انعكاساته الإيجابية على سوق الأسهم، فاستعدت له بلباسها الأخضر الزاهي، تعاطفا وفرحا، من حيث فشل بعض المحللين في تقييم قوة تأثير القرار الملكي الإيجابي واندهاشهم من النسب الخضراء التي سجلتها سوق الأسهم في تداولات السبت!!!
إنشرها
Author

انهيار سوق الأسهم السعودية يهدد النظام المصرفي!!

|
<a href="[email protected] ">[email protected] </a> عندما تطرقت في إحدى مقالاتي السابقة عن إمكانية تعرض الاقتصاد السعودي لهزات عنيفة، وإمكانية إعادة تقييمه من قبل المنظمات الدولية بسبب انهيار سوق الأسهم، هاتفني أحد القياديين المصرفيين معاتبا ومفندا. وقال مما قال "إنني أخلط بين الاقتصاد الحقيقي وبين التنظير الفلسفي" فاستوضحته عن معنى ذلك فقال: "إنك واهم فيما تقول". شكرته على حسن تواصله، وعلى تنبيهي لهذه النقطة بالذات، وتوكلت على الله، ولم أتوقف عن كشف ما قد يجره الانهيار من ويلات للمجتمع وللاقتصاد السعودي على حد سواء. لم يطل بي الوقت بعد ذلك الاتصال، حتى استمعت إلى كلمة معالي محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي التي ألقاها في منتدى "بناء المستقبل" المنعقد في مدينة الرياض، ومنها قوله: "ليس للهبوط الحالي في سوق الأسهم أثر عكسي لا على البنوك، ولا على النظام المالي" ثم الجزئية الشهيرة التي وصف فيها انهيار سوق الأسهم بـ "التصحيح" الذي لن تتحمل المصارف بسببه أي تبعات سلبية. عندها أيقنت بأن "وراء الأكمة ما وراءها". خرجت بعض الصحف في اليوم التالي وهي مليئة بالانتقادات ووجهات نظر المستثمرين حيال تصريحات معالي المحافظ التي لم تأخذ في الحسبان ما تعرض له المواطنون من أضرار كبيرة جراء انهيار سوق الأسهم. أما أنا، فنظرت إلى خطاب معالي المحافظ من جهة أخرى، وأيقنت أنه لم يكن موجها للشارع السعودي بل إن صياغته الدقيقة المرتبطة بالنظام المصرفي، وأهدافه البارزة تشير بما لا يدع مجالا للشك إلى أنه موجه للرأي العام الغربي وعلى الأخص المنظمات الدولية وقياداتها التي تحضر المنتدى. حرص معالي المحافظ في كلمته على النأي بالقطاع المصرفي عن تداعيات انهيار سوق الأسهم تحسبا لأي قرارات مستقبلية قد تؤثر في مستوى التقييم الدولي للقطاع المصرفي السعودي. أصبح الأمر أكثر وضوحا بعد تناقل وكالات الأنباء تقرير مؤسسة "موديز" للائتمان الذي أشار بوضوح إلى المخاطر التي تهدد النظام المصرفي الخليجي في هذه الفترة الزمنية، ومن ضمنها " هبوط الأسهم ونمو الائتمان". وبهذا تحاول مؤسسة "موديز" أن تربط، بخبث متعمد، بين انهيار سوق الأسهم وبين التمويل البنكي، وتفترض أن البنوك الخليجية، ومن ضمنها البنوك السعودية، ستواجه أزمة حقيقية في ارتفاع نسبة الديون المشكوك في تحصيلها، وإن تجاوزت هذه الأزمة بنجاح، فإنها ستواجه بأزمة أخرى تتمثل في نقص الودائع البنكية التي ستؤثر سلبا في نسبة الملاءة لديها. الآن كشفت النوايا الخطرة، وتحولت الوصايا العشر إلى حفر عميقة لا يمكن الخروج منها بسهولة. نخطئ حين نضع ثقتنا التامة بالمنظمات الغربية دونما حذر، فنأخذ بنصائحها على أنها العلاج الناجع للمشاكل الاقتصادية التي أوهمونا بوجودها، ونخطئ أكثر حينما نتجاهل الأصوات الوطنية التي بحت وهي تشير إلى مكامن الخطر المنتظر. بالرغم مما حدث في سوق الأسهم، فإن المصارف السعودية لا تزال تشكل الداعم القوي للاقتصاد السعودي، وهي في وضع أقوى مما كانت عليه من قبل، مدعومة بملاءتها المالية التي تفوق المعدلات الدولية، وبنسبة نمو مقارن للربحية تزيد على 100 في المائة، إضافة إلى ما تتمتع به من كفاءة إدارية، رقابية، وإشرافية عالية التقييم. هذا ما أعتقده، لذا تعمدت أن أقوس عنوان المقالة كي أبرئ نفسي من تهمة تبنيها أو الاعتقاد بها. لست بصدد الدفاع عن القطاع المصرفي، فنتائجه السنوية وأرقامه الفلكية كفيلة بإسقاط حجج الحاقدين وفضح نواياهم السيئة. لكنني أسعى إلى ربط الأهداف بالنوايا ومناشدة الأطراف الفاعلة التكاتف من أجل إفشال المخططات الغربية. النوايا كانت واضحة منذ البداية، وهي تتلخص في زعزعة الثقة العالمية في الاقتصاد السعودي من خلال سوق الأسهم، ومن ثم نزع ثقة المستثمرين والمودعين في النظام المصرفي من أجل إخراج السيولة الضخمة التي دخلت إلى السعودية، بعد أن تم سحبها من المصارف الغربية، بداية عام 2004 وهي بداية طفرة سوق الأسهم السعودية. يفترض أن تتضافر الجهود من أجل إفشال مخططات المؤسسات الغربية المشبوهة من خلال دعم سوق الأسهم، المدخل الرئيس الذي استخدم لضرب الاقتصاد السعودي ونظامه المصرفي، وإعادته إلى نقطة التوازن الحقيقية. لن تنجح الجهود في إعادة السوق إلى نقطة التوازن دون تعاون تام من أطرافها المختلفة، بدءا من الصناع، كبار المضاربين، المستثمرين، المتداولين، وهيئة السوق المالية. لم يعد الأمر يحتمل التصادم، أو إظهار السلبية حيال ما يجري من حولنا. الأمر أصبح أكثر خطورة مما يعتقد، فالاقتصاد السعودي ونظامه المصرفي أصبحا في مواجهة حقيقية مع المؤسسات الدولية. هيئة السوق المالية بدأت بالفعل في تحسس مكامن الخطر، وقراءة المستقبل، وشرعت في وضع الخطط المناسبة لتجاوز أخطاء الماضي. تحسب لمعالي رئيس الهيئة الدكتور عبد الرحمن التويجري خطواته الجريئة الهادفة إلى دعم السوق والصعود بها من جديد، ويحسب له خطاب النوايا الحسنة الذي صرح به إبان تعيينه رئيسا لهيئة السوق المالية، ووعوده الإيجابية التي قطعها على نفسه والتي تصب في مصلحة السوق والمتداولين، ولم يتبق بعد ذلك إلا أن نرى التجاوب المثمر من قبل صناع السوق وكبار مضاربيها للعمل سويا من أجل حفظ استقرار السوق وإرجاع الثقة لها من جديد ثم الصعود بها إلى نقطة التوازن.
إنشرها
أرباح البنوك .. والإفراط في التفاؤل

أرباح البنوك .. والإفراط في التفاؤل

<p><a href="mailto:[email protected]">[email protected]</a> </p> ...

Author

سوق الأسهم بين المضاربة والاستثمار

|
<p><a href="mailto:[email protected]">[email protected]</a></p> كثر الحديث في الأيام الماضية عن النطاقات السعرية الجديدة التي حققتها أسهم المضاربة في سوق الأسهم السعودية، والارتفاعات الكبيرة التي اختصت بها تلك الأسهم عما سواها من أسهم الشركات الأخرى. وبدأنا ننصت تباعا للأصوات التي تطالب الصناع بالتعقل وعدم جر السوق إلى كارثة أخرى تزيد من مصائب المستثمرين. ورغم التحذيرات التي بدأ في إطلاقها بعض المحللين الماليين إلا أن المتداولين مازالوا يصرون على ملاحقة أسهم المضاربة، والنأي بأنفسهم عن أسهم العوائد، باعتبار أنهم يحققون أرباحا مجزية، ويعوضون بعض خسائرهم التي تكبدوها إبان الانهيار العظيم. فلسفة المتداولين قائمة على أساس الربح السريع، وطالما أنهم يحققون أهدافهم فما المانع من أن يواصلوا السير في نفس الاتجاه؟ لا أحد يستطيع أن ينكر عليهم توجهاتهم، بغض النظر عن النظريات الاستثمارية، ومصلحة السوق والاقتصاد العام. فالمستثمر الفرد يبحث أولا عن مصلحته الخاصة، ويقدم على شراء الأسهم التي تحقق له المكاسب المجزية في مدة زمنية بسيطة، قد يفعل ذلك وهو مطلع على نسبة المخاطرة العالية التي يتحملها بمجرد اقتنائه أسهم المضاربة. كثير من المتداولين لا يشغلون أنفسهم بدراسة القوائم المالية بقدر ما يدققون في الفوارق السعرية الإيجابية التي تحققها لهم أسهم المضاربة مقارنة بالأسهم الأخرى. فأسهم المضاربة، وخلال مدة زمنية قصيرة، استطاعت أن تحقق مكاسب خيالية لمقتنيها تجاوزت في بعضها نسبة 300 في المائة من أدنى نقطة وصلتها بعد الانهيار حتى يومنا هذا، في حين لم تحقق أسهم العوائد 30 في المائة من الأرباح الرأسمالية، ولو أضفنا لها التوزيعات النقدية لبلغت في مجملها ما يقارب 32 في المائة فقط لا غير. وهنا تكمن المشكلة، إذ كيف نستطيع إقناع المتداولين بالاستثمار في أسهم العوائد وهي لا تحقق لهم إلا اليسر القليل من الأرباح مقارنة بأسهم المضاربة؟ قد يقول البعض إن عنصر المخاطرة عامل مهم لا يمكن إغفاله في حالة المقارنة، وهو أمر صحيح، لولا أن السوق السعودية تتجاهل دائما التمييز بين أسهم العوائد وأسهم المضاربة في حالة الانهيار. لا أقول هذا من باب التشجيع على المضاربة، بل أقولها بتجرد كي نقف على الأسباب والمسببات قبل أن نبدأ في وصف العلاج فالتنظير الاقتصادي لا يمكن القبول به إذا ما كان مخالفا للواقع المحسوس. يجب أن نعترف بأن السوق السعودية هي سوق للمضاربة من الدرجة الأولى، بدءا من المستثمرين الأفراد ومرورا بالمجموعات المؤثرة، وانتهاء ببعض صناديق البنوك التجارية التي لا تتردد في ممارسة المضاربة على الأسهم الضعيفة، واستشارة بعض كبار المضاربين، والتنسيق معهم في عمليات الشراء المحمومة التي تؤدي إلى تضخم الأسعار وتكتل الاستثمارات المالية في أسهم المضاربة. والشواهد على ذلك كثيرة، إلا أنها تحتاج إلى شرح وتفصيل قد يطول ويتوسع ولعلنا نعود لها مستقبلا. كيف نطالب المتداولين بتغيير استراتيجياتهم من المضاربة إلى الاستثمار في سوق يغلب عليها طابع المضاربة؟ تشهد فيها أسهم الشركات الضعيفة ارتفاعات كبيرة، وتتراجع فيها أسهم شركات العوائد القوية دون أسباب منطقية. سوق يعتمد فيها المتداولون على تكتلات المستثمرين، وأسماء المضاربين بدلا من اعتمادهم على قوة الشركات وأوضاعها المالية والإدارية. ما زال صغار المستثمرين يبحثون عن أسماء مضاربي الأسهم من أجل مرافقتهم في ركوب الموجة الصاعدة دون التمعن في قوة الشركة و ربحيتها، أي أنهم يبنون خططهم الاستثمارية على أسماء المضاربين لا على نوعية الأسهم التي يقتنونها حتى اليوم، مازالت استراتيجية موجات المضاربين، المبنية على الاحتكار، تحقق النجاح تلو النجاح وتزيد من ثقة صغار المستثمرين فيهم، وهو ما يزيد من مشاكل السوق، ويهز من ثقة المستثمرين بأسهم العوائد، ويدفعهم قسرا إلى تبني استراتيجيات المضاربة والبعد قدر المستطاع عن الاستثمار في السوق. لن تنجح التحذيرات الموجهة طالما أن الواقع يثبت عكسها، ولن يتنازل المضاربون عن أرباحهم التي يحققونها لمجرد التقيد بنظريات الاقتصاد والتحليل المالي. ما العمل إذا؟ الأمر أكبر من أن يرتهن بتحذيرات تطلق من خلال القنوات الفضائية أو من خلال الصحف اليومية لإبراء الذمة لا أكثر ولا أقل. أعتقد أن الأمر يستدعي التدخل السريع من أجل إعادة هيكلة السوق، ورفع أيدي الأوصياء عن الأسهم القيادية، وأسهم العوائد التي أصبحت تستغل استغلالا سيئا من أجل التأثير السلبي على أداء السوق من ناحية، ومن أجل تشجيع المضاربة وتلميع الأسهم الخاسرة من ناحية أخرى. نحن في نهاية الربع الثاني للسنة المالية، وهو الوقت المحدد لإعلان النتائج المالية التي قطعا ستأتي في مصلحة أسهم العوائد، وقد تلحق الضرر ببعض أسهم المضاربة، وربما تكون نقطة تحول في مسار السوق، وهي نقطة مهمة يجب على المضاربين التنبه لها ووضع الاحتياطات اللازمة من أجل حماية استثماراتهم المالية.
إنشرها
Author

من يطفئ ثورة الشك في سوق الأسهم؟

|
<p><a href="mailto:[email protected]">[email protected]</a></p> كاتب اقتصادي أَكَادُ أَشُكُّ في نَفْسِي لأَنِّي *** أَكَادُ أَشُكُّ فيكَ وأَنْتَ مِنِّي هذا البيت الرائع الذي استهل به الأمير عبد الله الفيصل قصيدته الشهيرة ثورة الشك التي تغنت بها كوكب الشرق، لا أعلم لماذا قفز إلى ذهني وأنا أستعرض ذهنيا أسباب انهيار شباط (فبراير) وما تبعه من عودة سريعة لأسهم الخشاش إلى أسعار غير منطقية رغم كل التحذيرات، وفي ظني أن عقلي الباطن بعد تحليله لجميع المعلومات التي في ذهني استدعى هذا البيت ليرسله لعقلي الظاهر كشعار لما يجول في خاطري. لماذا يكرر عقلي الباطن هذا البيت مرارا وتكرارا؟ هل هو بسبب الصعود غير المبرر والجنوني لأسهم الخسائر (الخشاش) بعد شهرين ونصف من الهبوط الحاد؟ هذا الصعود الذي أحبط المحللين والكتاب العقلانيين وأرجعهم إلى الصفوف الخلفية في مواجهة مطلقي وناقلي التوصيات والإشاعات وأمام المحللين الخضر والمطبلين، أم أن ذلك بسبب مخالفة المتعاملين بسوق الأسهم بكافة أنواعهم (هوامير، صناديق، صغار المضاربين، مستثمرين، بنوك ..إلخ ) للتوقعات التي تقول إنهم سيستفيدون من هذه التجربة المريرة التي لا بد أنها أصحت كل غافل من غفلته ليعود من عالم الأحلام الوردية إلى الواقع بمرارته، ليكونوا أكثر عقلانية في قراراتهم الاستثمارية في سوق الأسهم. أبدا ليس ذلك على الإطلاق، خاصة إذا عرفنا أن السبب الرئيسي في ثورة الشك كما يشير مطلع القصيدة هو الشك بمن لا يجب أن نفكر بالشك فيه لأنه إذا شككنا فيه فكأنما نشك في أنفسنا، نعم فهناك من الأفراد والمؤسسات ما إذا شككنا بأنهم شاركوا أو أسهموا في انهيار شباط (فبراير) وما تبعه من ارتفاعات كبيرة في أسهم خاسرة وبعلمهم لتحقيق منافع لهم أو بتقاعسهم لسبب أو لآخر، أقول إذا شككنا فيهم بعمل ذلك فكأنما نشك في أنفسنا. إذن أنا وغيري من العقلانيين أصبحنا نشك في أفراد ومؤسسات خاصة وعامة كنا نجزم بأنها تعمل بعقلانية تؤصل لسوق مالية ناضجة، ذلك لأننا لم ننجح في توقع مسيرة سوق الأسهم بعد الانهيار وخسرنا معركة تعزيز مستوى نضوج سوق الأسهم السعودية على أرض الواقع، رغم توقعنا بأن النجاح سيكون حليفنا بمساعدة القوى المؤثرة في السوق من متعاملين وجهات تنظيمية ورقابية، خاصة إذ أخذنا في الحسبان التجربة المريرة التي مر بها المتعاملون في السوق مما سيجعلهم أكثر قدرة على تقبل الخطاب العقلاني. لكن ذلك لم يكن، ورأينا حليمة تعود لعادتها القديمة "إشاعات، توصيات، ارتفاعات نسب في أسهم خاسرة"، عودة حيرت المحللين وضربت التحليل العلمي في مقتل، لماذا؟ ومن الذي يدعم التحرك بهذا الاتجاه ذي الأخطار المركبة؟ من يريد أن نفقد الثقة بسوق الأسهم؟ من يريد أن يشفط آخر ريال من جيوب الضعفاء؟ ولماذا لا نستطيع منعه بما لدينا من أجهزة رقابية وتنفيذية متعددة تستطيع بكل سهولة ويسر أن تتبع حركة كل ريال بين المحافظ والحسابات البنكية؟ لماذا تقف الدولة عاجزة أمام بعض المضاربين الكبار الذين يلعبون بمقدرات البلاد واقتصاده، وهي تعلم علم اليقين أن ما يفعلونه قد يضرب الاقتصاد في مقتل، وما تقرير موديز عنا ببعيد؟! هنا انطلقت شرارة ثورة الشك: وَكَمْ طَافَتْ عَلَيَّ ظِلاَلُ شَكٍّ ** أَقَضَّتْ مَضْجَعِي وَاسْتَعْبَدَتْنِي" فأصبحنا "ونحن نتجرع الإحباط" نشك في أن من يقف معنا من أجل سوق مالية ناضجة تلعب دورها الحقيقي في توسيع وتنويع قاعدة الاقتصاد الكلي، هو في حقيقة الأمر قد يقف في الصف الآخر، قد يقف بصورة أو بأخرى مع المتلاعبين ويعزز قدراتهم وإمكانياتهم ماليا وفنيا وحمائيا. فأصبحنا نشك في هيئة السوق المالية بأنها أصبحت تتساهل مع بعض المخالفين بهدف المحافظة على تماسك سوق الأسهم التي تعاني من الهشاشة بعد انهيار شباط (فبراير) لكيلا يتعرض لأزمة مماثلة، فتهبط أسعار الأسهم بشكل حاد تجعلهم في حرج أمام الناس وأمام المسؤولين، ويا له من شك عظيم، أن نشك في الجهة التنظيمية والرقابية بأنها تتخلى عن جزء من مسؤولياتها لحماية السوق وإن كانت أسعارها غير منطقية، خاصة إذا علمنا أن أسعار الفائدة تتجه إلى الـ 6 في المائة مما يعني أن مكررات الأرباح يجب أن تراوح بين 13 و18 وحاليا هي نحو 28، وأيضا ما تم نشره من أرباح لأحد أكبر البنوك المؤثرة في المؤشر حيث إن نمو أرباح الربع الأول 2006 مقارنة بأرباح الربع الأول 2005 كانت 85 في المائة بينما كانت نسبة النمو في الربع الثاني 2006 مقارنة بـ 2005، 35 في المائة أى أن نسبة النمو تراجعت بنسبه 60 في المائة. أصبحنا نشك في بعض الشخصيات الاقتصادية الشهيرة التي تمثل إضافة للاقتصاد السعودي ومصدر فخر واعتزاز لكل مواطن، أصبحنا نشك في أنها تشارك في هذه المذبحة الوطنية لتحقيق أرباح ولو على حساب أنات المستضعفين، ويا له من شك عظيم أن نشك في المصلح بأنه من المفسدين. أصبحنا نشك في أن مؤسسات الدولة التنظيمية والرقابية لا تتكامل كمنظومة هدفها تنمية البلاد وحماية أمنها واستقرارها من كل مجرم أفاك في أي مساحة كان إجرامه، بل أصبحنا نشك في أن بعض هذه المؤسسات "مثل مؤسسة النقد" أصبحت تغطي على أخطاء وتساهل المخطئين، ويا له من شك عظيم أن نشك في تشرذم مؤسساتنا التنظيمية والرقابية وعجزها عن حماية اقتصادنا الوطني. أصبحنا نشك في البنوك التي نودع فيها أموالنا ونأتمنها على ذلك بأنها استخدمت تلك الأموال استخداما سيئا أضر بنا وباقتصادنا لتحقيق مصالح آنية على حساب مصلحة البلاد والعباد وبما ينم عن نظرة قاصرة لمؤسسات كنا نظن أنها الداعم الحقيقي لمؤسساتنا الوطنية بتعزيز قدراتها التنافسية، وإذا بها تغلب الاستهلاك الداعم للمصدرين الخارجيين على حساب الإنتاج الداعم للمنتج المحلي، ويا لهذا الشك الذي يجعلنا ننظر لبنوكنا بأنها عامل هدم لاعامل بناء في مسيرتنا التنموية. أصبحنا نشك في القائمين على الشركات المساهمة المدرجة بأنهم أحد رؤوس البلاء، باستخدامهم السلطات المخولة لهم من قبل المساهمين لتحقيق أرباح خيالية في وقت قصير على حساب مصلحة الشركة وعلى حساب الاقتصاد الوطني، وذلك من خلال تشكيل تكتلات مع كبار المضاربين لتحقيق مصالحهم المشتركة، إضافة لما نسمعه من توزيع مبكر لأرباح هذه الشركات لكبار ملاكها، وذلك بمنحهم عقودا من الباطن بالتعاقد مع شركات يمتلكونها بصورة أو بأخرى وليذهب صغار المساهمين إلى الجحيم، ويا له من شك ذي أثر مدمر لأموال المستثمرين ومحفز للمزيد من المتلاعبين لتأسيس شركات مساهمة عامة من هذا النوع السرطاني الخطير. مَن يطفئ ثورة الشك في أنفسنا؟ سؤال يتردد في نفس كل مواطن غيور على بلده لا يجد إجابة شافية كافية، وأقول إن على كل جهة تتعرض لثورة الشك هذه أن تثبت براءتها، عليها أن تقوم بأعمال واضحة للعيان تعزز قيام سوق ناضجة وتمنع كل متلاعب أو متحايل أو غشاش من تحقيق مأربه، عليها أن تثبت ذلك بالدليل القاطع الذي لا يحتمل اللبس أو الشك أو التأويل، لنرى النتائج على أرض الواقع، سوقا مالية ناضجة لا مكان للغش واللعب بها، لكي يقبل المستثمر ويدبر النصاب، وينعم المواطن والوطن بقناة استثمارية توظف المدخرات بما هو داعم ومعزز للناتج الوطني، وبخلاف ذلك فإن ثورة الشك لا تزال قائمة والاقتصاد في خطر. وأختتم هذه المقالة بالأبيات الخمسة الأخيرة من هذه القصيدة التي تشير بصورة أو بأخرى إلى الفقرة السابقة حيث يقول الشاعر الأمير عبد الله الفيصل: عَلَى أَنِّي أُغَالِطُ فِيكَ سَمْعِي *** وَتُبْصِرُ فِيكَ غَيْرَ الشَّكِّ عَيْنِي وَمَا أَنَا بِالمُصَدِّقِ فِيكَ قَوْلاً *** وَلَكِنِّي شَقِيـتُ بِحُسْنِ ظَنِّي وَبِي مَمَّا يُسَاوِرُنِي كَثِـيرٌ *** مِنَ الشَّجَـنِ المُؤَرِّقِ لاَ تَدَعْنِي تُعَذَّبُ فِي لَهِيبِ الشَّكِّ رُوحِي *** وَتَشْقَى بِالظُّنُـونِ وَبِالتَّمَنِّي أَجِبْنِي إِذْ سَأَلْتُكَ هَلْ صَحِيحٌ *** حَدِيثُ النَّاسِ خُنْتَ؟ أَلَمْ تَخُنِّي
إنشرها
Author

ماذا يعني تغطية أوراق مالية بقيمة 5.55 مليار في مدة وجيزة

|
في مقالة سابقة بعنوان "الهيئة وتفعيل دور الأوراق المالية في التنمية الاقتصادية" قلت إن هيئة السوق المالية وببراعة كبيرة استطاعت أن توازن بين المحافظة على استقرار السوق وأهمية تفعيل دور الأوراق المالية في تنويع وتوسيع قاعدة الاقتصاد الكلي، وقلت إن الهيئة بطرحها الاكتتاب في سندات "سابك" إضافة إلى أسهم أربع شركات جديدة بفترات زمنية محدّدة ومتواترة، أعادت الحياة للسوق الأولية بعد أن تعطشت للاكتتابات التي توقّفت لفترة تزيد عن ثلاثة أشهر لإعادة الثقة للمتعاملين في سوق الأسهم السعودية. ورجوت الهيئة أن تستمر في هذه السياسة الذكية التي تأتي في سياق السياسات القاضية بتوسيع فرص الاستثمار التي أكد مجلس الوزراء المضي قدما بها لننعم جميعا بنتائجها الإيجابية، وما دعاني إلى قول كل ذلك غضب (البعض) من هيئة السوق المالية بسبب تلك الإصدارات الأولية متذرعين بخوفهم على انهيار السوق الثانوية "سوق الأسهم" متجاهلين الآثار السلبية المترتبة على ذلك في الاقتصاد الوطني في المديين المتوسط والبعيد، خاصة نحن نعاني سوقا مالية ضحلة فضلا عن معاناتنا غياب شركات قيادية عملاقة في كثير من القطاعات الاقتصادية مثل التعليم والصحة والترفيه والمواصلات. واليوم ولله الحمد والمنة يثبت الواقع سلامة قرار هيئة السوق المالية وسلامة ما دعينا له لتفعيل دور الأوراق المالية في تنمية الاقتصاد الوطني، نعم استطاع السوق أن يغطي سندات "سابك" بقيمة ثلاثة مليارات ريال في فترة وجيزة وبنجاح كبير رغم اقتصارها على المؤسسات الاستثمارية السعودية، حيث تم تخصيص 49 في المائة لصناديق متفرقة على أكثر من جهة تخص معاشات تقاعد وصناديق استثمارية أخرى، و15 في المائة للشركات والهيئات الاستثمارية، و36 في المائة للبنوك العاملة في المملكة العربية السعودية. كما استطاعت السوق السعودية تغطية اكتتاب "إعمار الاقتصادية" (2.55 مليار ريال) في الأيام الثلاثة الأولى، وأظن أنها سوف تغطى لعدة مرات في أيام الاكتتاب المتبقية، وهذا دليل واضح على رغبة المستثمرين في الاستثمار في السوق الأولية لما تمثله من قناة استثمارية آمنة تمكنهم من توظيف مدخراتهم دون تعرضها لأخطار كبيرة كما هو الحال في سوق الأسهم. ولقد أعجبني تصريح سعادة المهندس محمد بن حمد الماضي، نائب رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي لـ "سابك" بقوله "إن سابك بطرحها هذه الصكوك لأول مرة فهي تمهد الطريق نحو فتح قناة استثمارية رأسمالية في المملكة غير الأسهم تمكننا من تحقيق أهدافنا من هذه العملية، والتي من أهمها المساهمة في تطوير السوق المالية السعودية وتزويد المستثمرين بخيارات أوسع للاستثمار". نعم لقد أعجبني وأثلج صدري تصريح هذا المسؤول الرفيع الذي يعمل في شركة ذات قيمة مضافة على المملكة والعالم، المسؤول الذي يدرك أهمية فتح قناة استثمارية غير الأسهم لتطوير السوق المالية من ناحية وتزويد المستثمرين بخيارات أوسع من ناحية أخرى، وذلك ما نادى به مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين. إذن هناك سوق مالية تتطور من حيث نوعية وكمية الأوراق المالية التي تطرح وتستوعب بما يؤسس في المستقبل القريب إن شاء الله لسوق مالية ناضجة خاصة ونحن نرى هيئة السوق المالية تحث الخطى بالترخيص للمزيد من المؤسسات المالية التي ستكون قيمة مضافة إلى سوقنا المالية عندما تقوم باحترافية كبيرة في مهام الوساطة والإدارة والمشورة والحفظ والترتيب، وكلنا ثقة بأنها قادرة على القيام بذلك على أكمل وجه، وهذه مجموعة HSBC المصرفية تثبت دورها الفعال في تطوير سوقنا المالية بهيكلة وتصميم العمليات المعقدة وتزويد العملاء بحلول تمويلية إسلامية كما هو الحال في إصدار وتسويق سندات "سابك". وختاما أود أن أوضح للقائلين أن الاكتتابات ستؤثر سلبا في سوق الأسهم، بأن ما أدعيتم به غير صحيح وأن سوق الأسهم تتذبذب بشكل غير منطقي نتيجة ضحالة تفكير ثلة من الجشعين الذين يحاولون قدر المستطاع كسب أكبر قدر من الأموال على حساب صغار المستثمرين قبل أن تكتمل الأنظمة ويتكامل وينضج المتعاملون بالسوق المالية، كما أود أن أوضح أن هذا التذبذب الجنوني صعودا وهبوطا حاصل في جميع الأحوال كما هو الأسبوع الماضي دون الالتفات للاكتتابات، وإني لأرجو مرة أخرى من هيئة السوق المالية طرح المزيد من الأسهم والسندات بفترات زمنية محدّدة ومتواترة "خريطة اكتتاب" بما يقي السوق من المفاجآت والتخرصات، وبما يحول السيولة الهائلة المتاحة بيد المواطنين إلى شركات ومشاريع عملاقة ذات قيمة مضافة ينعم بنتائجها الجميع.
إنشرها
إلى رحمة الله .. رجل القانون الأنظمة
إلى رحمة الله .. رجل القانون الأنظمة

إلى رحمة الله دعوات تلهج بها قلوبنا.. إلى رحمة الله معالي أستاذنا الدكتور محمد بن حسن الجبر رئيس هيئة...

الأبعاد الاقتصادية لحوكمة الشركات
الأبعاد الاقتصادية لحوكمة الشركات

لا يخفى على الجميع أن الأسرة هي اللبنة الأساسية والأولى لبناء المجتمع ومنها تستمد الأمم عافيتها وعليها تعلق...

Author

اكتتابات أسهم حقوق الأولوية.. إلى أين ؟

|
[email protected] تعتبر أسهم حقوق الأولوية إحدى أهم الأدوات المالية المتاحة أمام الشركات المدرجة في السوق لرفع رأس المال من خلال إصدار أسهم جديدة (قد تكون بعلاوة إصدار) ينحصر الاكتتاب بها في مساهمي الشركة حاملي الأسهم يوم عقد الجمعية العمومية غير العادية التي أقرت رفع رأس المال. وهي بذلك تختلف كليا عن الاكتتابات العامة للأسهم الموجهة لجميع المواطنين دون استثناء. أخيرا، أعلنت الشركة العقارية السعودية عن الاكتتاب باسهم حقوق الأولوية على 30 مليون سهم جديد بسعر 52 ريالا للسهم الواحد (شاملا علاوة الإصدار) خلال الفترة من 24 أيلول (سبتمبر) إلى 4 تشرين الأول (أكتوبر) بهدف جمع مبلغ 1.554 مليار ريال (بعد خصم تكاليف الطرح) وتنوي الشركة استخدام متحصلات هذا الاكتتاب لتنفيذ خطة الشركة بالتوسع في مشاريع العقارية بلازا ومدينة العقارية التجارية وفلل عقارية اليرموك بتكلفة إجمالية 2.119 مليار ريال حسب ما نصت عليه نشرة الإصدار (صفحة ل وصفحات 44-47) علما أن نتائجها المالية للربع الثالث المنتهي في 30 أيلول (سبتمبر) تبين أن رأس المال العامل (قبل الاكتتاب) يظهر عجزا بقيمة 51 مليون ريال مما يعني وجود حاجة ماسة للسيولة لمواجهة الالتزامات المتوقعة خلال الاثني عشر شهرا المقبلة. في الإطار نفسه، ورد في موقع تداول يوم الإثنين الماضي 27 تشرين الثاني (نوفمبر) إعلان من الشركة العقارية السعودية يبين أن الشركة قامت بشراء أرض في مدينة جدة بقيمة 255 مليون ريال وهو مبلغ كبير نسبيا يعادل 17 في المائة من إجمالي الأصول (قبل الاكتتاب) و17 في المائة من إجمالي متحصلات الاكتتاب، ونتساءل هنا: كيف قامت الشركة بشراء الأرض ومن أين حصلت على التمويل اللازم لشراء الأرض؟ ثم أين خطة التوسع التي أعلنت عنها في نشرة الإصدار؟ من الواضح أن الشركة استخدمت بعض متحصلات الاكتتاب لشراء الأرض مما يعني انحرافا عن خطة التوسع المعلنة وأن الشركة لم تكن في حاجة للحصول على إجمالي متحصلات الاكتتاب البالغة 1.554 مليار ريال كاملة في هذا الوقت. وكان من المتوجب عليها إلزام المساهمين الاكتتاب على دفعات ضمن خطة مدروسة للحصول على تدفقات نقدية داخلة (بفترات استحقاق وعلاوات إصدار مختلفة) آخذين في الاعتبار أن فترة تنفيذ خطة الشركة في التوسع ستراوح بين ثلاث إلى خمس سنوات (فترة طويلة نسبيا) وأن إلزام المكتتبين تسديد المبلغ كاملا في هذا الوقت كبدهم خسائر بأكثر من 25 في المائة بالمقارنة مع سعر السهم السوقي البالغ حاليا أقل من 40 ريالا للسهم. في مثال آخر، نجد أن شركة جازان للتنمية أعلنت عن الاكتتاب في أسهم حقوق الأولوية على خمسة ملايين سهم (قبل التجزئة) بسعر 75 ريالا للسهم (شاملا علاوة الإصدار) خلال الفترة من 4 إلى 16 شباط (فبراير) الماضي بهدف جمع مبلغ 370 مليون ريال (بعد خصم تكاليف الطرح) وتنوي الشركة استخدام متحصلات الاكتتاب لتنفيذ مشاريع متنوعة بقيمة إجمالية تبلغ 432 مليون ريال يتم تمويلها بشكل رئيسي من متحصلات الاكتتاب في حين تعهدت الشركة بتغطية الالتزامات الآنية من بيع الاستثمارات الحالية للشركة حسبما نصت عليه نشرة الإصدار (صفحة 47) علما أن نتائجها المالية للسنة المالية المنتهية في 31 كانون الأول (ديسمبر) 2005م تظهر أن رصيد النقدية بلغ أقل من أربعة ملايين ريال وأنه لا توجد لدى الشركة أي أرصدة لاستثمارات قصيرة الأجل. في السياق نفسه، نجد أن النتائج المالية للربع الأول المنتهي في 31آذار (مارس) من هذا العام تظهر أن رصيد النقدية بلغ 501 مليون ريال وأنه لا توجد أي أرصدة لاستثمارات قصيرة الأجل. أيضا، نجد في النتائج المالية للربع الثاني المنتهي في 30 حزيران (يونيو) أن أرصدة النقدية بلغت 450 مليون ريال وأن الاستثمارات قصيرة الأجل ارتفعت إلى 76 مليون ريال في حين بلغ رأس المال العامل أكثر من 536 مليون ريال (مستوى مرتفع جدا تجاوز به رأس المال الحقيقي للشركة). أيضا، نجد في النتائج المالية للربع الثالث المنتهي في 30 أيلول (سبتمبر) أن أرصدة النقدية بلغت 467 مليون ريال وأن الاستثمارات قصيرة الأجل بلغت 56 مليون ريال في حين حافظ رأس المال العامل على مستوى أعلى من 526 مليون ريال (أي المحافظة على مستوى مرتفع جدا من السيولة يفوق قيمة رأس المال الحقيقي للربع الثاني على التوالي). من ضمن المشاريع المعتمدة في نشرة الإصدار، أعلنت الشركة على موقع تداول البدء في تنفيذ مشروع الروبيان (2) مع إحدى شركات المقاولات الوطنية ولم تعلن حتى الآن عن باقي المشاريع المعتمدة في حين أن المفاجأة كانت في إعلان الشركة على موقع تداول عن مشاريع أخرى لم تتطرق إليها نشرة الإصدار مثل: المساهمة في شركة الفنادق الاقتصادية العربية بقيمة 41.5 مليون ريال والحصول على ترخيص صناعي بإنشاء مصنع أسمنت فرسان بتكلفة 1.270 مليار ريال (مبلغ يفوق رأس المال الجديد بمرتين ونصف) !! وهنا نتساءل: لماذا تحتفظ الشركة بهذه السيولة العالية جدا دون توظيف لمدة تزيد على سبعة أشهر؟ ولماذا لا تلتزم الشركة بالخطط المعلن عنها في نشرة الإصدار؟ وكيف لها أن تمول مشاريعها الجديدة غير المخطط لها؟ وهل تنوي القيام بإصدار آخر من أسهم حقوق الأولوية وهي التي لم تلتزم بخططها المعلنة؟ مما سبق، يتبين لنا أن بعض الشركات التي بذلت الكثير من الوقت والمال في عمل دراسات الجدوى والتي قامت أخيرا بإصدار أسهم حقوق الأولوية استنادا على هذه الدراسات هي في الحقيقة شركات تفتقد التخطيط المدروس في توظيف متحصلات هذه الاكتتابات أو في توقيت الحصول على هذه المتحصلات حسب خطط العمل المعلنة في نشرات الإصدار. إن الموضوع مهم ويحتاج إلى إعادة نظر من مجالس إدارات الشركات المساهمة والجمعيات العمومية لمساهميها حول فاعلية استخدام أسهم حقوق الأولوية بما يخدم مصالح الشركات ومصالح مساهميها ...... وإلا فإننا سنضع العديد من التساؤلات التي تحتاج إلى إجابات.
إنشرها
Author

انهيار الأسهم .. سوق ناشئة ومستثمرون جدد

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية
E-mail: [email protected] لعله في العام المنصرم شهدت سوق الأسهم السعودية أسوأ عام لها من جهة الخسائر التي تكبدها المؤشر العام للسوق، ومن الجهة الأخرى حجم المتضررين حيث بلغ المستثمرون في السوق السعودية حدود الأربعة ملايين محفظة, ويشكل هذا الحجم من المستثمرين رقما كبيرا عطفا على التعداد السكاني للمملكة العربية السعودية، وأصبحت أغلب الأسر السعودية تتأثر سلبا أو إيجابا بحركة السوق. وبعد أن مني كثير من الناس بخسائر كبيرة في سوق الأسهم اليوم، أصبحت مسألة العودة والاستثمار فيه من جديد تمثل قلقاً وخوفاً أو ما يمكن أن نطلق عليه فوبيا الأسهم من أن يخسر المستثمر مرة أخرى جزءا كبيرا من مدخراته، ولكن يبقى السؤال المحير أين يمكن أن يستثمر الإنسان العادي أو البسيط مدخراته لكي تنمو ويحقق دخلا جيدا لأفراد أسرته خاصة بعد أن يكبر أبناؤه وتزيد أعباء مصروفاتهم واحتياجاتهم. لعله من قراءة لوسائل الاستثمار التي يمكن أن توصف بأنها متوافقة مع الشريعة نجد أنه يمكن أن نقسم أدوات الاستثمار إلى ثلاثة أقسام: الاستثمار في الأسهم. الاستثمار في العقار. الاستثمار في الصناديق البنكية المتوافقة مع الشريعة التي تحقق عائدا ثابتا. فالنوع الثالث يحقق عائدا مضمونا بإذن الله ولكن يمكن أن نقول إنه ضئيل خصوصا أن الأمر يتطلب دفع زكاة سنوية تعادل 2.5 في المائة من كامل المبلغ, وهذا يقلص الربح الذي هو في الأصل قليل وإن كنا بلا شك نؤمن بأن الزكاة تطهير وبركة للمال، ولكن الأمر يتعلق بالمقارنة بأدوات كلها متوافقة مع الشريعة. وعند المقارنة بين الاستثمار في العقار والاستثمار في الأسهم نجد أن العقار يتطلب رأسمالا كبيرا حيث قد تصل الوحدة الواحدة منه إذا كان الاستثمار مباشرا إلى ما لا يقل عن 200 ألف ريال، في حين أن الأسهم قد تصل الوحدة الواحدة لسهم استثماري جيد إلى أقل من 30 ريالاً، هذا وإن كان لا يؤثر بشكل كبير من الناحية الاستثمارية إلا أن له أثر واضح على المستثمر الصغير حيث إنه إذا احتاج إلى مبلغ ولو صغير فالأمر يتطلب منه بيع كامل الأرض للحصول على المبلغ الذي يريد في حين أنه في حالة الأسهم لا يأخذ الأمر إلا تعبئة أمر بيع ومن ثم يتمكن من الحصول على المبلغ في يوم واحد فقط. إضافة إلى أن المستثمر لا يتكلف جهدا في الاستثمار في الأسهم, حيث إنه بمجرد أن يشتري السهم فهو شريك وقد يحصل على العائد دون عناء أو مشقة، في حين أنه في حالة العقار فأمر يتطلب متابعة العقار من جهة الصيانة، والحصول على الإيجار من المستأجرين، وهذا فيه نوع من الجهد ويقلص من العائد الإجمالي للعقار. في المقابل يعتبر العقار أقل تقلبا في الأسعار, حيث إن التداول فيه يتم في مكاتب كثيرة، في حين أن الأسهم جميعها تتداول في سوق واحدة، وبالتالي تصعب عملية التأثير في تقلبات الأسعار بين يوم وليلة، وهذا من شأنه أن يجعل أسعار العقار أكثر أمانا نوعا ما، إضافة إلى أن المالك للعقار بإمكانه استخدامه سواء للسكن أو لأي غرض آخر ويتصرف بشكل كامل فيه في حين أن ذلك غير ممكن في الأسهم، حيث إنه من الممكن أن تكون حصته جداً صغيرة. ولكن على كل حال فكل وسيلة من وسائل الاستثمار لها إيجابياتها وسلبياتها ولكن لا بد من مناقشة بعض الأمور التي قد يكون فيها فائدة للقارئ، وحتى لا يكون قراره الاستثماري ارتجاليا وغير محسوب العواقب. ولعلنا نناقش في البداية سبب انهيار السوق السعودية. في البداية لا بد من الإشارة إلى أن الاقتصاد السعودي يعتبر في أفضل حالاته خصوصا بعد وصول النفط إلى أسعار ممتازة لمدة طويلة, وما زالت التوقعات تشير إلى استمرار مثل هذا المعدل على الأقل في السنة الحالية وهذا بالتالي ينعكس على الشركات السعودية بشكل كبير, حيث تتمكن من الحصول على تمويل من خلال السيولة التي تملأ حسابات البنوك، إضافة إلى المشاريع الحكومية الكبيرة التي سيكون للشركات الخدمية نصيب لا بأس به منها. الأمر الآخر أن انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية سيكون له أثر كبير في فتح الأسواق الخارجية للمنتجات السعودية ومن ثم زيادة الصادرات والقدرة على المنافسة في الأسواق الأجنبية. أما ما يتعلق بانهيار السوق فالأسباب قد تكون كثيرة ولكن لا بد من الإشارة إلى بعض الأمور التي تكون قد تسببت في الإضرار بالكثير من الناس، ولعل منها أن السوق السعودية تعتبر ناشئة من جهتين: الأولي من جهة أن كثيرا من الشركات تعتبر جديدة فتقييمها صعب في هذه المرحلة، وبالتالي تحديد سعر الشراء والبيع قد لا يكون سهلا على المستثمر العادي، أما من الجهة الأخرى فإن نوعية المستثمرين الذين دخلوا إلى السوق في هذه الفترة نوعية جديدة وبالتالي ليس هناك قدرة على تحديد اتجاهاتها فيصعب بذلك تحديد المؤشرات الفنية لحركة السوق، وهذا في ظل غياب واضح لمؤسسات مالية لها ثقة من قبل المستثمر العادي، ولذلك لم يكن هناك رؤية واضحة للمستثمر ومن ثم تم ارتباط المستثمر بأمور ليس لها أثر حقيقي وضع السهم استثماريا مثل تجزئة الأسهم، والاهتمام أكثر بالشركات ذات رأس المال الأصغر، وقرارات زيادة رأس المال دون النظر إلى الجدوى من ذلك وكم يمكن أن يحقق ذلك من عائد للسهم. من جهة أخرى أيضا فالسوق ما زالت تحتاج إلى شركات متخصصة في تقديم التقارير التي توضح فيها القيم العادلة للأسهم، والتوقعات المستقبلية لمشاريع وأرباح الشركات, ولعل المسؤولية تقع بشكل كبير على شركات الوساطة وذلك نظير العمولة التي تتقاضاها من عملية البيع والشراء. ولعله من وجهة نظر متواضعة ويمكن أن يكون فيها فائدة للقارئ يمكن لنا تحديد نقاط البيع والشراء التي ينبغي على المستثمر أن يضعها في الاعتبار. فبالنسبة لنقطة الشراء فيمكن أن نقول إن عائد 6.5 في المائة مناسب للشراء وذلك حسبما ذكر محافظ المؤسسة العامة لمعاشات التقاعد في لقاء له عبر القناة السعودية الأولى، ووجهة نظر رجل يمثل مؤسسة لها ثقل كبير في السوق لها أهميتها حيث يعتبر المكرر الذي يصل إلى هذا المستوى مجديا جدا استثماريا، وهو يمثل جهة لا يمكن لها أن تخاطر بشكل كبير بمدخراتها. أما بالنسبة لنقاط البيع فهي النسبة التي تعادل معدل الفائدة أو ما يسمى interest rate وهو تقريبا يعادل 5 في المائة، وهو يعادل نسبة الربح الذي يعتبر مضمونا في مقابل المخاطرة التي تحصل من سوق الأسهم. وهذا التقدير بلا شك لا ينطبق على الشركات الجديدة، أو الشركات التي لها مشاريع كبرى مستقبليا، ولكن مع عدم وجود دراسات كافية لمستقبل هذه الشركات تبقى الرؤية فيها ضبابية، ويصعب تحديد نقاط البيع والشراء لها.
إنشرها
Author

ماذا حصل لسهم &quot;النقل البحري&quot;؟

|
[email protected] مما لا شك فيه أن الشركة الوطنية السعودية للنقل البحري هي من الشركات الجيدة والواعدة في سوقنا المالية، إلا أنها في السنوات الأخيرة واجهت ضغوطا من قبل بعض المساهمين يطالبون الشركة بالتوسع في نشاطاتها التجارية وتحديدا نشاطات نقل النفط الخام ونقل الغاز المسال للاستفادة من زيادة الطلب العالمي على نقل هذه المنتجات الحيوية وللاستفادة أيضا من هوامش الربحية المرتفعة في هذه النشاطات بالمقارنة بباقي النشاطات التي تدر هوامش ربحية أقل استنادا إلى تحليل الإيرادات حسب النشاط في القوائم المالية للسنوات الثلاث الأخيرة. نتيجة لتلك الضغوط أعلن مجلس إدارة الشركة عن برنامج استثماري يهدف إلى استثمار مبلغ 5.1 مليار ريال لتمويل التوسعات المستقبلية من خلال قرض طويل الأجل مقدم من صندوق الاستثمارات العامة بقيمة 1.5 مليار ريال، رفع رأس المال بإصدار أسهم حقوق الأولوية قيمتها الإجمالية تصل إلى 1.9 مليار ريال تقريبا، وقروض مصرفية بقيمة تصل إلى 1.7 مليار ريال. في ضوء ذلك، قرر مجلس الإدارة التوصية برفع رأس المال من 2.250 مليون ريال إلى 3.150 مليون ريال من خلال إصدار أسهم حقوق الأولية لـ 90 مليون سهم تمثل نسبة 40 في المائة من رأس المال بقيمة 21 ريالا للسهم الواحد (عشرة ريالات قيمة اسمية و11 ريالا علاوة إصدار)، ما يعني أن إجمالي متحصلات الاكتتاب سيبلغ 1.890 مليون ريال. بتاريخ 25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2006، تم انعقاد الجمعية العمومية غير العادية وتم إقرار رفع رأس المال من قبل مساهمي الشركة، في حين أغلق سعر السهم ذلك اليوم على سعر 28.75 ريال. في اليوم التالي، أعلنت هيئة السوق المالية على موقع تداول أن نسبة التذبذب اليومية للسهم سيتم احتسابها على أساس السعر 26.50 ريال، ما يعني تقسيم سعر السهم في السوق بناء على القيمة العادلة الجديدة، أي أن سعر الاكتتاب يقل عن السعر الجديد بنسبة 20 في المائة فقط، ما يعني مخاطرة عالية نوعا ما. على الرغم من إقرار ذلك، كان بعض المساهمين يطالبون الشركة بزيادة نسبة رفع رأس المال، إضافة إلى تخفيض علاوة الإصدار بهدف رفع قيمة متحصلات الاكتتاب من جهة، وتخفيض نسبة سعر الاكتتاب عن السعر العادل من جهة أخرى (لضخ أموال جديدة في الشركة وتخفيض مخاطر عدم تغطية الاكتتاب). مع هبوط السوق بداية هذا العام، تعرض سهم الشركة إلى موجة بيع أجبرته على التداول تحت مستوى 21 ريالا خلال شهر كانون الثاني (يناير)، ما وضع إدارة الشركة في موقف محرج خوفا من فشل تغطية الاكتتاب بأسهم حقوق الأولوية. نتيجة لذلك، لجأت إدارة الشركة إلى تخفيض سعر السهم في الاكتتاب من 21 ريالا إلى 16 ريالا (بتخفيض علاوة الإصدار من 11 ريالا إلى ستة ريالات)، ما أثار حفيظة بعض المساهمين بسبب عدم قيام مجلس الإدارة بالدعوة إلى عقد جمعية عمومية غير عادية أخرى مع المساهمين لمناقشة الموقف المحرج وإيجاد حلول ترضي جميع الأطراف، إضافة إلى أن انخفاض إجمالي متحصلات الاكتتاب بقيمة 450 مليون ريال من 1.890 مليون ريال إلى 1.440 مليون ريال، ما يعني انخفاض نسبة مساهمة الاكتتاب في برنامج الشركة الاستثماري بأقل مما خطط له، وبالتالي ارتفاع نسبة المديونية على الشركة بشكل عام. قبل بدء تداولات يوم الإثنين الماضي، أعلنت الشركة حصولها على موافقة هيئة السوق المالية على تحديد فترة الاكتتاب "خلال الفترة من 2 - 11 نيسان (أبريل) الحالي" وتخفيض علاوة الإصدار (من 11 ريالا إلى ستة ريالات)، إلا أن الغريب هو عدم إجراء تقسيم جديد لسعر السهم نتيجة تخفيض علاوة الإصدار، حيث إن السعر العادل نتيجة علاوة الإصدار الجديدة كما في 26 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي يجب أن يكون عند مستوى 25.10 ريال، ما يعني ضرورة تخفيض سعر السهم السوقي قبل افتتاح السوق يوم الإثنين الماضي بنسبة تعادل 5.2 في المائة، أي أنه كان يجب الافتتاح على سعر 23 ريالا بدلا من سعر 24.25 ريال، الذي يمثل إغلاق اليوم السابق. على الرغم من أن تخفيض علاوات الإصدارات هو توجه إيجابي من الشركات للمساهمة في توظيف العرض النقدي التوظيف الاقتصادي الأمثل، إلا أن تجاهل مجلس إدارة الشركة طلب عقد جمعية عمومية غير عادية أخرى تسبب في حالة من الإحباط وفقدان الثقة لدى بعض مساهمي الشركة جعلهم يقدمون على البيع اعتبارا من يوم الإثنين الماضي ساعدهم على ذلك عدم تقسيم سعر السهم في السوق، ما أثر بدوره سلبيا في قطاع الخدمات بأكمله (آخذين في الاعتبار أن سهم الشركة يمثل ثاني أكبر سهم في القطاع من حيث القيمة السوقية)، انعكس ذلك سلبيا على باقي الأسهم في القطاعات الأخرى في السوق. ذلك اليوم، بدأت الشرارة الأولى للهبوط الحاد عندما قام المضاربون المحترفون ببيع سهم الشركة بكميات كبيرة عند أي سعر أعلى من مستوى 23 ريالا في الوقت الذي قام فيه صغار المستثمرين (المغلوب على أمرهم دائما) بشراء السهم نتيجة جهلهم القيمة العادلة الجديدة للسهم في السوق! وهنا لنتساءل: ما ذنب كل من قام ذلك اليوم بشراء السهم بسعر أعلى من 23 ريالا؟ ومن سيتحمل مسؤولية الغبن الذي تعرضوا له؟ ومن سيعوضهم؟ وكيف لنا منع تكرار ما حصل لحماية حقوق جميع المستثمرين (خاصة البسطاء منهم)؟
إنشرها
Author

التنافسية في التمويل وانعكاساته الإيجابية لحل مشكلة الإسكان

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية
E-mail: [email protected] تابعت كغيري من المواطنين الذين يطمحون للحصول على مسكن مناسب معرض العقارات العاشر الذي أقيم بمدينة الرياض، والذي شهد عروضا عقارية وتمويلية لعل من أبرزها ما نقلته جريدة "الاقتصادية" بتاريخ 16 ربيع الأول لعام 1428هـ كما جاء في الخبر: "شهد جناح بنك الرياض تزايدا في عدد الزوار في فعاليات معرض الرياض العاشر للعقارات والتطوير العمراني بعد أن شهد الزوار إيجاد بعض المحفزات للتمويل العقاري والتي تم منها تخفيض النسبة من 4.75 في المائة إلى 4.25 في المائة وزيادة فترة السداد من 25 سنة حتى 30 سنة مع تسجيل العقار باسم العميل ويأتي ذلك استمرارا لنهجه في إيجاد منتجات وقنوات استثمارية وتمويلية متنوعة للعملاء والمستثمرين لمواكبة تعدد مجالات الاستثمار وتنوع مجالاته". ولعل أكثر ما يميز هذا العرض انه بمعدل ربحية منخفض نوعا ما، فهذه النسبة وهي 4.25 في المائة لم يشهدها السوق السعودي في فترة انخفاض معدل الفائدة interest rate، والذي كان تقريبا يصل إلى نسبة 1 في المائة قبل تقريبا عامين. طبعا هذه النسبة كما هو معتاد عليه بالنسبة للبنوك المحلية تعتمد طريقة الحساب التي يمكن أن تسمى فائدة بمعدل ثابت fixed rate وهذا يختلف عن الطريقة التي تستخدمها كثير من البنوك العالمية وهي معدل النسبة السنوية Annual Percentage Rate APR والتي يمكن أن تصل في حالة العرض السابق إلى حدود 8 في المائة، وهذه نسبة جيدة نوعا ما مقارنة بالوضع السابق للتمويل المتوافق مع الشريعة في البنوك المحلية. الميزة الثانية أن هذا النوع من التمويل يمتد إلى فترة سداد طويلة نوعا ما وهذا يزيد على المتوسط المعمول به والذي يصل إلى 25 سنة، وهذا يعزز فرصة الحصول على منزل أفضل بالنسبة للمواطنين ويقلل من قيمة القسط الشهري. طبعا مثل هذه التنافسية في التمويل تصب في مصلحة المواطنين وتعزز فرص حصولهم على منزل مناسب لهم ولأبنائهم بدلا من اللجوء إلى الإيجار الذي أصبح في بعض الأحيان يسبب أزمة بسبب غلاء الأسعار وقلة المعروض، وعدم الاستقرار بالنسبة للساكنين. ولكن حل مشكلة التمويل لا يعني بشكل أو آخر حل مشكلة الإسكان، حيث يأتي الدور بعد ذلك على شركات المقاولات والبناء في توفير وحدات سكنية كافية لاستيعاب حجم الطلب الذي سوف يتزامن مع توسع المصارف وشركات التمويل، ومصلحة معاشات التقاعد، وغيرها من المؤسسات في التمويل. ولا بد أيضا أن تتناسب هذه الوحدات السكنية مع إمكانيات الأفراد وحجم التمويل الذي يمكن أن يحصولوا عليه، وأن تكون المساكن ذات جودة عالية، يمكن أن تعمر لمدد طويلة حتى لا يضطر المواطن إلى تغيير المنزل خلال فترة السداد، مما يزيد العبء عليه بشكل أكبر. طبعا لو افترضنا أن المصارف سوف تتوسع في التمويل في ظل شح في المعروض من المساكن، فإن ذلك سيؤدي إلى انعكاسات سلبية منها حصول تضخم كبير في أسعار العقار، ومن ثم سيزيد الهامش الإضافي على حجم التمويل زيادة على حصة المصرف من الأرباح. فلو أخذنا النسبة السابقة التي عرضها بنك الرياض وهي 4.25 في المائة على تمويل بقيمة 500 ألف ريال على 30 سنة فإن المبلغ الإجمالي للتمويل مع الأرباح سيكون 1137500 في حين لو افترضنا أن الأسعار زادت بما يعادل 20 في المائة، فإن مبلغ التمويل سيصل إلى 600 ألف ريال وإذا كانت فترة السداد هي نفسها أي 30 سنة فإن السعر الإجمالي سيصل إلى 1365000 وهذا يمثل زيادة قدرها 227500 على المبلغ السابق، وهذا طبعا نتيجة للزيادة التي قد تنتج عن قلة العرض مع كثرة الطلب، وهذا يزيد من عبء الأفراد الذين قد لا يتمكنون من الحصول على تمويل من المؤسسات المصرفية نتيجة لعدم توافر الشروط أو لرغبتهم بتملك العقار نقدا. فالحاصل أن حل مشكلة التمويل هو بداية لحل مشكلة الإسكان، ومن ثم تبقى المسؤولية على عاتق الشركات العقارية لتوفير مساكن مناسبة، ذات جودة عالية، بأسعار تتناسب مع إمكانات المجتمع.
إنشرها