تخيلوا كباري للمشاة في جدة؟!

[email protected]

أعلنت أخيرا أمانة جدة توقيع عقود لإنشاء عدة كباري للمشاة في عدة شوارع في مدينة جدة وعند الاطلاع على المواقع تجد أنها مناطق ليست ذات كثافة سكانية ليستخدمها المواطن بل إنها ستكون في جهات لا يوجد فيها إلا بعض العمالة ناهيك عن حقيقة لم ولن تغيب عن المواطن السعودي، فما بالكم بالمسؤول المتابع والمراقب لحركة الناس. فالإنسان السعودي لا يسير في الشوارع والطرقات لقضاء حوائجه ولا يتجول بين شوارعها على قدميه وليس في هذه المواقع مجمع أسواق أو حدائق أو ملاه. إنها ليست في شارع الملك عبد العزيز مثلا، هذا الشارع المكتظ بالجاليات أو في الأسواق الشعبية مثل باب مكة والأسواق المجاورة له. نعم إن مثل هذه الكباري لا يفيد حركة السير في هذه المدينة التي تعاني ازدحاما حادا في كل شوارعها المصابة بالحفريات والتحويلات والاختناقات، خاصة في فترات الذروة والإجازات السنوية.
كما أن ملايين كهذه تصرف على كباري تستخدمها العمالة السائبة للاختباء، كما أن في جدة عدة كباري شهيرة ذات سمعة سيئة للغاية وأخبارها تملأ الصحف اليومية حيث يستخدمها باعة المخدرات والمدمنون أيضا ففي كل يوم نسمع عن اكتشاف جثث تحت هذه الكباري حتى إن أحدها سمي بكبري الموت.
والخوف كل الخوف أن تكثر مثل هذه الكباري القاتلة، لذا لماذا تصرف كل هذه الملايين على الكباري؟ ليس هناك مناطق تستحق الاهتمام مثل سوق باب مكة وسوق البدو وغيرهما من الأسواق المختنقة والواقعة بجوار المنطقة التاريخية والتراثية، الأحياء القديمة، في مدينة جدة المسماة بحارة المظلوم وحارة الباب وحارات كثيرة، سمعنا ذات يوم أنها ستسجل ضمن المناطق التاريخية العالمية. وهذه المنطقة بالذات تعرضت خلال عام واحد لأكثر من ثلاثة حرائق انهار على أثرها عدة بيوت أثرية ذات قيمة تاريخية. وأعتقد والله أعلم أن هذه المنطقة ستصاب بالتهالك والحرائق والإزالة الطبيعية قبل أن نراها تستخدم كما يجب. وللمعلومية فقد قمنا نحن فريق عمل من المهتمين بالتراث والموروث "الشعبي المعماري" ذات يوم بعرض خدماتنا المجانية للاهتمام بمثل هذه المناطق وذلك على حسابنا الخاص كأن نختار بعض هذه البيوت الأثرية ونقوم على ترميمها بالتعاون مع الخبرات الوطنية المعمارية، التي توالت على بناء هذه المناطق على أن تسجل أسماؤنا فقط على بوابة البيت حفظا لحقوقنا الأدبية، لكن للأسف الشديد لم يتجاوب المسؤولون في أمانة جدة آنذاك مع هذا العرض. ولو أن كل أمناء جدة الذين توالوا على أمانتها قد خصصوا جزءا من ميزانية الأمانة لترميم وتطوير المنطقة وإخراج العمالة السائبة منها وتحويلها كما كنا ننوي لأسواق شعبية ومطاعم ومراكز فنون تشكيلية وحرف ومهن شعبية على أن يتجول فيها السياح على أقدامهم مع إمكانية إنشاء كباري للمشاة ذات فائدة تعود على المواطن والسائح والمقيم والمستثمر بالخير الوفير، لكن أن نقيم كباري هنا وهناك فقط لأنها استراتيجية ويجب تنفيذها حتى لو كانت لا تعود على جدة وأهلها بأي مردود إيجابي فهذا لعمري قمة التبذير.

خاتمة:
اللي عنده قرش ومحيره = يجيب له حمام ويطيره

كاتبة وسيدة أعمال سعودية

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي