مشكلتنا مع المشكلة
سأقوم في بداية مقالي بتعريف كلمة (مشكلة) ثم التطرق إلى الحلول العلمية للمشكلة ثم الخوض في تفسير أين تقع مشكلتنا في مواجهة أي مشكلة مع بعض الأمثلة.
تعريف كلمة (مشكلة)
المشكلة بصفة عامة هي كل موقف غير معهود لا يكفي لحله الخبرات السابقة والسلوك المألوف، والمشكلة عائق في سبيل هدف مرغوب، يشعر الفرد أو الجماعة إزاءها بالحيرة والتردد والضيق، ما يدفعه إلى البحث عن حل للتخلص من هذا الضيق وبلوغ الهدف, والمشكلة شيء نسبي، فما يعده الطفل مشكلة قد لا يكون مشكلة عند الكبير.. وهكذا.
أما الأسلوب العلمي المتبع لحل أي مشكلة فيقتضي القيام بخمس خطوات، وهي كالآتي:
1 - تحديد المشكلة وتجميع معلومات عنها: وهو تحديد وتحجيم المشكلة من كل الجوانب وتجميع معلومات كافية عنها.
2 - التفكير في حلول عدة: وهو أن نفكر في عدد من الحلول المنطقية أو غير المنطقية.
3 - اختيار أحد هذه الحلول: تتم هذه الخطوة عن طريق التفكير وترشيح أحد أفضل الحلول المطروحة من قبل.
4 - تجريب الحل: وهو أهم مرحلة، لأنه يترتب عليه معرفة ما إذا كانت المشكلة قد انتهت أم لا.
5 - النتيجة: وهنا يتضح نتيجة هذا الحل.. وهل انتهت المشكلة أم لا.
نأتي الآن إلى المشكلة التي نواجهها في حل أي مشكلة.
فنحن نكون قد طبقنا الخطوة الأولى بالوجه الصحيح وجمعنا كل المعلومات عن تلك المشكلة وحددنا وحجمنا المشكلة من الجوانب كافة ثم عند الذهاب إلى الخطوة الثانية يأتي هنا اللبس، فنحن نضع حلولا لنتيجة المشكلة وليس لسبب حدوث المشكلة، ومن هنا تكون الخطوات التي تليها خاطئة لاعتمادها على تلك الخطوة، فنحن إن وضعنا الحلول لنتيجة المشكلة سنكون قد طبقنا الحل المختار وستكون نتيجته جيدة، لكن - مع الأسف - ستظهر لدينا المشكلة نفسها بعد وقت بسبب أننا لم نعالج السبب ووضعنا حلولا لما تسببت فيه تلك المشكلة. قد أكون أطلت عليكم بالحديث، وترديد كلمة (مشكلة) قد تدخل القارئ في مشكلة، وتجعل فكرتي لا تصل إليه بالشكل المطلوب، لهذا سأقوم بضرب مثالين يوضحان المعنى بشكل عملي.
المثال الأول:
البطالة وهي أم المشكلات التي نواجهها حاليا، وقام وزير العمل بجهد كبير يشكر عليه في محاولة لحل هذه المعضلة ووضع الكثير من الحلول والأنظمة التي قد تحتاج إلى مراحل دراسية بعد الجامعة حتى نتعرف عليها ونتقنها، وأعترف أنها ساعدت نوعا ما على التوظيف، ولن أتطرق إلى ما يقال عن التوظيف الوهمي، فهذا ليس موضوعي الآن, أي أنه عالج بعضا من نتيجة المشكلة، لكن سؤالي: ماذا سيُفعل في السنين المقبلة مع الخريجين الجدد وهم بمئات الآلاف؟ ألم يكن من الأجدر حل سبب المشكلة ومعالجة نتيجتها في الوقت نفسه، حيث إن أسباب تلك المشكلة - حسب رأيي ورأي بعض المطلعين ـ أتت من سوء المناهج التعليمية وقلة دعم الصناعات التي من شأنها أن توفر وظائف كثيرة، ناهيك عن عدم دعم الشباب لافتتاح مشاريعهم الصغيرة، بدلا من انتظارهم الوظيفة، التي من الممكن أن تكون في يوم من الأيام مشاريع كبيرة وتوظف الآلاف من العاطلين بل مئات الآلاف من طالبي العمل، بل على العكس عاملتهم بمعاملة المنشآت الكبيرة نفسها، ما جعلهم يهربون ويبحثون عن وظائف ويزداد الأمر تعقيدا.
المثال الثاني:
الإسكان وما أدراك ما الإسكان, من المعلوم أن الطلب يفوق العرض بكثير وهو في تزايد مع مرور الوقت حاليا حسبما نسمع أن وزارة الإسكان تقوم بالتجهيز لمنح أراض أو مساكن جاهزة أو قرض أو لا أعرف ماذا..!! نعم لم أعد أعرف ماذا لديهم من برامج من كثرتها ومن إحباطي أنا وغيري بسبب أننا لم نر أي شيء ملموس على أرض الواقع، لكن لنفرض أنهم أوفوا بتصريحاتهم ووفروا سكنا لكل طالب، وهو ما أشك فيه، ماذا سيفعلون مع الأجيال القادمة.. الله العالم أنهم لم يعملوا حسابا لهذا الشيء، كما هو واضح فهم عالجوا نتيجة المشكلة ولم يعالجوا السبب، والسبب هنا واضح للجميع، وهو الاحتكار واكتناز الأراضي من دون إعمارها، فهم لم يجدوا حلا يمنع هذا الاحتكار ويلزم أصحابها بالبناء أو البيع أو فرض زكاة أو حتى سحب الزائد عن حاجة المحتكرين إليها كي يستطيع غيرهم إعمار الأراضي بدلا من جعلها صندوقا تحفظ فيها أموالهم دون عائد ولا فائدة على المجتمع.
وبهذا أكون قد شرحت فكرتي وعنواني "مشكلتنا مع المشكلة" وأرجو أن أكون قد وفقت في الطرح، مع تمنياتي لكم بأوقات خالية من كل المشكلات.