أسعار النفط في عام 2007: أسئلة وأجوبة

[email protected]

لماذا انخفضت أسعار النفط في الأسابيع الأخيرة؟
انخفضت أسعار النفط بشكل كبير في الأسابيع الأخيرة، حيث إن الأسعار الآن أقل مما توقعه كثير من المحللين والمضاربين بنحو 17 دولارا للبرميل. ونتج عن هذا خسائر هائلة في بعض صناديق التحوط والاستثمار، تجاوزت عشرة مليارات دولار. لكن واقع أسواق النفط أسوأ بكثير مما توضحه هذه الأرقام لأن أحداثاً ضخمة مثل وقف ضخ جزء كبير من النفط الروسي إلى أوروبا، وانخفاض صادرات نيجيريا، وفرض مجلس الأمن الدولي عقوبات على إيران، وتخفيض "أوبك" للإنتاج، واستمرار الدولار الأمريكي في الانخفاض، لم يوقف تدهور أسعار النفط. هذا يعني أنه لولا هذه الأحداث لكانت الأسعار أقل مما هي عليه حالياً.
إن السبب الرئيس لانخفاض الأسعار هو اعتدال فصل الشتاء في أمريكا الشمالية وأوروبا حيث أعلن أخيرا أن الشتاء الحالي هو أدفأ شتاء مر على أمريكا منذ أكثر من 120 عاماً عندما بدأت الحكومة بجمع بيانات درجات الحرارة. تشير دراسة أصدرتها وزارة الطاقة الأمريكية إلى أن ارتفاع درجات الحرارة بمقدار 10 في المائة فقط عن المعهود يخفض الطلب على النفط في الولايات المتحدة بنحو 0.76 في المائة، والذي يعادل 153 ألف برميل يومياً. وعلى الرغم من أن هذا الانخفاض يكون أغلبه في وقود التدفئة في شمال شرق الولايات المتحدة، إلا أنها هناك عوامل أخرى تنتج عن اعتدال الشتاء وتسهم أيضا في تخفيض الطلب على النفط لا مجال لذكرها هنا. أخبار اعتدال الشتاء والانخفاض المستمر في أسعار النفط أخاف كثيراً من المضاربين والمستثمرين الذي كانوا يراهنون على أن أسعار النفط سترتفع إلى 70 دولارا للبرميل، فاختاروا الانسحاب من السوق والتخلص من العقود التي يملكونها، هذا بدوره أسهم في تخفيض أسعار النفط.
بدأت بوادر أزمة انخفاض أسعار النفط في الصيف الماضي. فعلى عكس التوقعات، كان موسم الأعاصير في خليج المكسيك هادئاً نسبياً، ولم يؤثر سلبياً في الإنتاج الأمريكي. أسهم هذا الهدوء في تمكين الشركات من إكمال الإصلاحات اللازمة التي نتجت عن إعصاري كاترينا وريتا، والتي أسهمت بدورها في جعل الإنتاج الأمريكي أكبر من المتوقع.

ما مقدار ارتفاع أسعار النفط في عام 2006؟
تشير البيانات إلى أن متوسط الزيادة في أسعار النفط في عام 2006 بلغ 20 في المائة تقريباً عما كان عليه هذا المتوسط في عام 2005. يأتي هذا الارتفاع فوق الارتفاع الذي شهدته أسعار النفط في عام 2005 حيث ارتفعت الأسعار بنحو 40 في المائة عما كانت عليه في عام 2004 (انظر الشكل البياني رقم 1). بلغ متوسط سعر سلة أوبك في عام 2006 61.08 دولار للبرميل، بزيادة قدرها 10.44 دولار للبرميل عن متوسط الأسعار في عام 2005. متوسط سعر خام برنت ارتفع بمقدار 10.64 دولار للبرميل، وخام غرب تكساس بمقدار 9.62 دولار للبرميل.

لماذا ارتفعت أسعار النفط إلى مستويات قياسية في عام 2006؟
أسهمت العوامل السياسية والاقتصادية خلال الـ 20 سنة الماضية في رفع أسعار النفط في السنوات الأخيرة، إلا أن عام 2006 تميز بأحداث خاصة جعلت أسعار النفط تستمر بالارتفاع. تتمثل أهم العوامل السياسية التي أسهمت في رفع أسعار النفط في عام 2006 في تدهور الوضع الأمني في العراق، وتأزم العلاقات الإيرانية - الغربية بشأن برنامج إيران النووي، وزيادة حدة القلاقل السياسية في نيجيريا، وتهديد فنزويلا للولايات المتحدة بقطع إمدادات النفط عنها. أما العوامل الاقتصادية فإنها تتمثل في عدم مواءمة النمو في الطاقة الإنتاجية للنمو في الطلب على النفط، واستمرار الاقتصاد العالمي بالنمو رغم الارتفاع الكبير في أسعار النفط. كما كانت هناك العديد من العوامل الفنية أسهمت في تخفيض إنتاج ألاسكا بسبب مشاكل في أنابيب النفط، كما أسهمت في تأزم أسواق الطاقة الأمريكية بسبب القرار القاضي بمزج البنزين بمادة الإيثانول النباتية بدلاً من مادة إم تي بي إي النفطية.

هل ستصل أسعار النفط إلى مستويات قياسية جديدة في عام 2007؟
حتى لو لم تنخفض أسعار النفط بهذا الشكل الكبير في الأسابيع الأخيرة فإنه لا يتوقع وصول أسعار النفط إلى مستويات قياسية في عام 2007. فالتغيرات الهيكلية التي أسهمت في رفع الأسعار في السنوات الأخيرة بدأت تتحرك في الاتجاه المعاكس حيث نشهد الآن تغيرات هيكلية معاكسة، ولكنها تتحرك ببطء، الأمر الذي يعني أن كل التغيرات الهيكلية في النهاية ... دورية، وهو الأمر الذي تم مناقشته في 13 حلقة نشرتها "الاقتصادية" تباعاً في الصيف الماضي.
توقعت وزارة الطاقة الأمريكية في أواخر الصيف الماضي أن يكون متوسط أسعار خام غرب تكساس 64.42 دولار للبرميل، ولكنها بدأت أخيرا بتغيير توقعاتها أسوة بكثير من كبار بيوت المال العالمية. يعتقد عدد من الخبراء أن أسعار خام غرب تكساس ستبقى بحدود 60 دولارا للبرميل طوال العام، كما يتوقعون ارتفاعها بشكل مفاجئ إذا ضرب الإرهابيون منشآت نفطية. تعتبر هذه التوقعات محافظة جداً مقارنة بتوقعات بعض محللي البنوك الذين توقعوا تجاوز أسعار النفط 100 دولار للبرميل في عام 2007.

ما العوامل التي قد تخفض أسعار النفط بشكل كبير في عام 2007؟
لا يتوقع انهيار أسعار النفط في عام 2007 إلا إذا انهار الاقتصاد الأمريكي وبدأت الولايات المتحدة تعاني من الكساد. فالطاقة الإنتاجية التي تمت إضافتها حديثاً لا تكفي لمقابلة نمو الطلب على النفط، وفي الوقت نفسه ليس هناك طاقة فائضة للتخزين في العالم. انهيار الاقتصاد الأمريكي وارد في حالة واحدة فقط وهي انسحاب أمريكي مبكر من العراق، الأمر الذي سيخفض الإنفاق الحكومي. وقد تصبح الأمور أكثر سوءاً إذا ارتفعت أسعار الفائدة طويلة المدى في أسواق المال الأمريكية. مقدار الانهيار في أسواق النفط سيعتمد على أثر تباطؤ الاقتصاد الأمريكي على الاقتصاد الصيني. المشكلة أن دول "أوبك" تفقد أعصابها مع انهيار الأسعار فتقوم بمحاولة بيع أي كمية ممكنة من النفط. هذه المنافسة ضمن دول "أوبك" ستسهم في انهيار السوق.
هل ستتأثر موازنات الدول النفطية إذا انخفضت أسعار النفط في عام 2007؟
لن تتأثر موازنات هذه الدول كثيراً لأنها مبنية على أسعار محافظة مقارنة بالأسعار الحالية. فأغلب دول "أوبك" وضعت موازناتها بناء على أسعار قريبة من 40 دولارا للبرميل. حتى لو انخفضت الأسعار إلى أقل من 30 دولارا للبرميل فإن لدى هذه الدول فوائض مالية كافية لتغطية العجز على المدى القريب. قد يتأثر وضع بعض الإقطاعات الاقتصادية بسبب ردة فعل بعض كبار المستثمرين للانخفاض الكبير في أسعار النفط. فمن المتوقع أن يسحب عدد من هؤلاء المستثمرين أموالهم من المنطقة، الأمر الذي سيكون له بعض الآثار الاقتصادية السيئة. ولكن البعض يرى في ذلك ظاهرة صحية لأن انخفاض أسعار النفط وانسحاب بعض المستثمرين سيخفف من حجم السيولة، كما أنه سيخفض مستويات التضخم، ويسهم في استقرار الأسواق الخليجية، بما في ذلك أسواق السهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي