عبد الله جمعة رئيساً لمجلس إدارة « السعودي للاستثمار»
اختار البنك السعودي للاستثمار عبد الله بن صالح جمعة الرئيس السابق لأرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين، رئيسا لمجلس الإدارة للدورة الجديدة التي ستبدأ من 14 شباط (فبراير) الجاري لمدة ثلاث سنوات.
بدأ عبد الله جمعة (أبو منذر) حياته العملية في أرامكو السعودية عام 1968، وتم اختياره نائبا للرئيس لشبكات الطاقة الكهربائية في عام 1981 قبل أن يصبح نائبا أعلى لرئيس الشركة، ثم نائبا تنفيذيا للرئيس للأعمال الدولية، وفي عام 1995، تم تعيينه رئيسا لأرامكو السعودية وكبيراً لإدارييها التنفيذيين.
تمكن عبد الله جمعة من تحقيق سلسلة من التوسعات في مجال التكرير والمعالجة والتسويق وأعمال الغاز في أرامكو السعودية، وقد تحولت أرامكو السعودية تحت قيادته إلى شركة عالمية متكاملة في مجال أعمال الزيت والغاز، مؤكدة توجهها الاستراتيجي للمحافظة على مكانتها المتميزة كأكبر مصدر للطاقة في العالم.
تميزت فترة قيادة عبد الله جمعة لأرامكو بتغيرات جوهرية كبيرة من انخفاض أسعار البترول إلى مستويات متدنية جداً لامست الـ 10 دولارات إلى ارتفاعها إلى مستويات تاريخية فاقت مائة وأربعين دولاراً. تعدّ الإدارة في ظل تقلبات كبيرة مثل هذه دليلا على مقدرته الإدارية على خلق مرونة كبيرة مكنت الشركة من التعامل مع هذه التحديات محافظةً على تميزها في تطوير وتجديد نفسها.
كان عبد الله جمعة يقول لموظفي الشركة، إن الفرصة متاحة أمامهم لكي يصبح أيّ منهم رئيسا لأرامكو السعودية، ولكن قبل ذلك عليهم الإنجاز والتميز، والابتعاد عن الطموح الذي لا يتناسب مع الوضع الحالي للوظيفة، لذا عليهم التدرج في السلم الوظيفي المصحوب بالإنجاز والابتكار.
فقد ذكر عبد الله جمعة خلال حفل تكريمه من غرفة الشرقية عقب تقاعده عن أرامكو أنه خلال حضوره مناسبة في الرياض، أقدم عليه موظف صغير في أرامكو وسأله، هل بمقدوري أن أصبح رئيسا لأرامكو؟ فقال له عبد الله جمعة، بمقدورك ذلك، ولكن أنصحك بالابتعاد عن الطموح الزائد، واعلم أن هنالك مسؤولين يراقبونك الآن وأنت تنجز في الإدارة التي تعمل بها، فإذا استثمرت إنجازك بمقدورك أن تصبح رئيسا لأرامكو، ولكن عليك ألا تنظر لوظيفة أعلى من التي تعمل فيها قبل أن تترك بصماتك في وظيفتك الحالية.
عبد الله جمعة من مواليد الخبر، ودرس العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في كل من القاهرة وبيروت، ثم أكمل برنامج التطوير الإداري في جامعة هارفارد في مدينة كامبردج، بولاية ماساتشوستس الأمريكية. يقول عبد الله جمعة في إحدى محاضراته للشباب السعودي في الدمام، إنه عندما كان يدرس في ثانوية الدمام كان هنالك 12 طالبا فقط في القسم العلمي، وقد طُرح عليهم في آخر العام الدراسي سؤال فحواه: أين تودون إكمال دراستكم؟ وفي ذلك الوقت لم تكن هناك مشكلة في التوظيف فقد كانت السعودية بحاجة لكل شخص صاحب قدرة على الكتابة والقراءة. وتابع: فاخترت أمريكيا وفرنسا بحكم أني درست اللغة الفرنسية في تلك المرحلة، حيث كان الطلاب يدرسون اللغة الإنجليزية لغةً أساسية، والاختيار ما بين الفرنسية والألمانية.
ويضيف جمعة وهو يتحدث عن تجربته الدراسية والعملية أمام مجموعة من الشباب في الدمام، أن الطلاب في الدول المتقدمة يتساءلون عن كيفية إكمال دراستهم، وهل عائلتهم تستطيع أن تدعمهم، وإذا لم تستطع مساعدتهم يبحثون عن بنوك للحصول على قروض ميسرة لإكمال دراستهم، بعد ذلك يقررون نوع الدراسة التي تمكّنهم من سداد هذه القروض بعد إكمال دراستهم. أما في السعودية، ومنذ بداية التعليم، عملت الحكومة على توفير بيئة التعليم وتشجيع الطلاب على إكمال الدراسة والتميز.
يقول جمعة، إن أول بعثة له كانت إلى محافظة الأحساء، حيث إنه درس خمس سنوات في الخبر، ذهب لدارسة السنة السادسة في الأحساء في القسم الداخلي. ويضيف أن المدة الزمنية التي كانت تستغرقها السيارة ما بين الخبر والأحساء نفس المدة التي تستغرقها رحلة طيران بين الدمام ولندن في دلالة على صعوبة الظروف في ذلك الوقت.
ويشير جمعة إلى أنه كان يقطع المسافة بين الدمام والخبر يوميا من أجل الدراسة لمدة خمس سنوات متواصلة.
فقد تمكن جمعة من صناعة تجربة علمية وعملية فريدة تتسابق عليها المراكز والمؤسسات محليا ودوليا للاستفادة من هذه التجربة وعرضها على الجيل الجديد حتى تصبح لهم قدوة في مسيرة حياتهم العلمية والعملية.
وقد اختارت مجلة "فورتشن" عام 2003 جمعة كأحد أبرز الشخصيات المؤثرة في مجال الأعمال في العالم، كما عيّنه المنتدى الاقتصادي العالمي قائداً لمجتمع الطاقة في يناير من عام 2005. اختير جمعة لجائزة أفضل شخصية تنفيذية في مجال البترول لعام 2005، وفي مارس 2007، تم اختياره نائبًا لرئيس المجلس الاستشاري الدولي لجامعة الملك فهد للبترول والمعادن.
منح عبد الله جمعة شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة هانكوك في سيؤول في أبريل 2007. وفي ديسمبر 2007، عيّنه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أحد أعضاء اللجنة العليا لمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وهي اللجنة المشرفة على المدينة في مهمتها الرامية إلى تشجيع الأبحاث العلمية التطبيقية ودعم مسيرة التقدم الاقتصادي والاجتماعي في السعودية. وتقاعد جمعة في نهاية 2009 بعد خدمة امتدت 40 سنة للشركة قضى منها 14 عامًا رئيساً لها.
يذكر أن البنك السعودي للاستثمار تأسس عام 1976، وكان يرأس مجلس إدارته قبل تعيين عبد الله جمعة، عبد العزيز عبد الله العوهلي. ويقوم البنك بتقديم جميع أنواع الخدمات المصرفية للشركات والأفراد، كما يقوم بتمويل عدد من المشاريع الكبرى، إضافة لتقديمه خدمات إدارة الأصول عبر شركته التابعة "الاستثمار كابيتال".