لاعبون أم نقاد؟
يبدو أن لاعبي الجيل الحالي الذين يقودون الأخضر وأنديتنا من سيئ إلى أسوأ، لم يفهموا طبيعة دورهم وماهية عملهم بعد، على الرغم من الوضوح الشديد لمهام لاعب كرة القدم، وتوافر نماذج لأجيال سابقة في زمن الهواية والاحتراف استوعبوا أدوارهم بكل دقة فقادوا كرتنا بفضل أدائهم في الميدان ''لا غير'' إلى سماء المنصات والعالمية، وأصبحوا مع هذا التحديد الدقيق والاحترام لمهنتهم الأساسية ينعمون بعالم الشهرة والأضواء ويتمتعون بالنجومية الحقة.
وحده واقع كرة القدم السعودية القادر على تفكيك المزج الغريب في هذا السؤال المطروح، وتأكيد أن مسمى لاعب كرة القدم لم يعد كما كان سابقاً، بل قفزت عليه موضة المسميات والشعارات التي يحق لها أن تتبدل وتتغير في أية منظومة عمل (دون مسمى لاعب كرة القدم تحديداً)، وفقاً للمستجدات، وطبقاً للرؤية والرسالة المنشودة التي تتناسب وطبيعة التطوير والتجديد.
ثلاثة لاعبين تعدوا حدود أدوارهم الأساسية التي ينبغي أن يؤدوها باحترافية على المستطيل الأخضر إلى مهام أخرى ليست من صلاحياتهم، ولا يمكن أن تدخل في صميم مهامهم، وأجزم أنها أثرت وستؤثر فيهم وفي الكرة السعودية إن عاجلاً أم آجلاً؟
من هؤلاء اللاعبين ياسر القحطاني الذي تشنج وانتقد تصريحات الهريفي قبل بطولة الخليج بأيام. سار على دربه نايف هزازي الذي لم ينضبط مع ناديه مفضلاً أن يصبح ناقداً هو الآخر بين عشية وضحاها، لمجرد عدم انضمامه للمنتخب، بينما ارتأى حسين عبد الغني أن يقدم نفسه كمحلل تلفزيوني قبل اعتزاله لينقد زملاءه في المساء ويتدرب معهم في الصباح.
أي ازدواجية يمكن أن تحدث من هذا الخلط الواضح؟ وأي مساوئ حدثت ويتوقع أن تطرأ ولا نستطيع حلها مع هذا التداخل العجيب؟
لا تستغربوا من هذا الجيل الحالي الذي يسجل هذا التطور الوظائفي كبراءة اختلال لا اختراع في سيرة هؤلاء اللاعبين الذي ما إن نخطو خطوة تنظيمية بكرتنا للأمام حتى نفاجأ بعشر خطوات منهم تقذف بنا للخلف.
أتفهم حرية الرد وحرص اللاعب على تقديم نفسه والكشف عن مهاراته الإعلامية، لكن ذلك يجب أن يكون على أرض الملعب وبهدوء شديد وبعيداً عن إثارة المشاكل ما داموا لاعبين حاليين كما كان يفعل ماجد عبد الله عندما كان يتلذذ بالتصريحات المضادة ويعتبرها حافزاً له على تسجيل اسمه وبهدوء وبإبداع منقطع النظير، وتطبيقاً لاحترام كاسياس حارس ريال مدريد لمدربه مورينيو الذي أجلسه على مقاعد البدلاء دون أية إثارة يمكن أن تلفت انتباه الآخرين بـ ''الأنا'' المتغطرسة!
لن نتجاوز هذا ''الشو'' الإعلامي الذي سيؤثر حتماً في كرتنا إلا بحزم إداري يمنع مثل هذا التداخل والقفز على المهام، بدلاً من انشغال الإداريين بألوان الأطقم وأمور ثانوية لا علاقة لها بكرة القدم، وحتى لا نفاجأ في المستقبل القريب بلاعب كرة قدم كمسمى، بينما وظيفته الحقيقية لاعب وناقد ومتحدث إعلامي ومحلل فني!