بـ 4 قرارات عقارية .. الحكومة تحدث التوازن 

رئيس التحرير

من المؤكد أن التحركات الحكومية الأخيرة المتمثلة في 4 قرارات رئيسية في القطاع العقاري، حيث كانت البداية من فرض رسوم على الأراضي البيضاء ورفع الحظر عن البيع و الشراء في مناطق شمال الرياض، وقرار توزيع أراضي على المواطنين في العاصمة بأسعار مخفضة تصل لـ1500 ريال للمتر بحد أقصى، وتراوح من 10,000 إلى 40,000 أرض سكنية سنويا، وأخيرا ضبط العلاقة بين المؤجر والمستأجر، خطوات جبارة جدا لإعادة تعريف سوق العقار السعودية، وخصوصا في الرياض وإحداث التوازن الذي ورد في توجيه ولي العهد في "ليلة العيد" الشهيرة.

وبعد نحو 9 سنوات من العمل على جانب الطلب بمعنى ضخ المئات والآلاف من الوحدات السكنية والأراضي في جميع المدن السعودية، وفي الرياض تحديدا، ومعالجة مشكلات التمويل وإيجاد أنظمة الرهن العقاري، وحث القطاع الخاص على الإقراض السكني، ما أسهم في رفع مستوى الطلب إلى مستويات قياسية، انتقلت الحكومة الآن إلى جانب المعروض، حيث بدأت في زيادة ضخ مزيد من هذا المعروض من خلال هذه القرارات التي ستسهم في إجبار مكتنزي الأراضي على تطويرها والعمل على توفير أراضٍ بأسعار مخفضة، وضبط سوق الإيجارات لإحداث التوازن المطلوب بين العرض والطلب.

وتعتبر سوق العقارات في السعودية من أكبر وأهم الأسواق في الشرق الأوسط، وشهدت تطورات ملحوظة على مر السنين، وتأثرت هذه السوق بعوامل متعددة، بما في ذلك التغيرات الاقتصادية والاجتماعية في السعودية.

الواقع أن التجارب العالمية في مجال التدخل الحكومي في سوق العقارات ليس جديدا، بل ظاهرة قديمة، حيث كان هناك تدخلات حكومية في عديد من دول العالم عندما تجد أن أهم قطاع حيوي -الذي يستقطع جزءا كبيرا من مصادر دخل وإيرادات السكان- يذهب إلى العقار، ما يعني تضخما يؤثر في باقي مناحي الحياة، حيث يكون هناك تدخل إما من خلال ضبط سقف زيادة أسعار الإيجارات أو من خلال ضخ مزيد من الأراضي والمشاريع السكنية - كما يحدث في السعودية حاليا.

ولعبت الحكومة خلال السنوات الماضية دورًا حاسمًا في توجيه هذه السوق العقارية من خلال سياساتها ومبادراتها المختلفة، وقامت بإعفاء المعاملات العقارية من ضريبة القيمة المضافة بنسبة 15% وتخفيف ضريبة الأملاك، ما أدى إلى زيادة نشاط سوق العقارات السكنية، إضافة إلى إصلاحات اقتصادية أثرت في سوق العقارات في السعودية بشكل كبير أسهمت في زيادة فرص الاستثمار وفق دراسة عقارية لابن عفيف العقارية.

ومنذ إطلاق رؤية السعودية 2030، وهي إستراتيجية وطنية طموحة تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتنمية القطاعات غير النفطية، بما في ذلك القطاع العقاري، أسهمت هذه الرؤية بجعل السعودية مكانًا مغريًا للاستثمارات العقارية. ولعلي هنا أضع ما جاء في دراسة "ابن عفيف" العقارية من أثر لهذه الرؤية في النقاط الآتية:

* تطوير أنظمة تنظيمية للحفاظ على استقرار سوق العقارات، ومنع المضاربة غير المسؤولة.

* الالتزام بالاستدامة البيئية والحضرية، ما دفع عديد من المشاريع العقارية إلى تضمين ميزات وتقنيات مستدامة.

* تبسيط القوانين واللوائح المتعلقة بالاستثمار العقاري لجذب المستثمرين الأجانب، وهذا أدى إلى زيادة الاستثمارات الأجنبية في القطاع العقاري.
* تطوير سوق التمويل العقاري، وتوفير خيارات تمويلية أفضل للمشترين.

* إطلاق الحكومة تأشيرات إلكترونية سياحية دولية في السعودية لتعزيز السياحة في البلاد، وزيادة القدرة التنافسية العالمية، التي أثرت بشكل إيجابي في سوق العقارات في السعودية.

وما قامت به الحكومة خلال الأسابيع الماضية بتوجيهات الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء أكد أن مسألة رفاهية المواطن وتعزيز جودة الحياة أولوية قصوى حتى وإن كان ذلك على حساب حجم النمو في قطاع ما أو حدوث أضرار جانبية قد تطول بعض رجال الأعمال المستثمرين في القطاع العقاري وبعض مؤشراته.

ولا شك أن القرارات الأخيرة المتعلقة بتجميد الزيادات في أسعار الإيجارات السكنية والتجارية في العاصمة الرياض سيسهم في تحسين مداخيل المواطنين، وضبط حجم الاستقطاع الذي يتم من رواتبهم وإيراداتهم الشهرية، وهذا سيسهم في تعزيز المشتريات في قطاعات أخرى، ويساعد على تحقيق نوع من الادخار لدى الأسر، الذي بدأ بالتآكل بسبب ارتفاع أسعار العقارات خصوصا بين سكان العاصمة الرياض البالغ عددهم اليوم نحو 8 ملايين نسمة، فضلا عن منح صغار المستثمرين فرصة للتخطيط السليم لمشاريعهم التجارية والريادية.

بقي التأكيد على أهمية أدوار الرقابة سواء لمنع التجاوزات على هذه القرارات بطرق وأساليب مبتكرة و جديدة قد يلجأ لها المتضررون من مثل هذه القرارات أو حتى في مسألة الأضرار الجانبية التي قد تنتج عن هذا القرار سواء في جاذبية الاستثمار في القطاع العقاري أو ما إلى ذلك، فالحكومة معنية أن تراجع هذه القرارات بين فترة وأخرى لقياس الأثر الحقيقي لها، ومعالجة أي مشكلات تنتج عن التطبيق.

في الختام القرارات تُبرز حرص الحكومة السعودية على كل ما فيه مصلحة المواطن والمقيم وتلمس احتياجاتهم، كما أن الأحكام النظامية تعزز العدالة والتوازن بين المؤجر والمستأجر، وستسهم بلا شك في خفض النزاعات وتسريع الحلول القضائية، وهي مواكبة لأفضل الممارسات الدولية، كما أن هذه القرارات ستخلق سوقًا أكثر ثباتًا وجاذبية، و ترفع من ثقة السوق المحلية وتحسّن سمعتها دوليًا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي