أيقظوا لجنة الأخلاق
فقط في كرة القدم السعودية.. واقع مرير يتجدد كل عام، وعليك أن تتأقلم معه كمشهد تراجيدي ينتهي تأثيره بانتهاء عرضه أمام الحضور، فمن الممكن أن يُصدم الوسط الرياضي بقضية ساخنة يزاح الستار عنها كقضية الرشوة المتداولة هذه الأيام والتي تخدش مبادئ الأخلاق الرياضية، وتعكر صفو التنافس الشريف. وتَكبر القضية شيئاً فشيئاً وتزداد سخونة في وسائل الإعلام والقنوات الفضائية والهاشتاقات التشهيرية التي تجد مادة دسمة للنقد والهجوم على أطراف المشكلة. وبعد كل هذه الضجة القوية، وبدلاً من التحقيق في الموضوع والتثبت من صحة الدعوى ومحاسبة المسيئين، تبرد القضية دون سابق إنذار كبرودة أجواء المربعانية التي تفاجئنا هذه الأيام، وكأن شيئاً لم يحدث، فيوسد الأمر إلى غير أهله، وتحال لجهات أخرى أو تتجه كما هو متوقع إلى غياهب ''الحفظ'' المراد به النسيان!.
وحدها لجنة الأخلاق المعنية بالتصدي وبكل حزم لقضايا الغش والرشوة والتزوير والتلاعب والفساد الرياضي وجميع الممارسات غير المشروعة، لكنها – مع الأسف- ظلت بعيدة عن دورها الحقيقي، ومنشغلة منذ إقرارها بالتطور الدلالي لمسماها ووظائف أعضائها ومهمتها الحقيقية، فبعد أن كان دور لجنة الأخلاق واللعب النظيف ينحصر في اختيار الأندية الفائزة بجائزة اللعب النظيف، وانصراف أعضائها إلى التحليل التلفزيوني وتقديمه على وظيفتهم الأساسية أصبح هناك تطور ملحوظ على مهامها - في نهاية الأمر- يتمثل في تواجدها وبقوة من خلال المصادقة على قرارات لجان أخرى فقط!.
إن اتحادنا السعودي يجب أن يستوعب نقطة مهمة وجوهرية مفادها أن كرتنا ولا سيما في عصر الجمعية العمومية لم تعد بحاجة إلى لجان صورية يضحك عليها المتحصنون بحيلة ''من أمن العقوبة أساء الأدب''، وكل ما عليه أن يستعين بمرجعه الأم الاتحاد الدولي لكرة القدم، الذي جعل لجنة الأخلاق ضمن الهيئات القضائية التي تمارس دورها دون وصاية مستنيرة بقانون ''فيفا'' الأخلاقي الذي يؤكد على رصد جميع المخالفات والممارسات غير المشروعة في الاتحادات الأهلية والأندية، والأهم أن ''فيفا'' نفسه ليس بمنأى عن المحاسبة إذا اقتضى الأمر ذلك.
وليت الرصد يقتصر على ذلك فحسب، فلجنة الأخلاق في الاتحاد الدولي لا يمكن أن تجعل لمثل هذا التدقيق والمحاسبة توقيتاً زمنياً محدداً أو انتقاء لأشخاص، ولعل إصرارها على فتح ملفات قديمة تخص رئيس ''فيفا'' السابق جواوهافيلانج، ومطالبتها الرئيس الحالي بلاتر بالشفافية أو الرحيل، وإقصاء ابن همام خير دليل على صرامة التطبيق وقوة القرار، لردع كل مسيء.
أجزم أن تحقيق النزاهة الرياضية والقضاء على جميع المخالفات غير المشروعة التي تشوِّه وسطنا الرياضي وتسيء إليه بيد لجنة الأخلاق التي يجب أن تعي دورها وتستيقظ من سباتها العميق وتضرب بيد من حديد، فقضايا الرشوة المتكررة، ومشاكل الحكام وعراكهم الفضائي مع اللجنة، وما حدث في الانتخابات وغيرها من القضايا المسيئة يجب أن تكون على طاولتها بعيداً عن أسلوب حفظ القضايا الرياضية الذي يتبع طريقة '' كل واحد يصلح سيارته'' كما هو حاصل الآن والذي لن نجني منه إلا مزيداً من الشتم وتبادل الاتهامات والقذف العلني وتكرار الأخطاء!