هل هيئة السوق هي من يحدد أسعار الأسهم؟

[email protected]

لعل التغير الذي يشهده سوق الأسهم منذ بداية هذا العام أفاد البلد ومواطنيه بفوائد كثيرة لن تبين نتائجها إلا بعد استقرار السوق ومضي فترة من الزمن كفيلة بأن تنسي المتضررين آلامهم وتغير أحوالهم. إن هذه الفترة التي نعيشها الآن كانت آتيه لا محالة والغالبية العظمى من المتعاملين في السوق يدركون في قرارة أنفسهم أن المبالغ الطائلة التي دفعوها لشراء أسهم شركات خاسرة أو شركات لا تربح إلا دراهم معدودة إنما هي مغامرة غير محسوبة ساقهم إليها الطمع وأساطير الثراء التي تتداول في جلسات السمر, ولكن الخسائر التي مُني بها السواد الأعظم من أبناء البلد في هذا السوق لا يمكن أن تُعزى فقط إلى الطمع والجهل والجشع. إن هيئة سوق المال منذ بدايتها كانت معنية بمتابعة السوق والتأكد بأن ما يجري فيه من تداولات هي تداولات حقيقية لا يدخل فيها الغش والتدليس سواء من المتعاملين في السوق أو من إدارات الشركات نفسها, ولذا فإن وجود الهيئة بحد ذاته كان سبباً لدخول الكثير من صغار المساهمين في السوق واعتبار أن ما يجري فيه من تداولات وما ينشأ عنها من ارتفاعات كبيرة لأسعار الأسهم إنما هو أمر طبيعي لا يستوجب القلق، بل هو فرصة سانحة للثراء بأقل مجهود وفي أسرع وقت. إن ما تقوم به الهيئة حالياً من تحديد مسبق لأسعار الطرح الأولي للشركات هو في الحقيقة مثال واضح للخطأ الكبير الذي ترتكبه الهيئة في حق صغار المستثمرين الذين يرون فيها المدافع الرئيس عنهم أمام جشع التجار. إن الهيئة عندما تقر سعراً محدداً لشركة ما, فهي في الحقيقة تُوهم المكتتبين بأن ذلك السعر هو سعر عادل وأن الاكتتاب في تلك الشركة لا يترتب عليه أدنى مخاطرة, الأمر الذي أثبتت الأيام القليلة الماضية عدم صحته وجعلت الكثير من المواطنين يشكّون في قدرة الهيئة على حمايتهم. إن الأولى للهيئة أن تركز جُل اهتمامها على كسب ثقة المواطن في السوق من خلال متابعة الأنظمة والتعليمات والتأكد من صحة ما يعلن من معلومات وملاحقة المتلاعبين بأموال المواطنين سواء كانوا مستثمرين في سوق الأسهم أو مسؤولين في الشركات، وأن تبتعد عن تحديد الأسعار في سوق حر وتدع السوق نفسه هو الذي يحدد سعر الاكتتاب من خلال العرض والطلب, فكل شركة بإمكانها أن تضع السعر الذي تريد للطرح الأولي لسهمها دون أي مساندة أو معارضة من قبل الهيئة وبذلك تكون الهيئة قد قامت بواجبها الحقيقي وهو التأكد من قوة الشركة المطروحة واستيفائها المتطلبات النظامية للطرح وأن تترك السوق يقرر لاحقاً مدى قدرة هذه الشركة على كسب ثقة المستثمرين بمعزل عن مساعدة أو تأييد من الدولة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي