رسالة وطن
لو كان للوطن لسان، لقال الكثير، لمن بنى وأسهم بجهده من أجل أن يجعله جميلا.
ولو كان للوطن لسان، لقال الكثير، لمن تعامل معه كزجاجة عطر، سعى كل جهده لإفراغها من محتواها، ثم ألقى بها على قارعة الطريق.
كل إنسان يحب وطنه بطريقته الخاصة. البعض يرى في هذا الحب حال عشق وهيام يتحول إلى إخلاص وعطاء.
والبعض يرى الحب جسرا يمكن من خلاله أن يهتبل الفرصة تلو الفرصة للأخذ والنهب قدر ما يتيح له الوقت.
هذا الوطن المحبوب، من هؤلاء وأولئك، تتجاور فيه الأطياف والشخوص، الكل يزعم أنه الأكثر حبا، وأن سواه ليس له من هذه المحبة سوى الزعم والادعاء. هي عبارات، ستسمعها كثيرا هنا وهناك، في مختلف أرجاء الرقعة العربية، الكل يتحدث عن الوطن وللوطن. هناك من يتم تخوينه، وهناك من يتم نفي ارتباطه بهذه الأرض أو تلك، منذ أول نقطة خلاف.
سور الوطن العالي، يصبح أطول وأكبر، عندما يتفق كل فرد فيه، أنه مهما تباينت وجهات النظر، فإنه لا يمكن المزايدة على الوطن والمواطن.
إن الأوطان الكبرى، تعلو من خلال تحول هذه الفسيفساء المتنوعة، إلى مصدر ثراء وتنوع، لا محطة اختلاف وشقاق.
لقد شهدت بلدان عربية أخيرا سلسلة من الخلافات، التي كان ولا يزال محورها يدور حول الهوية. وهو السؤال الذي خاضته بلدان أخرى منذ زمن بعيد. الذين نجحوا في تجاوز مأزق الهوية هم أولئك الذين جعلوا من التنوع وسيلة عناق لا شقاق. هذه هي المعادلة التي يحتاج إليها العالم العربي بشدة في هذه اللحظات الحرجة.
كل عام وهذا الوطن شامخ دوما.