التنظيم ليس قطع للأرزاق !!
كنت برفقة احد الزملاء في مدينة الرياض وبالتحديد في طريق الملك عبدالعزيز ,وكما تعلمون حال الزحام في شوارع الرياض يجعلك تتأمل في جميع ما حولك,لوحات المحلات و "الصبات" الخراسانية وحتى أكياس النفايات المتطايرة,فالسرعة في اغلب الشوارع الحيوية في أوقات الذروة لا تتجاوز 20 إلى 40 كم في أفضل الحالات,لذلك تسير بسيارتك وأنت مطمئن بأنك لن تكون صيد ثمين لـ " ساهر" .
في وسط هذا الزحام و ارتفاع حرارة الأجواء ,مررنا بجوار محلات تأجير السيارات التي تقع بالقرب من تقاطع طريق الملك عبدالعزيز مع طريق الأمام محمد بن سعود ,وفي الحقيقة توقعت أن هنالك حادث مروري ضخم في طريق الخدمة ,فالسيارات متجمعة بشكل كثيف تجعل من يسير في مسار الخدمة بالكاد يستطيع أن يسير في المسار الوحيد الشاغر,لكن أتضح لي عندما اقتربنا أكثر أن سبب هذا الزحام ليس حادثاً مرورياً بل كان بسبب سيارات تقف بشكل مزدوج تابعة لمحلات تأجير السيارات ,فعدد المحلات يتجاوز العشرين محل تقريباً,والسيارة التابعة لها تقف خلف بعضها البعض بشكل مزدوج " مخالف مرورياً " أمام مداخل هذه المحلات !!
اطلعت على شروط الحصول على ترخيص نشاط مزاولة تأجير السيارات ,وكان من أهم الشروط هو الموقع ,الذي يشترط وجود مكان مخصص لوقف السيارات الخاصة بالمحل,أو كما يسمى بالعامية " حوش " لهذه السيارات ,لكن ما شاهدته في هذه المحلات هو عدم وجود هذا المكان المخصص لوقف السيارات الخاصة بالتأجير,وهذه مخالفة صريحة للاشتراطات ,وهذه المحلات ليس هي فقط المخالفة بل يوجد في مختلف شوارع الرياض,ومدن السعودية كذلك الكثير على نفس المنوال !!
عندما يخالف النظام شخص أو شخصين فهذا أمر منطقي نوعاً ما ومقبول ,لكن أن يصل العدد إلى قرابة العشرين محل في شارع واحد فهذا دليل على عدم وجود رقابة اصلاً ,وان أصحاب هذه المحلات بالتأكيد حصلوا على التراخيص بطريقة غير نظامية,وإلا لما وصلت هذه المحلات المخالفة إلى هذا العدد !!
كنت أقول لصاحبي هذه المحلات جميعها مخالفة ,وللأسف الرقابة في سبات عميق عنها,قال لي " خل العالم تسترزق الله ,ولا تقطع أرزاقها " ,قلت الله يرزق الجميع ,لكن يا صاحبي " التنظيم لا يقطع الأرزاق ,لكن يجعل الأمور تسير بالشكل الصحيح " .
هنالك نقطة مهمة يجب أن نفهمها جميعاً أن التبليغ على المخلفات التي نراها أمامنا هي ليست نوع من أنواع قطع الأرزاق أو الحسد ,إنما هي محاولة إلى تحسين الوضع المعيشي والشكل العام للبلد الذي نعيش به ,وإذا لم نقوم بالتبليغ عن المخالفات بشكل دائم ومستمر فلن نحصل على وطن حضاري !!
عندما تُشرع القوانين فهي بالتأكيد تهدف إلى التنظيم وحفظ الحقوق ,لكن عندما تغيب الرقابة والمتابعة عن تطبيقها ,تصبح مجرد حبر على ورق ,لا فائدة منها تذكر,وهذا للأسف حال كثير من القوانين لدينا,واكرر لا نفتقر إلى قوانين لكن نفتقر حقاً إلى تطبيق ومتابعة هذه القوانين على ارض الواقع