مختص نفطي: السعودية تحتضن أكبر احتياطي نفطي «مؤكد» في العالم وبيانات فنزويلا غير صحيحة

مختص نفطي: السعودية تحتضن أكبر احتياطي نفطي «مؤكد» في العالم وبيانات فنزويلا غير صحيحة
مختص نفطي: السعودية تحتضن أكبر احتياطي نفطي «مؤكد» في العالم وبيانات فنزويلا غير صحيحة

ارتفعت في السنوات الأخيرة وتيرة الإعلانات عن مخزونات نفطية ضخمة في عدد من الدول المنتجة للنفط، فبعد إعلان فنزويلا المفاجئ بتضاعف احتياطياتها النفطية أربعة أضعاف عن المعدل السابق ليصعد حجم مخزونها من أقل من 80 مليار برميل إلى 296 مليار برميل، تتسابق في الشرق الأوسط كل من العراق وإيران في إصدار أرقام جديدة لحجم احتياطياتهما، وبعد إعلان العراق أن مخزونها من النفط يتجاوز 115 مليار برميل أكدت إيران امتلاكها احتياطيا يبلغ 150 مليار برميل بعد أن كان لا يتجاوز 135 مليار قبل عام.

#2#
وبعد إعلان فنزويلا الأخير تصدرت الدولة التي تنتج ما يقارب ثلاثة ملايين برميل من النفط يوميا دول العالم في حجم الاحتياطي إلا أن تلك المزاعم لم تحظ بمصداقية لدى المختصين.
وأكد الدكتور راشد أبانمي رئيس مركز السياسات النفطية والتوقعات الاستراتيجية أن مزاعم فنزويلا غير صحيحة إطلاقا وأن الأرقام التي صدرت تثير الاستغراب كونها أكبر من أن تكون واقعية كما أنها ظهرت بشكل مفاجئ.

وأوضح أن أرقام الاحتياطيات الحقيقية ظهرت منذ فترة طويلة وكانت نتائج مسح ودراسات عشرات السنين، وإذا كانت هناك زيادات فإنها تكون تدريجية وبنسب قليلة. وأضاف أن الاحتياطيات ليست أرقاما تضعها الدول المنتجة ولكنها بيانات تحددها شركات وجهات متخصصة تضم علماء وجيولوجيين يضعون في الحسبان القدرات والإمكانات التقنية والجدوى الاقتصادية.

وبين أن الدراسات قد أثبتت منذ فترة طويلة أن أكبر تجمع للنفط تضمه الأراضي السعودية وأن آخر قطرة نفط في العالم ستستخرج منها، وأن كل المعطيات المسحية والجيولوجية والفنية والتاريخية والجغرافية تؤكد منذ أكثر من 40 سنة أن الاحتياطي المعلن والمؤكد للمملكة هو الأكبر عالميا. وزاد أن كثافة الإنتاج واستمراريته لسنوات طويلة تدل على حجم الاحتياطيات.

وأشار إلى أن المملكة تضم أكبر حقل نفطي في العالم وهو حقل الغوار الذي تبلغ قدرته الانتاجية خمسة ملايين برميل في اليوم، ويفوق في قدرته الإنتاجية قدرات معظم الدول المنتجة.
وأوضح أبانمي أن المخزون النفطي ينقسم إلى ثلاثة مستويات وهي: الاحتياطي المؤكد، والاحتياطي المحتمل، والاحتياطي الممكن. وقال إن مجموع هذه المستويات تكون أرقاما كبيرة ولكن بهامش خطأ واسع جدا وقد تكون النتيجة الافتراضية أضعاف المخزون الفعلي. ولفت إلى أن الحجم المعلن لمخزون المملكة الذي يبلغ 265 مليار برميل هو مخزون مؤكد ولو تمت إضافة المخزون المحتمل والممكن لتضاعف الرقم أربعة أضعاف.

وبين أن هناك عدة معطيات تؤكد عدم حقيقة الأرقام التي أعلنتها فنزويلا، أهمها أنها أكبر من أن تكون واقعية، كما أن فنزويلا كانت مفتوحة للغرب قبل مجيء الرئيس شافيز إلى السلطة، وكانت تحت أنظار الشركات الأمريكية والأوروبية، وكانت مسرحا لعمليات تنقيب عديدة، فلماذا اختفى المخزون طيلة العقود الماضية ثم ظهر فجأة؟ وأضاف أن إيران أيضا كانت مفتوحة تماما للغرب أيام حكم الشاه وتم في تلك الفترة إحصاء احتياطياتها.

وحول أسباب هذه الادعاءات المفاجئة قال أبانمي إن هذه الدول تحاول من خلالها استقطاب الشركات الكبرى للاستثمار، لأن الاستثمارات النفطية تحتاج مبالغ هائلة أكبر من قدرات هذه الدول، وفي ظل ارتفاع الأسعار فإن هذه الأرقام قد تجتذب الاستثمارات الأجنبية التي تقبل المجازفة أحيانا في الاستثمار في احتياطيات محتملة وممكنة.

وأشار إلى أن بداية المبالغة عن أحجام الاحتياطيات بدأت في العام 2002 و2003 عندما عزمت الولايات المتحدة غزو العراق، وكان الساسة الأمريكيون بحاجة إلى مبررات لهذا العمل العسكري، فعملوا على تضخيم حجم المخزون النفطي العراقي وإظهار العراق بأنه سلة الطاقة العالمية وأن السيطرة عليه ستؤمن مستقبل الطاقة وغازلت بذلك مشاعر المواطن الأمريكي من خلال إيهامه بتخفيض فاتورة الوقود التي يدفعها المواطن. كما أغرت الشركات الكبيرة بامتيازات في العراق بعد السيطرة عليه. وبعد العراق أصبحت المبالغة في حجم الاحتياطيات ظاهرة جديدة تتنافس فيها دول أخرى مثل فنزويلا وإيران وروسيا.

وقال إنه ربما صدق البعض الرواية الأمريكية حول احتياطي العراق في عام 2002 لأن العراق كان دولة مغلقة أمام الغرب قبل الغزو الأمريكي ولم تكن الأمور واضحة ولكن إيران وفنزويلا كانتا مسرحا لعمليات البحث والتنقيب ووصلتهما شركات النفط قبل أن تصل إلى دول الخليج.

وحول أساليب تقديرات حجم المخزون، قال إن ذلك لا يعتمد فقط على كمية الزيت الموجودة في باطن الأرض، بل إن هناك عدة عوامل أخرى تزيد أو تقلل من كمية الاحتياطي من أهمها طبيعة المكامن، وجدوى الاستخراج، وتوافر التقنيات، والعناية بالحقول والحد من الهدر.

وأضاف أن طبيعة بعض المكامن تجعل من الصعب استخراج الزيت، أو أن استخراجه يكون غير مجد اقتصاديا بحيث تكون تكلفة الاستخراج عالية، وما يميز احتياطي المملكة أنه الرقم يحدد كميات الزيت المؤكدة والتقليدية ذات الجدوى الاقتصادية العالية. وتابع ''إن هناك عدة أشكال من النضوب، فبالإضافة إلى النضوب الجيولوجي، هناك النضوب التقني، أي أن التقنية تصبح غير قادرة على استخراج الزيت، والنضوب الاقتصادي، أي أن تكلفة الاستخراج أعلى من القيمة السوقية، وفي حالة النضوب الاقتصادي والتقني فإن الاحتياطي يصبح غير ذي قيمة.

الأكثر قراءة