صناعة النصر
صادق النصر العائد إلى منصات التتويج بعد غياب طويل على نظرية (الكشَّاف الجديد) التي سبق أن نوَّهت عنها في مقال سابق بعنوان: ''صناعة الأبطال''، فبعد أن أصيبت الكرة السعودية بالجفاف الكروي ونضوب المواهب، وعجزت بوصلة الكشافين عن تحديد النجوم الأفذاذ وصناعتهم، كما كان سابقاً، ها نحن في حضرة كأس الأبطال ''المكتشف الجديد'' الذي يتجاوز النسق الفردي الضيق إلى فضاء العمل الجماعي، فمن خلاله تم ترتيب أوضاع العالمي الغائب عن البطولات والمنافسة منذ سنوات طويلة، ليعود محوراً أساسياً ومادة ثرية تسهر حوله الصحف والقنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي وتختصم وتتعصب.
ربيع فارس نجد ليس جديداً في واقعنا الرياضي، بل بدأ ينفذ إلى جسد المنافسة المحلية منذ سنوات عبر بث إشارات تحذيرية للاتحاد والهلال بالتهيؤ لسيناريو الواقع الجديد الذي بدأ يتشكل وترسم خيوطه وملامحه بواسطة المنافسين الجدد الذين استجابوا لنبض أنصارهم وعشق مجانينهم المتلهفين لحماية المنافسة من مشهد الاحتكار المألوف، لذا لم يكن من المستغرب أن نرى على غرار ''نظريات التطوير والتغيير'' واقعاً تنافسياً جديداً يعيد لنا توهج الشباب، ويكتشف لنا أيضاً إبداع الأهلي، وها هو النصر يسير في الطريق نفسه، وينسجم مع هذا التنافس بالتأهل إلى نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين للأبطال بعد غد الجمعة.
قد يكون من المبكر جداً، ومن السابق لأوانه الحديث عن عودة متكاملة وشمولية للنصر، الذي ما زال بحاجة إلى الكثير، ليستوعب ثقافة الانتصارات، ويستعيد لغة المنافسة على البطولات، لكن ذلك لا يمنع من الإشادة بخطوات المجلس الشرفي النصراوي بقيادة الأمير طلال بن بدر الذي جاء في الوقت المناسب، وواءم بين النصراويين وأقرَّ خطة إنقاذ صفراء تتضمن تهيئة البنية التحتية لصناعة مستقبل النصر الجديد.
هذا العمل الجاد استثمرته الإدارة النصراوية جيداً واستوعبت خطواته التنظيمية فتخلت عن كثير من قناعاتها الخاطئة حول الجهازين الإداري والفني السابقين، فكان من الطبيعي أن يقطف النصر ثمار هذا التخطيط بالعودة الجميلة لنهائي كأس الأبطال.
أمام الإدارة النصراوية متطلبات وخطوات مهمة كفيلة باستمرار توهج النصر وتألقه ورسم ملامح مستقبله.
الموارد المالية أبرز هذه الخطوات، واستثمار كأس الأبطال الذي تجاوز صناعة المنافسين إلى أن أصبح ''المسوِّق والاستفتاء الحقيقي'' للحضور الجماهيري سيمنح الإدارة النصراوية الثقة والقوة في التفاوض من جديد مع الشركة الراعية، فمن حق الإدارة أن تتحرّك بناء على كرت التسويق، طالما أن الحضور الجماهيري في هذه المسابقة أصبح يتجاوز الـ 40 ألف متفرج، في مباريات من طرف واحد، ومن جماهير لم تستعد الثقة الكاملة بالفريق بعد!
إذن، لماذا يظل الفريق أسيراً لعقد رعاية حصري ضعيف لا يوازي شعبيته الجماهيرية وتاريخه العريق؟
الإجابة عن هذا السؤال بيد المفاوض النصراوي، وفي ضوئها تتحدد ملامح مستقبل صناعة النصر الجديد وقيمته، وأياً كانت نتيجة المباراة النهائية ينبغي ألا تهدم مشروع عودة الأصفر لمنصات التتويج.. لكن: هل تستثمر الإدارة ذلك؟