شركات الأسمنت: لا جدوى من الاستيراد
اعتبر مسؤولون في قطاع الأسمنت السعودي، أن أسعار السلعة في السوق المحلية "الأقل عالمياً"، وأن أرباحهم المحققة كل عام "منطقية"، مطلقين تساؤلاً خلال حديثهم لـ "الاقتصادية": "هل يرغبون أن نخسر أو تنخفض أرباحنا لنكون الأفضل من وجهة نظرهم.. وهل لو خفضنا الأسعار سيسهم ذلك في تأمين حاجة السوق المحلية؟".
وأكد المسؤولون أن شركاتهم تحقق أرباحاً مثلها مثل الشركات المحلية الأخرى، وأن الميزات التي يحظون بها تعد جزءاً من الميزات الممنوحة أيضاً لشركات أخرى، مبدين استغرابهم من التركيز على قطاعهم، وقالوا: "لماذا كل هذا الحسد.. ليس عيباً أن نربح بشفافية كبقية الشركات السعودية".
وأشاروا خلال حديثهم إلى أن الأهم للجهات المعنية هو توافر السلعة في السوق، قبل الحديث عن أسعار وأرباح شركات القطاع، مدافعين عن موقفهم تجاه ارتفاع أسعار الأسمنت، "أسعارنا ظلت ثابتة أعواماً طويلة رغم تراجع القيمة الشرائية للريال".
وأشاروا الى أن الجهات الرقابية هي المسؤولة عن الارتفاع والتلاعب، وأن مسؤوليتهم "تقف لدى تسليم الموزع الكميات عند باب المصنع".
في مايلي مزيد من التفاصيل:
أكد لـ «الاقتصادية» مسؤولون في شركات الأسمنت السعودية أن أسعار السلعة في السوق المحلية تعد "الأقل على مستوى دول العالم"، وأن أرباحهم التي يحققونها كل عام منطقية، متسائلين: "هل يرغبون في أن نخسر أو تنخفض أرباحنا لنكون الأفضل من وجهة نظرهم ويرضوا عنا.. وهل لو خفضنا الأسعار سيسهم ذلك في تأمين حاجة السوق المحلية".
وأفاد المسؤولون أن شركات الأسمنت السعودية، تحقق أرباحا مثل الشركات المحلية الأخرى، وأن الميزات التي تحظى بها تعد جزءا من الميزات الممنوحة لشركات أخرى، مبدين استغرابهم من التركيز على قطاعهم وقائلين: "لماذا هذا الحسد.. ليس عيباً أن نربح كبقية الشركات السعودية".
وأشاروا خلال حديثهم إلى أن الأهم هو توافر السلعة في السوق، قبل الحديث عن أسعار وأرباح شركات القطاع، مدافعين عن موقفهم تجاه ارتفاع أسعار الأسمنت حيث أكدوا أن أسعارهم ظلت ثابتة طوال أعوام طويلة، وأن الجهات الرقابية المعنية هي المسؤولة عن الارتفاع والتلاعب، وأن مسؤوليتهم تقف لدى تسليم الموزع الكميات عند باب المصنع.
وشكك مسؤولون في قطاع الأسمنت من جدوى استيراد الأسمنت، وبالتحديد الإماراتي، معتبرين أنه سيصل بأسعار مرتفعة لن يقبلها المستهلك، بالنظر إلى رسوم النقل والتأمين وغيرها، في الوقت الذي طالبوا فيه بتشجيع الصناعة السعودية من خلال دعم الصناعات وخطوط الإنتاج الجديدة بالوقود لسد احتياجات البلد.
وأضافوا: "لو أن هناك جدوى من الاستيراد لرأينا عددا كبيرا من المستثمرين يقدمون على ذلك، بدليل أنه لا يوجد أي مستثمر استورد حتى الآن".
وأوضح المسؤولون أن هناك ثلاثة ملايين طن من الطاقة الإنتاجية للمصانع السعودية تعتبر معطلة بسبب نقص الوقود، إلى جانب وجود عجز في الإنتاج مع نهاية العام يقدر بسبعة ملايين طن، مطالبين بأهمية حل معوقات القطاع قبل الالتفات إلى الأمور الأخرى.
ولفت المسؤولون في قطاع الأسمنت إلى أن الشركات تعرضت لأزمات في أعوام مضت ولم تتدخل الجهات المعنية، فيما الآن يتم النظر لأرباحها، مؤكدين أن "السوق يحكمها العرض والطلب، وهذا ربيعنا.. ونستعد لفترة الأرباح السيئة".
وهنا، أكد لـ «الاقتصادية» الدكتور زامل المقرن المدير العام لشركة أسمنت الشرقية ورئيس اللجنة الوطنية لشركات الأسمنت الوطنية في مجلس الغرف السعودية، أن شركات الأسمنت في المملكة لم ترفع أسعارها في السوق المحلية عن الأسعار المحددة لها من الدولة، وأن المشكلة الأساسية في السوق تكمن في عدم وجود السلعة لا الأسعار.
وتساءل المقرن قائلا: "هل لو خفضنا السعر سيساعد ذلك على وجود كميات، كما أن السعر الذي نبيعه من باب المصنع والبالغ 13 ريالاً للكيس يعد الأرخص عالمياً، والدليل على ذلك هو عدم وجود مستوردين للسلعة في الوقت الحالي، ولو وصلت كميات كبيرة فسيهبط السعر مرة أخرى".
وحول ارتفاع أرباح شركات الأسمنت في السعودية، واعتبارها من أعلى أرباح شركات القطاع في العالم قال المقرن: "كأننا الوحيدون الذين نربح.. معظم الصناعات في السعودية تحقق أرباحا كبيرة، وتستفيد من الدعم الحكومي، ونحن جزء منها، كما أن تحقيق الأرباح ليس عيباً، والمهم هو توافر السلعة، وأتساءل لماذا التركيز على شركات الأسمنت وأرباحها، وهل إذا انخفضت أرباحها، وأسعارها سينقذ ذلك السوق".
وتابع: "حين كنا نصدّر ونتنافس في أعوام مضت، وحصلت هناك حرب أسعار في السوق المحلية لم يتدخل أحد، وأؤكد هنا أننا نتمتع بالميزات نفسها التي تحظى بها الشركات الأخرى مثل سابك، وغيرها من شركات البتر وكيماويات والبنوك أيضاً". وفي رده على موضوع شركات الأسمنت الإماراتية وتدني أسعارها التي لا تحظى في الأساس بدعم حكومي مقارنة بالشركات السعودية (تبيعه بـ 11.75 درهم تسليم المصنع)، شكك الزامل في ذلك، وقال:"الإماراتيون يعتبرون خاسرين إذا باعوا بهذا السعر، إضافة إلى أنه مسموح لديهم النزول بالأسعار، وهم الآن يتنافسون ولديهم حرب أسعار، بالنظر إلى قلة الطلب، مقارنة بحجم العرض الكبير، كما أن وصول الأسمنت الإماراتي إلى السعودية سيكلفهم أجور الشحن والتأمين وغيرها، وبالتالي سيصل إلى أسواقنا كيس الأسمنت الإماراتي بسعر 18 ريالاً في أحسن الأحوال".
وتابع: "عندما كان الطلب كبيرا في سوق الإمارات كانت الشركات تبيعه بأسعار لا حدود لها، حيث كانت تبيع الأسمنت بـ 340 إلى 400 درهم للطن".
وعاد رئيس اللجنة الوطنية لشركات الأسمنت في مجلس الغرف السعودية ليؤكد أن أرباح شركات القطاع والأسعار في السوق المحلية "منطقية"، وأضاف: "لماذا هذا الحسد، والتركيز فقط على أرباح وأسعار شركات الأسمنت السعودية. وأؤكد هنا أن لدينا أرباحا في الأساس غير محسوبة، بمعنى أنها موجودة على الأرض، كما أننا في فترة من الفترات اضطررنا أن نبيع الإنتاج بسعر أقل بسبب أزمة الطلب، ولم نستطع في أحيان أخرى حتى البيع بسعر متدن، ولم يساعدنا أحد في تلك الفترة".
وتابع المقرن خلال حديثه: "السوق يحكمها العرض والطلب، والطلب لدينا كبير، وأسعارنا معقولة مقارنة بذلك الحجم، وهذا ربيعنا.. ونستعد لفترة الأرباح السيئة.. ونأخذ أرباحنا بشفافية ونخضع لأنظمة الدولة". وأشار المقرن إلى أن المستهلك كان يهمه خلال الفترة الماضية من الأزمة توافر السلعة بغض النظر عن السعر، معتبراً أن أسعار بيع مصانع الأسمنت في السعودية تقع في نطاق جيد، وأنها لم ترتفع منذ سنوات طويلة على الرغم من زيادة الطلب.
ولفت مدير عام شركة أسمنت الشرقية، إلى أن الاستيراد لن يكون مجدياً في حال وصوله للسوق بأسعاره الطبيعة، وأنه من المفترض أن يكون مجديا للمستثمرين والسوق في حال تم تقديم دعم حكومي له ليتوافر بالسعر المعقول في السوق، أو أن يترك السعر ولا يحدد سقف معين ويكون خاضعا للعرض والطلب، أو أن تقدم الدولة نفسها على الاستيراد وتبيعه بسعره المدعوم.
واعتبر المقرن أن معظم الطلب على الأسمنت في السوق المحلية غير حقيقي، بالنظر إلى أن عددا كبيرا من المستهلكين ممن لديهم مبان تحت الإنشاء عمدوا خلال الفترة الماضية إلى سحب كميات كبيرة قد لا يحتاجون إليها، والسبب في ذلك هو تحوطهم من إمكانية شح السلعة، وهو ما سبب ضغطاً كبيراً على السلعة في الفترة الماضية.
وشدد المقرن على ضرورة دعم صناعة الأسمنت المحلية، والتي أكد أنها تعتبر ثاني صناعة في السعودية من حيث قوة الاستثمارات ونموها، مشيراً إلى أن هذا الدعم يجب أن ينصب على توفير الوقود والتوسع في الصناعة التي اعتبر أنها قدمت فوائد كبيرة للوطن، وشاركت في بناء النهضة العمرانية في المملكة. من جهته، اتفق الدكتور أحمد زقيل الرئيس التنفيذي لشركة أسمنت نجران وعضو اللجنة الوطنية لشركات الأسمنت في مجلس الغرف السعودية، مع ما ذكره المقرن، وأضاف:"ما يقال عن أن أسعار شركات الأسمنت المحلية مرتفعة فهذا كلام غير صحيح، وأؤكد أن أسعار الأسمنت في السعودية تعتبر الأقل عالمياً، ولو كنا نبيعه بسعر باهظ كان من المفترض أن يصلنا الأسمنت المستورد منذ فترة بعيدة، كما أن ذلك المستورد إذا وصلنا فسيباع بسعر مرتفع وسيصل إلى 20 ريالاً للكيس، وفي هذه الحالة فإن المنتج المحلي سيكون هو المفضل، إلا في حال تدخل الدولة من خلال تقديم دعمها للمنتج المستورد".
وفي رده على سؤال «الاقتصادية» المتعلق بتكلفة إنتاج الأسمنت في المصانع السعودية، قال زقيل: "تكلفة الإنتاج لدينا لا تقل عن سبعة ريالات، لكن أضف على هذه التكلفة المصروفات الإدارية، والمصروفات الأخرى التي تعتبر تراكمية وتؤثر في تكلفة الإنتاج، وبالتالي نبيعه من باب المصنع بنحو 13 ريالا، لكن لسنا مسؤولين عن سعر بيع الموزع".
وحول استيراد الأسمنت من الإمارات، أوضح زقيل أن صناعة الأسمنت الإماراتية تعاني في الأساس كسادا بسبب أن الطاقة الإنتاجية أعلى من الطلب، حيث إن لديهم نحو 15 مليون طن فائض. ولفت إلى أن الشركات لديهم كانت في منتصف التسعينيات لديها زيادة في الطلب، وباعت في تلك الفترة إنتاجها بسعر عال، إلى جانب أنها باعت في 2008 كيس الأسمنت بـ 28 درهما، بسبب الطلب الكبير.
وأفاد الرئيس التنفيذي لشركة أسمنت نجران قائلاً: "قياس السوق السعودية على السوق الإماراتية غير منطقي بالنظر إلى أن سوق الأخيرة تعاني كسادا، وفائضا في الإنتاج". وتابع: "نبيع حالياً بسعر 13 ريالاً للكيس، وعند مقارنة ذلك السعر بفترة الثمانينيات الميلادية نجد أنه لا يزيد سوى بنحو ستة ريالات، على الرغم من تراجع قيمة الريال مقارنة بالسابق، واختلاف رواتب الموظفين حالياً عما كانت عليه في السابق". وأوضح زقيل أن الطلب في السوق السعودية على الأسمنت كبير جداً، ويفوق العرض، بسبب المشاريع الضخمة التي لم يحسب حسابها في طاقة مصانع الأسمنت المحلية، مطالباً بضرورة دعم وتشجيع استيراد الأسمنت، وأن يخصص ذلك للمشاريع الكبيرة التي لا تستطيع الشركات السعودية تلبية احتياجاتها. وتساءل زقيل قائلاً: "كيف يتم الطلب من شركات الأسمنت رفع الطاقة الإنتاجية من دون وجود وقود كاف". وفي رده على اعتبار أرباح شركات الأسمنت السعودية الأعلى عالمياً، قال عضو لجنة شركات الأسمنت في مجلس الغرف: "هل يريدون أن يكون ربحنا قليلا أو نخسر ليرضوا عنا، يجب أن يعلم الجميع أن الاستثمارات في صناعة الأسمنت السعودية تفوق 40 مليار ريال، وهي من الصناعات الثقيلة التي كان لها مردود جيد للتطور العمراني في المملكة، ولو لم يكن هناك هامش ربح واستثمار في هذا المجال ماذا كان سيحصل في البلد، بالتأكيد سنلجأ للاستيراد بسعر غال".
وأضاف: "الحكومة في منتصف التسعينيات دعمت صناعة الأسمنت من خلال صندوق التنمية الصناعية، وشجعت المصانع على التوسع لتأمين الطلب المحلي، والاستفادة من الميزات الكبيرة في هذا المجال، ولو لم نستطع أن نكون قادرين على بيع الطاقات الإنتاجية لدينا لعمدنا إلى التصدير لأنه في النهاية سيولد عوائد للبلد والمستثمرين".
وحول استيراد الأسمنت، اعتبر زقيل أن تكلفة الأسمنت المستورد ستكون مرتفعة، بالنظر إلى وجود رسوم تأمين ونقل، وغيرها من التكاليف التي ستصعد بالأسعار، لكنه أكد وجود حاجة ماسة للأسمنت المستورد مع سرعة التحرك في هذا الاتجاه، بالنظر إلى المشاريع الضخمة التي تتطلب كميات كبيرة من السلعة تفوق الإنتاج المحلي.
وأوضح الرئيس التنفيذي لشركة أسمنت نجران أن إنتاج السعودية من الأسمنت يبلغ 52 مليون طن في 2012، وأن الطلب يتجاوز 55 مليونا، في الوقت الذي أشار فيه إلى وجود ثلاثة إلى مليون طن معطلة تكمن في خطوط إنتاج جديدة لم يصلها الوقود وهي: خط أسمنت ينبع الخامس، خط أسمنت الجنوب (تهامة) الثاني، خط أسمنت نجران الثاني، وخط أسمنت الرياض الثاني.
وأضاف: "يعني ذلك أنه سيكون لدينا عجز يقدر بسبعة ملايين طن، وبالتالي سنضطر للسحب من مخزون الكلنكر مع نهاية العام". وشدد زقيل قائلاً: "أسعار الأسمنت في السوق السعودية معقولة، والحديث عن مبالغة الشركات في الأسعار كلام غير منطقي، وغير صحيح، ونحن لسنا مسؤولين عن الموزعين أو العمالة التي تتلاعب في الأسعار. هذه مسؤولية الجهات الرقابية، نحن فقط مسؤولون عن السلعة لحين تسليمها للموزع وبعد ذلك فليس لنا علاقة".