النفط السعودي يتجاوز سقف الـ 10 ملايين برميل يوميا
قالت السعودية أكبر بلد مصدر للنفط في العالم أمس إنها تنتج النفط بأعلى مستوى منذ عقود، وذلك في رسالة واضحة قبل أسبوع من اجتماع مهم لـ"أوبك" بأنها تعتزم الوفاء بطلب العملاء بزيادة الإنتاج إذا اقتضى الأمر.
ونقل عن المهندس علي النعيمي، وزير البترول والثروة المعدنية، قوله: "أنتجنا عشرة ملايين و40 برميلا في تشرين الثاني (نوفمبر)؛ لأن هذا ما طلبه العملاء".
كان مسح أجرته رويترز الشهر الماضي لإنتاج أعضاء أوبك قدر إنتاج الخام السعودي في نوفمبر عند 9.45 مليون برميل يوميا ارتفاعا من 9.40 مليون برميل يوميا في تشرين الأول (أكتوبر) و8.25 مليون برميل يوميا في نوفمبر 2010.
وتجتمع منظمة أوبك في 14 كانون الأول (ديسمبر) الجاري للنظر في سياسة الإنتاج، وتلقى المحللون إعلان الإنتاج السعودي بشيء من التحفظ، وقالوا إن في ذلك إشارة لباقي أعضاء أوبك على أن الطلب مرتفع وينبغي عدم تقييد الإنتاج.
ويقول مسؤولون في "أوبك" إن الأمانة العامة في فيينا ستوصي المنظمة بالاتفاق على سقف للإنتاج يبلغ 30 مليون برميل يوميا للنصف الأول من 2012، وهو أعلى من الطلب المتوقع على نفط أوبك عند 29.9 مليون برميل يوميا في الربع الأول و28.7 مليون برميل يوميا في الربع الثاني.
ومن شأن الاتفاق على مثل هذا السقف المرتفع للإنتاج وهو ما تؤيده السعودية أن يسمح بتكوين مخزونات النفط والمساعدة على كبح أسعار النفط والتي بلغ متوسطها مستويات قياسية هذا العام وبلغ متوسط سعر خام برنت في العقود الآجلة نحو 110 دولارات للبرميل هذا العام وهو مستوى قياسي يقول الخبراء إنه قد يضر بالنمو الاقتصادي العالمي.
وفي هذا الجانب أكد عمرو كردي المتخصص في محاسبية الطاقة أستاذ المحاسبة بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، أن كثيرا من الباحثين والمختصين في مجالات الطاقة والجيولوجية يتخوفون من سيناريوهات انخفاض الإنتاج العالمي للنفط في ظل التناقص الملحوظ في مستويات اكتشاف آبار جديدة للنفط بالطرق الاعتيادية للتنقيب. وقال إن معظم التقارير تشير إلى أن العالم قد وصل أو هو على وشك الوصول إلى قمة المخزون النفطي المتوفر في كوكبنا بشكل عملي وأن معدلات الاستهلاك بدأت أو ستبدأ بالتفوق على معدلات الاكتشاف التاريخية، مشيرا إلى هذه كلها تكهنات في مضمونها ومن الصعب الاستناد إليها.
وأوضح أنه في ظل هذا السيناريو المتشائم، فإن أسعار البترول ستستمر في التصاعد بشكل ثابت، وقد تأتي في المستقبل فترات من الهلع تؤدي إلى ارتفاع غير مسبوق لأسعار النفط لمستويات خيالية، مضيفا أن مثل هذا الارتفاع والقلق العالمي على وجود احتياطي كاف لا يعتبر في مصلحة الدول المصدرة وفي مقدمتها السعودية، وذلك لعدة أسباب أهمها أن زيادة الأسعار ستجعل من مخزونات النفط غير الاعتيادي، والذي تشير التقارير على وجوده بكميات هائلة في الأراضي الأمريكية والكندية والصينية قابل للاستخراج بشكل مجد اقتصاديا، لأن أكبر عائقين في وجه استخدام هذه الأنواع من النفط هو التكلفة الباهظة للاستخراج بالطرق التكنولوجية المتوفرة حالية، إضافة إلى الأضرار البيئية العالية المصاحبة لطرق الاستخراج المتوفرة حاليا.
وبين أن الاستهلاك الحالي لأمريكا يصل إلى نحو 19 مليون برميل يوميا تسعة ملايين منها تقريبا مستوردة من الخارج، الاستهلاك العالمي يصل إلى 87 مليون برميل يوميا، 53 مليون منه آتية من صادرات سلة أوبك، أما الصين فإن معدل استهلاكها الحالي يصل ما بين تسعة إلى عشرة ملايين برميل يوميا، واستشهد عمرو بتقديرات معهد الدراسات الأمريكي (بيكر) التي تشير إلى ارتفاع استهلاك الصين المتنامي وأن يتساوى مع معدل الاستهلاك الأمريكي في 2040. وأوضح أن كل هذه مؤشرات في جوانب جيدة للدول المصدرة للنفط من جهة وتحديات تدعو لشيء من القلق من جهة أخرى لأن ارتفاع الطلب في ظل عدم مواكبته سيضر كثيرا بالدول المصدرة للنفط، كما سيكون له آثار سلبية على الاقتصاد العالمي، الأمر الذي حدا بالسعودية أن تلعب دورا في خلق توازن بين العرض والطلب في العالم.
ولفت إلى أن السعودية تتفهم أهميتها في الاستقرار العالمي وتتصرف وفقا لهذا الدور ويأتي هذا الإعلان ليؤكد بعد نظر السياسة النفطية السعودية، ولاسيما أنها الوحيدة ضمن "أوبك" التي تملك القدرة على التحكم في مستوى إنتاجها النفطي بشكل كبير وهناك مرونة إنتاجية كبيرة تستطيع المحافظة على الأسعار وعلى ردة فعل الأسواق والاستقرار.