هل يتنحى صالح؟

''علي عبد الله صالح خرج من اللعبة السياسية اليمنية.. لكن نظامه لا يزال حاضرا''، هذا ما قاله المفكر والسياسي اليمني الدكتور ياسين سعيد نعمان، في حوار مع صحيفة ''الشرق الأوسط'' في 25 حزيران (يونيو) الماضي، والآن وبعد أن وقَّع صالح على المبادرة الخليجية، واقترب موعد استقالته رسميا، لا يملك المراقب إلا أن يتذكر عبارة نعمان الواقعية ويتساءل: هل يفعلها صالح فعليا ويرحل عن الحكم في بلاده؟ صالح تنحى على الورق عن سدة الحكم، وبدا أنه زاهد في منصب رئيس اليمن، بعد شهور طوال من المماطلة والتسويف، لكن على أرض الواقع لا يزال هو الحاكم بأمره في بلاده ورئيسا للجمهورية وقائدا للقوات المسلحة. عندما تعرَّض صالح لمحاولة اغتيال، كانت التوقعات تشير إلى أن هذه هي النهاية الحتمية له، وأن لحظة خلاص اليمنيين قد اقتربت، فما أن غادر للعلاج حتى ظن الجميع أن توقيع المبادرة الخليجية سيتم خلال ساعات. بقي صالح خارج اليمن لأشهر، فلم يشعر أحد، معارضوه قبل مؤيديه، أنه غادر صنعاء أبدا، فقد كان يدير اليمن من سرير في مستشفى يبعد مئات الأميال عن بلاده، وعندما انتهى من رحلته العلاجية عاد لليمن وكأنه لم يغادر أصلا، قبل أن يقرر طواعية توقيع المبادرة الخليجية، وهو الذي لا يزال يضرب بأطناب قوته في زوايا النظام. من المقرر أن يتنحى صالح، وفق بنود المبادرة الخليجية المعدلة، في 22 من الشهر الجاري، بعد أن يقر مجلس النواب والمعارضة القوانين التي تمنح الرئيس ومن عمل معه خلال فترة حكمه الحصانة من الملاحقة القانونية والقضائية. سيفعلها الرئيس اليمني بالتنحي، فالضغوط الدولية أكبر من أن يعاندها، لكن من قال إنه سيغادر النظام اليمني، فأدواته حاضرة بقوة داخل المؤسسة الحاكمة كما هي المؤسسة العسكرية، وستكون المواجهة حاسمة، وربما صادمة جدا، مع حكومة الوفاق الوطني الجديدة. صالح تنازل عن التواجد في الحكومة، لكنه يملك الأهم، مفاصل الدولة وأركانها. توقعوا مفاجآت غير متوقعة من صالح خلال الفترة المقبلة، أليس هو من قال إنه يحق له أن يشكل جبهة معارضة إذا تنحى عن الحكم؟ ناهيك أنه لن يتخلى عن خيوطه العنكبوتية القوية داخل المؤسسة العسكرية، وهذه الأخيرة لا بد لها أن تظهر ولاءها للرئيس طال الزمان أو قصر. سمُّوها خيانة أو شراء ولاءات، المهم أن جزءا من المؤسسة العسكرية سيظل عصيا عن النظام الجديد في اليمن، وسيكون ولاؤه لشخص واحد فقط، هو الرئيس علي عبد الله صالح. قدر اليمن أن ذكاء رئيسه استغل لصالحه هو وليس لصالح البلاد والعباد. لا يختلف اثنان على الدهاء والمكر والجبروت التي يتمتع بها صالح، فهو الوحيد من الرؤساء العرب الذي يبعد المقربين ويقرب البعيدين، يحطم خصومه السياسيين، كما هم وزراؤه وكبار مسؤوليه. لو لم يبق من جبروت صالح إلا حديثه المسجل بعد ساعات قليلة من محاولة اغتياله، لكفاه دهرا لإثبات صلابته وتمسكه بالحكم. لكن لم يبق إلا نحو أسبوعين لنرى إن كان صالح سيتنحى حقيقة، أم سيكون الرئيس العربي الوحيد الذي يتنحى طواعية، ثم يتحول لصفوف المعارضة قبل أن يعود رئيساً؟!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي