نقطة التحول لسوق العمل السعودية.. حد أدنى للأجور

التقرير الذي نشرته ''الاقتصادية'' يوم الجمعة الماضي عن عدد العاملين في القطاع الخاص ومتوسطات أجورهم يفتح الآفاق والرؤى لوضع حد أدنى للأجور وتحديد نوع المهن حسب الحرفة والجنس ومدى إمكانية إحلال السعوديين والسعوديات فيها، وغيرها من الأفكار التي يمكن الحديث عنها بإسهاب. فالتقرير يشير إلى أن عدد موظفي القطاع الخاص نحو 6.9 مليون عامل بنهاية 2010. ومن ضمنهم 724 ألف سعودي وسعودية. ويصل متوسط أجور مجمل عاملي القطاع الخاص 1293 ريالا بإجمالي 110 مليارات ريال سنويا. ويصل متوسط أجور السعوديين فقط نحو 3476 ريالا. ويبلغ عدد الأميين من الأجانب نحو 954 ألفا، وعدد الأميين من السعوديين نحو 13 ألفا فقط، وبلغ عدد السعوديات العاملات في القطاع الخاص 55 ألف موظفة مقابل 699 ألف موظف سعودي. وهذه المؤشرات بالنسبة لي تعتبر أهم المؤشرات التي يمكن وضع سياسات تساهم في عملية إحلال السعوديين والسعوديات باتباع سياسات مهمة هي من أساسيات حقوق العمل وهي: تحديد عدد ساعات العمل، حد أدنى للأجور، تأمين ورعاية صحية، بيئة عمل ملائمة تتوافر فيها مقومات السلامة والحياة الكريمة.
وإذا ما وضعت وزارة العمل هذه الأساسيات في نظام العمل وشددت على تنفيذها ومتابعتها رقابيا فإنها ستنجح عطفا على العدد القليل من السعوديين الذين يعملون في القطاع الخاص إناثا وذكورا، وعطفا كذلك على عدد الأميين والمهن البسيطة التي يمكن أن يشغرها السعوديون إذا توافرت أساسيات الحياة الكريمة التي استعرضناها سابقا. ولعل الأهم أولا هو في تحديد حد أدنى لأجور السعوديين يتمثل فيما أشارت إليه الحكومة بطريقة غير مباشرة في تبني نحو ثلاثة آلاف ريال لموظفي الحكومة كحد أدنى لأجورهم، وتبني ألفي ريال كبدل بطالة للعاطلين عن العمل، مما يشير إلى أن بالإمكان تبني ثلاثة آلاف ريال للمهن الدنيا كحد أدنى لأجور السعوديين، وتتدرج الأجور إلى الأعلى حسب المهنة مما يسهم في جعل القطاع الخاص نقطة جذب للسعوديين. وإذا ما أضيف إلى ذلك الأساسيات الأخرى التي ذكرناها هنا مثل بدل السكن، والمواصلات، والتأمين الصحي، وعدد الساعات النظامية، وبيئة عمل مناسبة، فإننا نحقق الشق الأهم من توظيف السعوديين والسعوديات في القطاع الخاص.
أما الشق الآخر من المعادلة فهو رفع تكلفة العامل المستقدم. فرغم أن وزارة العمل تعمل في هذا الاتجاه إلا أن جهودها غير ملحوظة. وستكون واضحة إذا ما تبنت حدا أدنى لأجور العمالة المستقدمة التي قد تكون في مستوى السعوديين مما يفشل مهمتها، إذ إن القطاع الخاص سيتجه للاستقدام عطفا على المهارات والخبرات والالتزام الذي يتفوق فيه في الغالب العامل المستقدم. من هنا فإن لا مناص لوزارة العمل إلا بتبني إجراءات لرفع تكاليف العامل المستقدم وفرض شروط قاسية فيما يتعلق ببيئة العمل والتأمين الصحي وساعات العمل وحقوق التأمينات الاجتماعية التي يتلاعب بها القطاع الخاص بطريقته الخاصة. علاوة على ما تبذله من خلال برنامج نطاقات.
لذا فإن بداية العمل بتبني حد أدنى للأجور والإصرار عليه للسعوديين والسعوديات قد تكون نقطة التحول للإحلال، ذلك أن الموظف السعودي سيدرك أن دخله مناسب لتطلعاته مما يدفعه إلى الالتزام والإنتاجية، ومتى ما توافرت بيئة العمل المناسبة، فإنه قد يتحول إلى الولاء للمنشأة التي يعمل فيها مما يحقق الديمومة والاستمرارية، وبالتالي يتلاشى السبب الذي تذرع به أصحاب المنشآت من أن الموظف والموظفة السعودية يغادران بسرعة متى تم تدريبهما وتهيئتهما للعمل والإنتاجية. وأخيرا، يظل التساؤل في مدى إمكانية وضع حد أدنى لأجور السعوديين فقط، دون المستقدمين قانونيا، وهو الأمر الذي لا أستطيع الحديث فيه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي