البيروقراطيات الوزارية وأهداف الدولة
<a href="mailto:[email protected]">Bader1001@yahoo.com</a>
لا يبدو أن التوجه الحكومي إلى الانفتاح الاقتصادي ودعم القطاع الخاص السعودي قد لقي آذانا صاغية لدى العديد من الوزارات والهيئات الحكومية ذات العلاقة المباشرة بهذا القطاع. إن أولى الوزارات المعنية بهذا التوجه هي وزارة التجارة والصناعة التي ما زالت تعمل بنفس الأسلوب ونفس الوتيرة التي تعمل بها منذ عشرات السنين. إن أول ما تستقبل به الوزارة أي طلب لتسجيل مؤسسة أو شركة هو سلسلة من الطلبات البيروقراطية التي اخترعت من قبل الوزارة قبل وصول الحاسب الآلي، ناهيك عن عصر الإنترنت الذي لا يزال في غياهب المستقبل بالنسبة للوزارة. لقد كانت الأنظمة والمتطلبات التي تفرضها الوزارة على طالبي التسجيل في الماضي أنظمة يمكن تبريرها لانعدام بدائل التقنية، ولكن وجودها والعمل بها الآن لا يمكن تبريره. إن إجبار طالبي التسجيل على الإعلان في جرائد لم تعد مقرؤة ولفترة زمنية طويلة تضاف إلى فترات زمنية أخرى ليس إلا إصراراً من قبل الوزارة على تجاهل توجه الدولة الهادف إلى الرفع بمستوى الخدمات الحكومية لكي تفتح المجال أمام البلد لاستقطاب الاستثمارات الداخلية والخارجية, كما أن تأخر الوزارة في البت في طلبات إنشاء الشركات يعتبر أول خطوة في رحلة المعاناة التي يقوم بها أي مستثمر, خاصة الذين تتطلب تجارتهم المرور بوزارات أخرى. إن سياسة وزارة العمل على سبيل المثال الرامية إلى الحد من استقدام العمالة الأجنبية دون أن تأخذ بالاعتبار الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي نعيشها, تتسبب في إضاعة الكثير من فرص الاستثمار التي يمكن للمواطنين توجيه مدخراتهم إليها. إن السعودة لا يمكن أن تتحقق بتطبيق نسب أو إيقاف تصاريح, بل يجب أن يكون لدى الوزارة خطة شاملة للرفع من مستوى الأيدي العاملة الوطنية ووضع الأنظمة والقوانين الخاصة بتقنين الحد الأدنى للأجور الذي تعارضه الوزارة. إن تدخل الوزارة أيضاً في عملية إصدار تأشيرات زيارة العمل بالاشتراك مع إدارة الجوازات يعتبر من أهم ألأسباب ألتي تحد من تطور القطاع الخاص والاستفادة من الخبرات العالمية, كما أن ذلك يؤثر تأثيراً سلبياً مباشراً في قطاع الضيافة من خلال توجه الكثير من الشركات المحلية إلى عقد اجتماعاتها ومعارضها في الدول المجاورة وبالتالي حد ذلك من نمو هذا القطاع الذي هو أحد المجالات المهمة في توظيف الشباب السعودي. إن الأمثلة على تعارض التعليمات الوزارية مع التوجه العام للدولة كثيرة لا يتسع المجال لحصرها, ولكن مجلس الشورى يجب أن يكون هو الجهة المسؤولة عن عدم وجود هذا التعارض من خلال متابعة التعليمات التي تصدرها الوزارات ومقارنتها بأهداف الدولة وتطلعاتها.