ثالوث المحبة
فقر .. جهل .. تناحر!
.. نعم ذلك ما كان سائداً في النصف الأول من القرن الماضي في غالبية رقعة الجزيرة العربية، ففي المنطقة الواحدة وفي رقعة صغيرة جداً تجد القبائل تُغير على بعضها البعض، والقرى تكيد لبعضها بعضا، والإنسان ينظر إلى ما في يد أخيه، عذره في ذلك ضيق الحال وعدم الجِدَة.
ثالوث شرذم اقتصادهم وقوّتهم وحياتهم، وكانت طبيعة الحال تقتضي خروجا مخلصا لهم من هذه الدوامة التي تعصف بهذه الرقعة الواسعة من جزيرة العرب.
في مثل هذا اليوم قبل 81 عاماً بزغ نجم جديد على الخريطة السياسية العالمية، كيان اسمه المملكة العربية السعودية بقيادة فارس فذٍّ هو المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، الذي بذل سنوات عمره في لمِّ شمل هذا الوطن وتضميد جراحه النازفة عمراً، زرع الألفة من جديد بين أبنائه، حتى عاد ثالوث الرعب ثالوثاً للمحبة، فتبدل الفقر غنىً والجهل معرفة والتناحر تلاحماً.
فكان هذا الكيان - بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بحنكة هذا الملك القائد يتبعه رجالٌ مخلصون - قائداً للعالم الإسلامي، يُعنى بأشقائه ويأخذ بأيديهم ويعمل عمل الإطفائي، في محاولة نزع فتيل الأزمات عندما تشتعل بينهم، ومؤثراً في الساحة السياسية العالمية في العمل على نشر السلم وثقافة التسامح من خلال مؤسساته الدولية، فلا تستطيع أن تقرأ خريطة العالم اليوم من غير أن تجد دوراً للمملكة سواءً من ناحية سياسية أو اقتصادية.
فالعالم يحتاج إليها كونها في قلب منطقة غير مستقرة عانت حروبا كثيرة وقلاقل سياسية، كان للمملكة دور كبير في إخماد بعضها والتقليل من آثار بعضها الآخر.
كما بات العالم في حاجة أكبر إليها من الناحية الاقتصادية، كيف لا وهي أكبر مَصدرٍ لنفط العالم، وقد تعد الوحيدة التي تملك طاقة إنتاجية فائضة تسد أي نقص يحصل في إمدادات الطاقة، ورغم هذه الميزة الكبيرة إلا أن بلد السلام لم يستخدمها إلا فيما يفيد البشرية، والشواهد على ذلك معلومة لدى الجميع.
ثالوث المحبة، ذلك ما تتميز به مملكة الإنسانية على الصعيد المحلي والإقليمي والعالمي.
فنتذكر هذا اليوم من كل عام ونحن نترحم على آبائنا وأجدادنا الذين قدموا ملحمة في كيفية التضحية وبذل الذات رخيصة في سبيل بناء وطن أشم، يقوده بناة أشمّاء رحماء فيما بينهم وبين شعبهم.
فدمت وطن الإنسانية ودام قائدك خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عزيزاً أبيّا.