طوارئ: زوجتي حامل وعلى وشك الوضع
اتصال أو زيارة من زوج أو قريب لامرأة حامل بشكل يوحي بالاستعجال (الحق علينا يا دكتور، الفزعة، زوجتي أو أختي ..... على وشك الوضع، في آخر الشهر التاسع، ما ندري وين نروح..، ومستشفاكم مرة زينة...، الله يجزاك خير دبرنا ...، ......). يتكرر هذا الأمر كثيرا بنفس السيناريو، حيث ينجح البعض في مساعدتهم أحيانا، ويفشل أحيانا أخرى. وهذا يولّد زيادة في الطلب وتزاحما على بعض المستشفيات دون غيرها لأسباب حقيقية أو وهمية، مثل الطلب المتزايد على مدينة الملك فهد الطبية ورفض العناية في المستشفيات الأخرى بحجة عدم الكفاءة أو سوء الخدمة أو جميعهم في مدينة الرياض، وأعتقد أن مثل هذا الأمر يحدث في المناطق الأخرى، ولكن لماذا يحدث هذا الأمر وأين مكمن الخلل؟
يرجع هذا الأمر إلى أسباب توعوية عدة، اجتماعية، طبية يشترك فيها الزوجان والأهل، والجهات الصحية العامة والخاصة.
تبدأ هذه الحالة ما قبل الحمل (قبل الزواج، أي الأسباب التي يشترك فيها الزوجان والمجتمع) مع قلة التوعية الصحية المتكررة الخاصة بالحمل والولادة، حيث يدخل الزوجان إلى القفص الذهبي بدون أو مع القليل من الثقافة الصحية الخاصة بالحمل والولادة، حيث كان هذا الأمر يتم عن طريق الأمهات والجدات والقريبات ومع انقراض هذه الفئات ضاعت الخبرات المتوارثة، خاصة مع استقلال العائلات الجديدة في بيوت خاصة، تفتقد تعدد الأجيال في البيت الواحد، كما كان سابقا، فيتم الحمل دون تخطيط مسبق من قبل الزوجين اجتماعيا ونفسيا وطبيا. يبدأ الزوجان بعد الحمل بفترة معينة بطلب العناية الصحية ومتابعة الحمل من القطاع الخاص أو العام، ويغفلان أمر مكان الولادة إلى نهاية الحمل، حيث تبدأ رحلة البحث الطارئة لمستشفى مناسب لعملية الوضع. ويدخل في هذا الأمر أمور عدة، منها انطباع الزوجين ومن يستشيران عن مستشفيات النساء والولادة من حيث جودة وخدمة وأخلاق الطاقم الطبي والطواقم المساندة وجودة المباني والسمعة العامة ونوعية الخدمات الفندقية المتوافرة. مع هذا كله يضطر العديد من الحوامل للولادة في أقرب مستشفى حكومي أو خاص وبغض النظر عن ما كانوا يريدون سابقا، كما ينجح البعض في تمكين الزوجة من الوضع في المستشفى الذي ترغبه.
أما بالنسبة للجهات الصحية العامة والخاصة؛ فقد نجح العديد منها في مجال العلاقات العامة وخدمة العملاء، حيث الطلب عليها عالٍ جدا والتزاحم عليها شديد ويفوق طاقتها الاستيعابية، لكن العديد من مستشفيات القطاع العام يوجد لديها الخدمة والعناية المطلوبة (متكاملة أو يعتريها بعض النقص) ولكن تفتقد لأمور عدة، منها، قلة الاهتمام بعلاقات المرضى (خدمات العملاء) والخدمات ذات القيمة المضافة مثل التثقيف الصحي، الخدمة الاجتماعية (ذوات الحاجات المادية والطبية النفسية والعضوية) وتوفير الأجهزة الطبية المساندة، الخدمة الفندقية (أثاث وديكور غرف وأجنحة الولادة الخ)، مع سوء أو قلة جودة المباني وغرف المرضى والولادة، عدم توافر أو عدم كفاءة بعض الخدمات والتخصصات الطبية (مثل حضانات الأطفال ورعاية ما بعد الولادة وغيرها).
ولحل أو البدء في حل هذه المشكلة يلزم القيام بأمور عدة، زيادة الاهتمام بخدمة العلاء من المواعيد والاستقبال مع حسن الخلق (مع توفير تدريب جدي مناسب في مجال التواصل والمعاملة، متكرر، لكل من يقابل المرضى من موظفين وطاقم طبي وإداريين ومستخدمين). أيضا، تبديل وترميم وتحسين الديكور الداخلي والاهتمام بالأثاث الطبي وكل ما يخص المرضى، بحيث يكون المكان والإنسان مستقبلا ومرحبا بالمرضى من الحوامل وغيرهم. التوعية الطبية المستمرة لفترات ما قبل الزواج وخلال الزواج، وما قبل وخلال فترة الحمل، ومراحل الحياة الأخرى. وأخيرا توفير الخدمات الطبية والتخصصات الناقصة مع توفير الدعم اللازم لها، بالإضافة للدعاية لها بحيث يكون الحال يصدق المقال، مع النظر في شبكة الرعاية الصحية هل هي مترابطة أم لا؟؟
وكما قيل: الجود من الموجود، وكل إناء بما فيه ينضح.