"الصوت العالي لا يوصل إلى نتيجة"

<a href="AL-Yousef [email protected]">AL-Yousef [email protected]</a>

استخدام الصوت العالي والصراخ ليس دليلا على قدرة المعلم أو المحاضر أو خطيب الجمعة وتمكنه مما يقول واستطاعته أن يوصل ما يريد إلى المتلقي. بل بالعكس عندما يكون الكلام بصوت معقول هادئ فإنه أقدر على الوصول إلى قلوب المستمعين. عندما ترى أو تستمع إلى معلم تكاد تتقطع حباله الصوتية من شدة الصراخ فليس ذلك دليلا على أنه معلم ناجح بل يدل ذلك في معظم الأحيان على أن هذا المعلم لا يملك الشخصية المقنعة للطلبة ولا يملك أيضا المعلومات التي قد تُفيد الطلبة فيغطي هذا النقص برفع الصوت والصراخ. وهذا ينطبق أيضا على من يُلقي محاضرة وبواسطة ميكروفون فيه ست سماعات أو أكثر ومع ذلك تسمع فحيحه من شدة رفعه لصوته وهو يعتقد أنه بهذه الطريقة المزعجة والصراخ وخفض الصوت ثم رفعه وتشكيل نبرات الصوت سواء في الآيات القرآنية أو الأحاديث سوف يستطيع أن يشق أفئدة الحضور أو المستمعين ليُدخل ما يقوله فيها. ولا يعلم أنه بهذه الطريقة يُنفر الناس من حضور أو مستمعين من الإنصات إليه أو فهم ما يقول بل وعدم حضوره مرة ثانية بسبب ما أصاب آذانهم من الأذى.
كذلك خطيب الجمعة الذي يملأ المسجد والمنطقة المحيطة به على مسافة خمسة كيلو مترات بصوته العالي وكأنه يعاقب الحاضرين على حضورهم والمحيطين بالمسجد من سكان المنازل كل هؤلاء لا ذنب لهم سوى أن هذا الخطيب ليس في جعبته كلام مفيد ولهذا فهو يغطي نقص حصيلته في هذا المجال برفع الصوت والصراخ وكأنه يؤدب المصلين الذين يرى أنهم لا يتأدبون إلا بالصراخ فيهم وكأنهم أطفال أشقياء. بعكس عشاق الصراخ نجد المعلم والمحاضر والخطيب الهادئ الذين تنزل كلماتهم كالبلسم على المتلقي فتدخل القلوب وتسكن الفؤاد وتُؤتي النصيحة ثمارها. وكم تسبب معلم أو محاضر أو خطيب في تنفير الطلاب أو المستمعين أو المصلين منه. وأخص في هذا المقام خطباء الجمعة، حيث إنهم يخاطبون شرائح مختلفة من المجتمع فيها كبير السن والعالم والدكتور وخريج الجامعة وطالب المدرسة والأمي فلماذا لا يكون خطابهم لهؤلاء الناس فيه مراعاة لمشاعرهم ومحافظة على أحاسيسهم؟ فهم في لحظات خشوع تتطلب السكينة والهدوء وأن تكون كلمات الخطبة تخرج من قلبه لتصل إلى قلوبهم لا أن تخرج من الحبال الصوتية فتضيع في فضاءات المسجد والميكروفونات والصدى وبدلا من أن تدخل إلى أذانهم لتصل إلى قلوبهم. تجرح أسماعهم وتؤذي أحاسيسهم نظرا لارتفاع نبرة الصوت خاصة إذا كانت تلك الخطبة معظمها وعيدو تهديد ودعاء بالويل والثبور وعواقب الأمور. فخطبة الجمعة ليست فرصة للخطيب لكي ينتقم ممن يعاديهم على حساب حاسة السمع لدى المصلين. بل ينبغي على الخطيب أن يرفق بالمصلين في المسجد وبسكان المنازل المحيطة بالمسجد سواء بخفض الصوت أو بانتقاء ألفاظ الخطبة بحيث تكون هادفة تعالج مشاكل الناس الحياتية وترك الألفاظ الجارحة سواء من يخالفنا في الدين أو المذهب بل ينبغي الدعاء لهم بالهداية لا الدعاء عليهم. ولذلك على خطيب الجمعة أن يدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والحكمة هي الهدوء وعدم رفع الصوت. والموعظة الحسنة هي انتقاء الموضوع والأسلوب والجمل والألفاظ الحسنة الجميلة التي لا تؤذي أسماع المصلين أو المستمعين خارج المسجد فكم من خطيب فقد المصلين في مسجده وأجبر السكان على إخلاء منازلهم إلى الأبد أو على الأقل وقت الخطبة بسبب صراخه المزعج وكلماته القاسية.
نسأل الله الهداية لنا ولهم.

شقراء
فاكس\\ 016220848

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي